وحوش صنعتهم الظروف

نشر في 28-06-2019
آخر تحديث 28-06-2019 | 00:10
 د. نبيلة شهاب استوقفتني حادثة الطفل اليتيم وضرب وتعذيب وإهانة الخال المتوحش له، كما فعلت مع الجميع، حادثة يتجلى فيها السلوك العدائي ولا نبالغ لو قلنا إنه اقترب من السادية أو السيكوباتية (السلوك المعادي للمجتمع).

بعيدا عن الحديث عن خصوصية الأفراد وظروف الحادث، إنه بدا جلياً أن الخال يحمل شعوراً سلبياً للأب أو الأم أو حتى الاثنين معاً، وهذه الحوادث على الرغم من ندرتها فإن قوة السلوك السلبي فيها يجعلها تكون حديث الساعة وتسبب الألم الشديد للكثيرين.

قبل فترة حدث أن وقفت سيارة أمام إحدى الجمعيات التعاونية وانهالت امرأة بالضرب المبرح على طفل على مرأى من الجميع!! مما دفع بعض الموجودين للتدخل ومحاولة إيقافها، فلماذا الاعتداء بهذه القسوة؟ ولماذا يوثق بالتصوير أو يحدث أمام الجميع؟ دون الدخول بتفاصيل هذه الحالات التي قد تكون لا سوية نجد أن قلة الثقة بالنفس والشعور بالنقص الى جانب الغضب المكبوت داخلهم لسبب ما كون لديهم شخصية عدائية وهي المحرك الأساسي لهذه الأحداث المؤلمة المؤسفة، وللحقيقة فإن ضعف شخصية المعتدي طبعا الى جانب ضعف وازعه الديني الروحاني.

تكون قد تشكلت من فترة طويلة وغالباً في مرحلة الطفولة، وأن هذه الأحداث قد لا تكون تحدث لأول مرة سواء مع الضحية نفسها أو ضحايا آخرين، حيث تستعرض الشخصية العدائية قوتها بشراسة قبيحة وتحاول إثبات ذاتها ووجودها من خلال هذه السلوكيات المريضة. وعليه لو بحثنا في أسباب تشكيل هذه الشخصيات المرفوضة اجتماعياً نجد أنه من أكثر أنواع التنشئة التي قد تؤدي إلى ذلك هي أسلوب التربية العنيفة، والتي يستخدم فيها العقاب البدني مع النفسي على الطفل، الى جانب أسلوب التدليل الزائد والقيام بأعمال الطفل نيابة عنه، وإن كان غالباً هذا الأسلوب لا يؤدي الى العنف كسابقه لكنه يخلق شخصية مهزوزة غير واثقة من نفسها تحاول إثبات ذاتها بأي طريقة كانت ومنها العنف.

والأهم من كل ما سبق هو مشاهدة الطفل للعنف المنزلي خاصة من قبل الأب على الأم (الحلقة الأضعف)، ولا ننسى تأثير مشاهدة وممارسة العنف سواء من خلال الألعاب الإلكترونية أو مشاهدة الأفلام العنيفة.

كما لا يخفينا دور تشجيع بعض الآباء لأطفالهم على ممارسة السلوك العدواني مع الآخرين حيث يعتبرونه دليل قوة، وما ذكرناه محاولات سريعة مختصرة لفهم أهم أسباب ظهور بعض الشخصيات العدوانية وأسباب تكوينها، وذلك كمساهمة في غرس المبادئ والأساليب الصحية الصحيحة للتنشئة السليمة والتي تخلق لنا أفراداً أسوياء في مختلف المجالات.

back to top