لبنان: دماء في طرابلس... وفتح الطرقات الثلاثاء

عون يرهن تعديل الحكومة أو استقالتها بهدوء الشارع و«حزب الله» يحسم موقفه باعتبار الحراك مؤامرة

نشر في 27-10-2019
آخر تحديث 27-10-2019 | 00:05
متظاهرون يسدون طريقاً على «جسر الرينغ» وسط بيروت أمس (أ ف ب)
متظاهرون يسدون طريقاً على «جسر الرينغ» وسط بيروت أمس (أ ف ب)
أمهلت السلطة اللبنانية نفسها إلى بعد غد لفتح الطرقات التي يغلقها المتظاهرون لليوم العاشر على التوالي. ونفّذت القوى الأمنية، أمس، اختباراً كان من المقرر أن يكون «ناعماً» لفتح الطرقات الأساسية، دون كثير من الأضرار، إلا أن الأمور في طرابلس توترت بعد سقوط جرحى برصاص الجيش.
واصل المتظاهرون في لبنان، أمس، النزول إلى الشوارع وقطع الطرقات للمطالبة برحيل الطبقة السياسية لليوم العاشر على التوالي، في تحدٍّ للسياسيين والأحزاب ومناصريهم، غداة خطاب للأمين العام لـ "حزب الله" حسن نصرالله حذر فيه من "الفوضى" و"الانهيار" في حال فراغ الدولة. ويبدو أن القوى الأمنية اتخذت قرارا "ناعما" أمس بمحاولة فتح الطرقات من جديد في أكثر من منطقة، إلا أنها عادت وانسحبت أمام تصميم المواطنين على البقاء حيث هم، في حين شهدت منطقة البداوي (الشمال) عملية إطلاق نار من الجيش على المتظاهرين أثناء محاولته فتح الطرقات بعد أن كان المواطنون افترشوا الطريق مطالبين بإسقاط النظام. وأفادت المعلومات الأولية بوقوع 6 جرحى.

اجتماع أمني

وفي محاولة لإيجاد حل للواقع على الأرض، عقد اجتماع في قيادة الجيش– اليرزة، صباح أمس، ضم قادة الأجهزة الأمنية لمناقشة الأوضاع الراهنة في البلاد في ضوء استمرار التظاهرات وقطع الطرقات. وتشاور المجتمعون في الإجراءات الآيلة إلى تسهيل حرية تنقل المواطنين على الطرقات الحيوية، وحفظ أمن المتظاهرين وسلامتهم.

وقالت مصادر متابعة، إن "الاجتماع درس خطة فتح الطرقات وتوزيع المهام بين الأجهزة الأمنية. وقد تمّ الاتفاق خلاله على ألا تقتصر مهمّة فتح الطرقات على الجيش وحده بل على تعاون الأجهزة كافة ميدانيّاً ولوجستيّاً.

ولفتت إلى أن المشاركيت اتفقوا على أن يتمّ فتح الطرقات من دون استخدام القوّة"، مشيرة إلى أنه "يتمّ العمل على إنجاز فتح الطرقات قبل صباح الثلاثاء المقبل".

محاور

وحاولت القوى الأمنية، أمس، فتح أبرز المعابر المقفلة وهي: "الشيفروليه" و"الرينغ" وجبيل والعقيبة إلا أنهم قوبلوا برفض المتظاهرين فتح الطريق وإصرارهم على الاستمرار في اعتصامهم بشكل سلمي. وذكرت "الوكالة الوطنية للإعلام"، أمس، ان "الحياة في مدينة صور شبه طبيعية وهادئة وسط تدابير أمنية مشددة يتخذها الجيش والقوى الأمنية حيث عملا على فتح المسارب المؤدية إلى المدينة، في حين لا يزال الطريق عند دوار كفررمان في الجنوب مقفلا مع فتح مسرب واحد لتسهيل حركة المرور".

وأضافت الوكالة ان "الحياة عادت الى السوق التجاري في مدينة (صيدا) في الجنوب، حيث بدأت المحال والمؤسسات التجارية بفتح أبوابها في الوقت الذي يستمر فيه الاعتصام المفتوح وسط المدينة وإغلاق الطريق".

«الحرّ» في الشارع

إلى ذلك، نفذ ناشطون في "التيار الوطني الحر" ومناصرون له وقفة تضامنية أمام قصر العدل في الجديدة، أمس، دعما لمواقف رئيس الجمهورية ميشال عون ولخريطة الطريق التي أطلقها لمكافحة الفساد، من خلال إقرار قانون محاسبة الفساد ورفع الحصانة، ورفع السرية المصرفية. ورفعوا الاعلام اللبنانية وصورا للرئيس عون مطلقين هتافات "كلن يعني كلن ونحنا مش منن" و"الله لبنان عون وبس".

