الإحباط يصيب أسواق النفط العالمية بسبب جمود الأسعار

«الطاقة الدولية» تخفّض توقعات نمو الطلب على الخام خلال العامين الحالي والمقبل

نشر في 15-10-2019
آخر تحديث 15-10-2019 | 00:00
No Image Caption
يعد التراجع الحالي في إنتاج النفط الأميركي إشارة مقلقة بالنسبة إلى صناعة النفط الصخري، إذ يشير أحدث بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية إلى انخفاض إنتاج النفط بشكل حاد في شهر يوليو الماضي، حيث انخفض بمقدار 276 ألف برميل يومياً.
في غضون ذلك، خفّضت الوكالة الدولية للطاقة، في تقرير صدر أخيراً، توقّعات نمو الطلب على النفط للعامين الحالي والمقبل، وذلك بسبب الضعف العام في اقتصادات الدول العالمية الكبرى.
لفتت بيانات اقتصادية الى أن تراجع إنتاج النفط الأميركي قد يكون بسبب الانقطاعات المتعلقة بالإعصار الذي أجبر شركات النفط على التوقف عن العمل مؤقتا في خليج المكسيك، حيث انخفض الإنتاج من الحقول البحرية للخليج المذكور بمقدار 332 ألف برميل يوميا في شهر يوليو، ونتيجة لذلك، يمكن بسهولة اعتبار هذا الانخفاض في الإنتاج مجرد كبوة لمرّة واحدة.

توقف النمو

وتشير تقارير الى توقّف نمو الإنتاج الأميركي عام 2019، منهيا عدة أعوام من نمو النفط الصخري، مقارنة بشهر ديسمبر عام 2018، حيث ارتفع إجمالي الإنتاج في الولايات المتحدة بمقدار 44 ألف برميل باليوم فقط في يونيو الماضي، مما يعني أنه على الرغم من التوقعات المتفائلة في حينها، فإن إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة هبط هذا العام.

أحدث البيانات

وإذا كان إنتاج الحوض الأميركي Permian يسهم في معظم النمو ويستحوذ على كثير من الانتباه، فإنه من الضروري التركيز على ما يحدث في ولاية تكساس؛ حيث تظهر أحدث بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن تكساس عززت إنتاجها بمقدار 40 ألف برميل يوميا في شهر يوليو، مقارنة بالشهر الذي سبق، وهو ليس قليلا، لكنه انخفض بشكل حاد عن المكاسب الشهرية الكبيرة التي تم نشرها بشكل روتيني طوال معظم عامي 2017 و2018.

وفي العام الحالي أضافت ولاية تكساس 125 ألف برميل في اليوم، وهو رقم متواضع إلى حد ما، في حين أنها أضافت 474 ألف برميل باليوم في الأشهر السبعة الأولى من عام 2018.

تباطؤ الأرقام

وبالمقارنة على أساس سنوي، تبدو الأرقام أكثر تفاؤلا بعض الشيء، ويرى بعض الخبراء أنه حتى تلك الأرقام تباطأت أيضا في يوليو، وارتفع الإنتاج الأميركي بمقدار 915 ألف برميل يوميا مقارنة بمتوسط العام السابق.

ولكن مرة أخرى، نظرا لأن ذلك يتضمن شهرا من انقطاع الإنتاج بسبب الأعاصير، فقد يكون من المفيد اعتماد أرقام (يونيو)، في ذلك الشهر، حيث بلغ إنتاج النفط في الولايات المتحدة 12.082 مليون برميل يوميا، بزيادة 1.433 مليون برميل على معدل العام السابق.

أقل من الزيادة السنوية

ويعتبر بعض المراقبين للأسواق النفطية، أن هذا النمو يبدو كبيرا إلى حد ما، لكنه أقل من الزيادة السنوية البالغة 2.1 مليون برميل يوميا في الفترة بين أغسطس من عام 2017 ومثيله في 2018، وهي ذروة المكاسب السنوية في نمو الإنتاج.

انخفاض حاد

بيد أنه علاوة على ذلك ستنخفض هذه الأرقام على أساس سنوي بشكل حاد في الأشهر المقبلة، حيث ستشمل فترة زمنية متزايدة استقر فيها الإنتاج ولم ينم.

وفي هذا الإطار، قال بعض المحللين، إن طفرة النفط الصخري يبدو أنها قد انتهت الآن.

وبالفعل الطفرة الثانية لإنتاج النفط الصخري الأميركي (2017-2018) تنتهي للأسباب ذاتها التي انتهت عندها الطفرة الأولى التي سبقتها (2012-2014)، بعد أن شجعتها الأسعار المرتفعة على الإفراط في الإنتاج، ونمو استهلاك النفط العالمي.

مكاسب متواضعة

ويشير بعض خبراء النفط المتخصصين الى أنه حتى المكاسب المتواضعة هذا العام هي انعكاس لفترة ارتفاع الأسعار التي شهدتها أواخر العام الماضي، بسبب التأخر بين تحركات الأسعار وصدور بيانات الإنتاج الفعلية. وبعبارة أخرى، فإن التراجع في الأسعار هذا العام لم يتم الشعور به بالكامل بعد.

