سي جي تودور... نجمة جديدة في عالم آداب الرُّعب والتشويق

روايتها The Taking Of Annie Thorne ترجمت إلى 30 لغة

نشر في 02-09-2019
آخر تحديث 02-09-2019 | 00:03
الكاتبة سي جي تودور
الكاتبة سي جي تودور
تُرجمت رواية الكاتبة البريطانيّة سي جي تودور The Taking Of Annie Thorne، إلى 30 لُغة عالميَّة، منها العربيَّة التي برع بنقلها إلينا بسّام شيحا، وأصدرتها «الدار العربيَّة للعلوم ناشرون» وعنوانها «الحُفرة».
طرحت الكاتبة البريطانيّة سي جي تودور رواية بعنوان

The Taking Of Annie Thorne، بقلمٍ يحمل كثيرا من الإثارة، تستهلُّ الرّوائيَّة كتابها، وتستمرّ في غموضها حتّى الصفحات الأخيرة، فيشعر القارئ بأنّه مأخوذ يسير في متاهةٍ لا يعلم متى ينكشف أمامه باب الخروج منها.

الرّقيب غاري

قبل دخوله إلى المنزل يعلم غاري أنَّ ما سيقدم عليه سيكون قبيحًا، فالرّائحة المقزّزة العابرة من الباب المفتوح، والذباب المتطاير الذي يئزّ حول المدخل من شدَّة الحَرّ، يدلّانِ على أنَّ أمرًا غير طبيعيّ جرى في هذا المنزل.

ونظر حوله يستطلع المكان فشاهد سيّارة فيات بيضاء أنيقة مركونة على الطريق الفرعيّ الخاصّ بالمنزل، ودرّاجة هوائيَّة تقف على مسندها قرب الباب الأمامي، وجزمة مطاطيَّة مرميّة عند المدخل تمامًا.

منزل عائليّ، لكنّه مغلَّف بصمتٍ خانق ينذرٍ بالشّرور وعظائم الأمور.

ويتقدَّم غاري وينادي مجدّدًا على أصحاب البيت، ولكن لا من مجيب. فترفع زميلته الشرطية شيريل يدها وتنقر بإلحاح على الباب المفتوح، ثمّ تصيح: الشرطة!

لا صوت ولا خطوة تُسمَع، ولا صرير ولا همسة.

وشعر غاري بالنفور، ليس من الرائحة النتنة وحسب، بل من إحساسٍ دفينٍ يحثه على المغادرة فورًا.

امرأة مقتولة وسط الغرفة:

وأعطى غاري إشارة إلى زميلته، ثمّ اقتحما الغرفة، كانتِ الرائحة النتنة أشدّ من أن تُحتمل، فغطى غاري وزميلته أنفيهما وأمارات الاشمئزاز بادية على وجهيهما.

غرفة الجلوس

وانعطف غاري نحو غرفة الجلوس ودفع الباب برجله فانفتح، لقد سبق له أن شاهد جثثًا من قبل، جثة فتى صغير دهسته سيّارة وهرب سائقها، وجثّة مراهق سحقته آلة زراعيَّة، وكانت حالته فظيعة طبعًا، ولكن ليس كهذه الحالة التي رآها الآن، امرأة مرتمية على أريكة بالية وسط الغرفة مقابل شاشة تلفازٍ مسطحة مكسورة على شكل عنكبوت، يتنقّل حولها ذباب أزرق ممتلئ، حدَّث غاري نفسه قائلًا: إنَّها ليست امرأة، إنَّها جثّة متفسّخة بأوردةٍ خضراء، ترتدي ملابس أنيقة وجزمة جلديَّة، يصعُبُ تحديد عمرها، لأنَّ معظم الجزء العلويّ من رأسها مفقود، ويمكن رؤية أجزاء منه ملتصقةً بجدار الغرفة والمكتبة والوسائد.

أهي عملية انتحار؟

ليس هناك شكّ في ما يتعلَّق بمَن ضغط على الزنّاد، لأنَّ المسدس لا يزال مسترخيًا على حجرها، تحيطُ به أصابعها المنتفخة.