وأكدوا ان "المطالب التي يرفعها المتظاهرون طالبوا هم بها من قبل، لكن اللجوء إلى الشارع خطأ"، داعين الى "توحيد الساحات والى التظاهر أمام مجلس النواب وليس على الطرقات واقفالها"، معتبرين أن "المحاسبة يجب أن تتم في القضاء لا في اقفال الطرقات وتعطيل حياة المواطنين".

وناشدوا الجيش "فتح الطرقات لإعطاء الحق لمن يريد الذهاب إلى عمله"، ثم انطلقوا بمسيرة وجابوا شوارع الجديدة مطلقين هتافات داعمة للرئيس عون، ووصلوا إلى نهر الموت، في وقت أفيد بأن المتظاهرين في جبل الديب استنفروا بعدما علموا باحتمال وصول المسيرة "البرتقالية" إلى المنطقة.

نصرالله

في موازاة ذلك، وللمرة الثانية في أقل من أسبوع، رسم الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله، أمس الأول، خطا أحمر عريضا حول الحكومة متمسكا ببقائها. ووضع "لاءات" أخرى أيضا، قائلا، في خطاب خصّصه لاستعراض التطورات الداخلية المتسارعة بعد اندلاع ثورة "17 تشرين": "لا نقبل لا بالفراغ ولا بإسقاط العهد ولا باستقالة الحكومة ولا بانتخابات مبكرة لأنها معقدة".

اللافت للانتباه، هو ان حزم نصرالله هذا، أتى فيما كانت تتكثف المفاوضات بين مكونات السلطة كلّها، وعلى رأسها الرئيس عون ورئيس الحكومة سعد الحريري، للتوصل الى مخرج ما، يمكن ان يضع حدا للثورة.

وقالت مصادر متابعة محسوبة على "حزب الله"، أمس، ان "نصرالله بدا في موقفه المتشدد، المصرّ فيه على بقاء الحكومة الحالية، كأنه يوجّه رسالة الى شركائه فيها، وعلى رأسهم الرئيس عون وتيار المستقبل، يقول فيها إنه يضع فيتو على أي توجّه نحو تغيير الحكومة الراهنة، مبلغا اياهم انه لا يوافق على ما يسمع من حلول ومخارج قد تنطلق من استقالة الحكومة".

وأضافت: "يصرّ حزب الله على ان ما يجري في ساحات لبنان من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب يأتي في سياق المؤامرة التي بدأت في شوارع بغداد ويُراد لها ان تصل إلى لبنان".

وتابعت: "الحراك الذي بدأ منذ عشرة أيام وأقرّ السيد نصرالله بأحقية المطالب المعيشية التي رفعها، انحرف عن مساره المطلبي ليتحوّل الى مخطط أهدافه بعيدة كل البُعد عن لقمة العيش كما يُنادي المتظاهرون".

وأكدت المصادر أن "بوصلة الحراك تغيّرت وباتت وجهتها مغايرة لمطالب الجوع ومحاربة الفساد المُحقة"، متسائلة: "أين شعارات الاصلاح وتأمين لقمة العيش كما نادى بها المتظاهرون في بداية الحراك".

واعتبرت ان "شعارات الحراك اصبحت طائفية لها علاقة بأجندة سياسية يتم تنفيذها مع دخول الخارج على خطّها"، مضيفة: "نأمل ألا يكون نموذج العراق في طريقه الى لبنان، لان المُحرّك نفسه من بغداد الى بيروت".

ولفتت الى ان "رفض دعوة الرئيس عون الى الحوار بالتزامن مع الاصرار على شعار إسقاط النظام سيؤدي الى الفوضى، خصوصاً أن ما يحصل على الطرقات من إقامة حواجز وطلب بطاقات الهوية يُعيدنا الى مرحلة عام 1975. فهل هذا هو الاصلاح الذي يطالبون به؟".

بعبدا

وكشفت مصادر مقربة من الرئيس عون أن "اجواء المشاورات التي تجري مع قصر بعبدا تدل على أن الرئيس عون يرهن أي خطوة تتعلق بالوضع الحكومي بفتح الطرقات والامتناع عن اقفالها، وان اجتماعه مع الرئيس الحريري (الجمعة) لم يخلص الى نتيجة عملية".

وأضافت المصادر ان "الحريري اكد في اجتماعه مع عون اولوية الحلول السياسية، وان المشاورات يجب ان تركز على اعادة النظر بالوضع الحكومي واعطاء الاولوية لهذا الملف، وان دور القوى الامنية والعسكرية ينحصر بحق التظاهر والتعبير عن الرأي وحق التنقل بعيدا من اي مواجهات، مشيرة الى أن "الساعات الـ 48 المقبلة ستكون حاسمة بشأن التوجهات التي يعمل عليها قصر بعبدا".

جعجع

في السياق، غرّد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، أمس، عبر "تويتر"، قائلا: "تسعة أيام وأكثر من نصف الشعب اللبناني في الشوارع يصرخ ولا من يسمع ولا من يتجاوب. هل من فضيحة ولا مبالاة وانقطاع مع الناس أكثر من ذلك؟".

back to top