تفاقم المشكلة

وأما بالنسبة إلى شركات النفط الصخري، فإن المشكلة تتفاقم أمامهم من خلال حقيقة أنهم يواجهون ضغوطا مالية واحتمال استمرار انخفاض الأسعار الفعلي الذي أدى بالفعل، وانخفاض عدد الحفارات العاملة بشكل حاد، حيث انخفض بنسبة 20 في المئة تقريبا منذ نوفمبر الماضي، حيث كان ذلك لافتا من خلال بدء شركات الحفر في خفض عملياتها على أمل تحسين أوضاعها المالية وسط ضغوط المستثمرين المستمرة.

لكن أسعار النفط لا تستجيب مع استمرار تباطؤ الاقتصاد العالمي وضعف نمو الطلب.

«ستاندرد تشارترد»

في هذا الإطار، ذكر بنك «ستاندرد تشارترد» في تقرير أصدره حديثا، أن متوسط أسعار خام برنت بلغ أدنى مستوى له في سبعة أشهر عند 62.03 دولارا للبرميل في الربع الثالث، حيث اعتبر البعض أن هذا يمثل انخفاضا على أساس ربع سنوي قدره 6.44 دولارات للبرميل وانخفاض 13.81 دولارا للبرميل على أساس سنوي.

وقال «ستاندرد» في تقريره إن أسعار النفط المنخفضة خلقت مزاجا متشائما جدا في صناعة النفط والغاز الأميركية، إذ إن آفاق أسعار النفط خلال الأرباع القليلة المقبلة تبدو غير مشجعة تماما للعاملين في مجال النفط الصخري؛ حيث أظهر استطلاع لصحيفة «وول ستريت جورنال» لـ13 مصرفا استثماريا رئيسيا أن متوسط سعر خام برنت سيبلغ 58.24 دولارا للبرميل في الربع الرابع، وهذا الرقم لم يتغير تقريبا عن استطلاع الشهر الماضي، رغم الاعتداء على منشأتي بقيق وخريص السعوديتين في الرابع عشر من الشهر الماضي.

ضغوط متزايدة

وبالنظر إلى أبعد من ذلك، فإنه لا يوجد شعور في أسواق النفط العالمية بأن الأسعار ستنتعش مرة أخرى على الأقل في المدى المتوسط، وبطبيعة الحال يضاف إلى ذلك الضغوط المتزايدة من السياسات المناخية التي ألقت بظلالها على صناعة النفط العالمية بصورة عامة.

الوكالة الدولية

وتأكيدا لما سبق، فقد خفضت الوكالة الدولية للطاقة في تقرير صدر أخيرا توقعات نمو الطلب على النفط للعامين الحالي والمقبل، بسبب الضعف العام في اقتصادات الدول العالمية الكبرى.

وعليه، قامت الوكالة بخفض التوقعات لعام 2019 بواقع 65.000 برميل يوميا ليصل إلى 1 مليون برميل يوميا. ولعام 2020 تم خفض التوقعات بواقع 105,000 برميل يوميًا لتصل 1.2 مليون برميل يوميًا.

2019 هو الأضعف

وأضافت الوكالة في تقريرها «نتوقع أن يكون النمو في 2019 هو الأضعف منذ 2016، بسبب ظهور دلالات على ضعف الاستهلاك في الدول الرئيسية مثل أوروبا والهند واليابان وكوريا والولايات المتحدة.

وكانت الوكالة قد خفضت توقعات نمو الطلب في الشهر الماضي، بسبب مخاوف الحرب التجارية التي أثرت بدورها على استهلاك النفط العالمي.

«أوبك»

بيد أنه من شأن هذه المراجعات أن تضغط على منظمة «أوبك» وحلفائها للعمل على خفض مستويات الإنتاج بوقت لاحق من العام، حيث انه من المتوقع أن يبلغ إجمالي الطلب عالميًا أعلى من 100 مليون برميل يوميًا هذا العام، وبواقع 101.5 مليون برميل يوميا خلال العام المقبل.

وتجدر الإشارة إلى أن المعروض النفط العالمي تراجع بواقع 1.5 مليون برميل يوميًا في سبتمبر الماضي ليصل إلى 99.3 مليون برميل يوميا بعد الهجمات التي تعرضت لها منشآت النفط في السعودية، وهو ما أدى لتعطل إنتاج النفط في المملكة لفترة.

وبشكل خاص في المملكة العربية السعودية تراجع المعروض النفطي بواقع 770,000 برميل يوميا، ليصل إلى 9.02 ملايين برميل يوميا، وهو أقل معدل منذ 2011. بينما ارتفعت صادرات السعودية إلى أكبر مستهلك للنفط، الصين، بواقع 20,000 برميل يوميا ليصل إلى 1.6 مليون برميل يوميا في سبتمبر؛ وكذلك يشير تراجع توقعات نمو الطلب لعام 2020 إلى ضعف توقعات النمو الاقتصادي.

ضغوط السياسات المناخية تلقي بظلالها على صناعة الذهب الأسود
back to top