وحاول غاري تقييم ما حدث: بعد إقحامها المسدس في فمها، ضغطت على الزنّاد، فخرجتِ الرصاصةُ بشكلٍ مائل إلى الجهة اليسرى، حيث يبدو بوضوح الضرر الأكبر، وهو أمرٌ منطقيّ لأنَّ المسدس لا يزال بيدها اليمنى.

ومن المرجّح أن تحلُّل الجثَّة حدث بسرعة بسبب اشتداد الطقس الحارّ داخل المنزل الصغير بنوافذه المغلقة، إذ تبلغ الحرارة في الخارج 35 درجة مئويَّة. ولا بدّ أن تزيد الحرارة داخل البيت عن 42 درجة، مما جعل العرق يتصبَّب على ظهره وأيضًا على وجه شيريل التي بدت مضطربة وهي تتأمَّل جثَّة المرأة المشوَّهة.

يالها من فوضى!

قالت شيريل بنبرة منهكة لم يعتدها غاري: "اللعنة، يا لها من فوضى!" ثمَّ جالت بعينيها أرجاء الغرفة مزمومة الشفتَين، متجهّمة الوجه.

وإنّه يعلم جيدًا ما تفكِّر به شيريل: منزلٌ جميل، سيّارة جميلة، ثيابٌ فاخرة، لكن لا أحد يعلم ما الذي حدث! ونظر يستطلع أثاث الغرفة، الأريكة الجلديَّة، المكتبة المصنوعة من خشب البلوط، طاولة القهوة المستديرة، والتلفاز الذي يقترب منه متسائلًا بشأن الكسر في شاشته، وسبب تراكم الذباب فيه؟ يتقدَّم بخطوات قليلة ساحقًا شظايا الزجاج تحت قدمَيه، وإذا بالزجاج مغطى بدم متخثّر قاتم ينزل من الشاشة على الأرض.

تقترب شيريل تراقب الدَّم المنهمر بدهشة فيقول غاري: علينا التحقُّق من جميع الغرف، فأيدته شيريل بإماءة من رأسها.

شعر فوضوي

الدَّرج شديد التمايل ويصدر صريرًا قويًّا عند الصعود عليه نحو غرف البيت، وملطَّخ بآثار دماء قاتمة، وفي نهايته ممرٌّ ضَيّقٌ يفضي إلى غُرفَتَي نَومٍ وحمامٍ صغير.

الحرارةُ أشدّ حدَّةً في الطابق العلويّ، والرّائحة تزداد نتانة. أومأ غاري لشيريل أن تتفقد الحمام، فالرائحة الكريهة آتية من جهة الغرفَتَين!

وقف غاري قبالة غرفة النَّوم الأُولى، وشعر بطعم المرارة في فمه، فتح الباب ببطء، وبدتِ الغرفة نظيفة ومرتّبة، وإلى جانب السرير طاولة عليها مصباح وصورة صبيّ في العاشرة من عمره، بوجه نحيل وشعرٍ أشقرٍ فوضويّ وابتسامةٍ عريضة تكشف عن أسنانه.

يصرخ غاري بألم: "يا إلهي، لا، لآ، أرجو لا!

الغرفة الأخيرة

بقيت غرفة واحدة! أخذ غاري نفسًا عميقًا، مدَّ يده إلى مقبض الباب ودفعه، وإذا بكابوس لعينٍ يتلبَّسه.

الصَّبيّ صاحب الصّورة يرتدي جوربًا ناصع البياض، أو لعلّه يبدو كذلك، لأنّ كلّ ما عداه مصبوغ باللون الأحمر. وحيث يجب أن يكون وجهه لا يرى غاري إلّا كتلة كبيرة حمراء ملأى بحشراتٍ سوداء منهمكة في افتراس اللحم المهشَّم. وفجأة يعود المشهد إلى ذهن غاري: رأسُ الصَّبيّ يُضرَب بالتلفاز، ثمَّ يُدَق على الأرض، إلى أن يصبح بلا وجه.

تطلَّع إلى الجدار فوق جثَّة الصَّبيّ فرأى أحرفًا كبيرة مكتوبة: "إنَّه ليس ابني".

وعلى هذا المنوال تتابع المؤلّفة روايتها، فتبقي القارئ محبوس الأنفاس حتى الصفحة الأخيرة.

غاري يتقدَّم وينادي مجدّدًا على أصحاب البيت، لكن لا من مجيب
back to top