مجتمع التواصل السلبي

نشر في 25-10-2019
آخر تحديث 25-10-2019 | 00:03
 خالد العارضي مجرد فتح مواقع التواصل الاجتماعي، وأنت في كامل سعادتك، لتبدأ يومك الجديد بالبحث عن معلومات مفيدة وأخبار محلية ودولية مهمة فإنك تصدم بذوق ما يسمى "مجتمع التواصل السلبي" في شبكة الإنترنت والمواقع الإلكترونية. فهناك من يذم القطاع الصحي، وهناك من ينتقد التعليم، وآخر يتحدث عن سلبيات الناقل الوطني، وهو ما يجبرك على الابتعاد بعيداً عن ذلك بسرعة، لتدخل صفحات الفيديو، فتجد أحد المواطنين يقوم بتصوير أماكن وشوارع شبه خالية من السكان أو الحياة، ويقول "حسافة عليج ياكويت"!! والردود تحتها عويل وبكاء وصراخ، فتهرب منهم كالصاروخ لتجد نفسك في موقع آخر ينتقد الكويت انتقادا حادا، ويمجد دولاً أخرى، وبعدها سيل من التعليقات ما بين تأييد وتصفيق وتهليل. ثم تبتعد مفزوعاً لتبحث عن كلمات دالة عن صحة المعلومات لترى إشاعات تحترق في التواصل الاجتماعي ما بين تحليل ووصف، فتحدث نفسك لثوان هل هم خبراء أو علماء؟! وعندما تبحث عنهم تجد أن معظمهم لم يصل إلى المرحلة الجامعية أصلاً، وأمامهم مسيرة أعوام حتى التخرج، والنتيجة المؤسفة في النهاية أن ثلث المتابعين من أرباب البيوت والموظفين والعاملين وأصحاب الرأي العام مصدقون لهذا الحديث، ومبتعدون كل البعد عن مصادر المعلومات المعتمدة من جهات الدولة الرسمية!

تقوم بعدها سريعاً في البحث عن موقع إخباري لديه رخصة من وزارة الإعلام لتبحث عن موضوعات ذات فائدة كبيرة بعيداً عن الإشاعات فتجد أن هذه المواقع صبغت المجتمع سلبيا بتناول موضوعات تافهة لا تقدم المشكلات والحلول والعلاج، بل نراها تصب الزيت على النار في إشعال البلبلة وإثارة النعرات وتقسيم المجتمع! وهناك أيضا ما لفت انتباهي في تعمد تشويه صورة بناتنا في أحد المواقع بوضع صورة الكويتية وهي تبحث عن زوج تاجر يحب السفرات، وأخرى تسأل: هل تؤيد أن تتزوج حضرية أم بدوية؟! وأخرى هل تصادق شيعيا أو سنيا؟! وتتبادر إلى ذهني أسئلة كثيرة حول من يدير الموقع، ومن رخص له، وهل هناك شروط أو بنود لهذا الترخيص تلزمهم بالحفاظ على الهوية الوطنية؟!

ثم تقوم بسرعة بإغلاق الهاتف وقد تغيرت ملامح وجهك بسبب كمية السلبيات التي تناولتها خلال تصفحك لدقائق على مواقع التواصل السلبي، لتتأكد أن المجتمع أصبح سلبيا لا يطاق.

وعند تركك للعالم الافتراضي والعودة إلى المجتمع الحقيقي الذي تراه ويراك تسمعه ويسمعك وتناقشه ويناقشك وتتبادل الحديث والمعلومات معه بكل جدية تحس بقيمة المجتمع الإيجابي الذي لم يتغير، وأنه ليس كما رأيته في المواقع الافتراضية التي من الممكن لطفل صغير أن يقود مجتمعاً من العقلاء من خلالها.

back to top