ماذا بعد في ملف طهران النووي؟

نشر في 27-06-2019
آخر تحديث 27-06-2019 | 00:00
 ريل كلير أقسم القائد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي أنه لن يتفاوض مجدداً بشأن صفقة نووية أخرى بعد انسحاب ترامب من اتفاق عام 2015 السنة الماضية، ويعتقد نظامه أنه يستطيع الصمود في وجه العقوبات الأميركية المتفاقمة، متمسكاً بأمل التعامل مع رئيس مختلف بعد انتخابات 2020. لكن القادة الإيرانيين بدؤوا يدركون أنهم قد لا يتمكنون من البقاء في السلطة إلى ما بعد ترامب مع مواصلة العقوبات إضعاف النظام.

يحاول النظام الإيراني ممارسة الابتزاز النووي، فقد أعلن أنه سيخصب المزيد من اليورانيوم المنخفض التخصيب، مهددا بتخطي الحدود التي قبل بها في خطة العمل المشتركة الشاملة في عام 2015، وهكذا يقف الغرب اليوم أمام خيارين: الاعتماد على الأساليب التقليدية للحد من انتشار الأسلحة النووية، والتي تقوم على مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية وأنظمة التحقق مثل اتفاق الضمانات الشامل، والبروتوكول الإضافي، وغيرهما من الاتفاقات المعنية، أو الإشارة إلى انتهاكات محددة لخطة العمل المشتركة الشاملة.

لا شك أن الخيار الثاني ليس سهلاً، إذ ستواجه الولايات المتحدة صعوبة كبرى في إقناع الأوروبيين بأن الجانب الإيراني أخفق في الالتزام بالصفقة، كما تتجه كل الأعين اليوم إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمراقبة نشاطات إيران النووية والتحقق من كل المواقع والنشاطات النووية المريبة والمنتهكين المحتملين، وإذا تبين أن إيران تطور أو سبق أن طورت برنامجاً نووياً سرياً، فعلى مجلس المحافظين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقديم الأدلة والوقائع التي تُظهر ذلك.

يُفترض أن تزوّد وثائق الأرشيف الذرية، التي هربتها إسرائيل من إيران السنة الماضية، الوكالة الدولية للطاقة الذرية ببعض هذه الوقائع.

وينبغي للوكالة الدولية للطاقة الذرية اليوم أن تحقق ما عجزت عنه خطة العمل المشتركة الشاملة: تحديد انتهاكات واضحة. شكّل هذا إحدى مشاكل الصفقة النووية الأبرز، فبدت الصفقة اتفاقاً مبهماً منح إيران هامش مراوغة واسعاً، ومع أن المسؤولين الإسرائيليين حاولوا تحذير مجموعة 5+1 خلال مرحلة المفاوضات، لم تكترث الولايات المتحدة عملياً، فكانت النتيجة اتفاقاً غض فيه موقعوه النظر عن الانتهاكات.

عندما حصل الإسرائيليون على الأرشيف النووي الإيراني، تمكنوا من إثبات أن النظام في إيران كان يخطط لتطوير سلاح نووي قبل توقيع الاتفاق عام 2015، وحتى بعد قبوله بالصفقة حافظ النظام على هذه الخطط كي يعيد إطلاق برنامجه في المستقبل، لكن الأوروبيين لم يأبهوا بذلك، مسلطين الضوء مرة أخرى على العيوب المتأصلة في خطة العمل المشتركة الشاملة.

لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تلتزم بمعايير مختلفة، وحتى لو اكتشفت غراماً واحداً من اليورانيوم أو البلوتونيوم غير المصرح عنه، وحتى لو كان دليلاً على اختبار نووي أُجري قبل زمن، فمن مسؤولية هذه الوكالة أن تعلن انتهاك إيران، ونظراً إلى الصلاحيات التي تتمتع بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لا يستطيع الأوروبيون التغاضي عن هذه الاكتشافات.

لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تباطأت في كشفها عن الانتهاكات الإيرانية المفترضة، وواجهت هذه الوكالة عقبات بسبب طبيعة لغة خطة العمل المشتركة الشاملة المبهمة، ومن الممكن لوثائق الأرشيف، فضلاً عن القليل من حض إسرائيل والولايات المتحدة، أن يدفعا أخيراً هذه الوكالة المعنية بمراقبة المسائل النووية إلى إعلان انتهاكات إيران، ومن الممكن لهذه الخطوة، أن ترغم النظام في إيران على التماس جولة جديدة من المحادثات، وخصوصاً إذا توقف الأوروبيون عن الدفاع عنه.

باختصار، لا يمكن التوصل إلى صفقة جديدة ما لم يقر النظام بكل ما يخبئه عن ماضيه، ويعترف بانتهاكاته الماضية، ويكشف عن مخزوناته السابقة. حتى هذا كله لن يكون كافياً. تتضمن خطة العمل المشتركة الشاملة بنود انقضاء ينتهي العمل بها في غضون عقد من الزمن، ولا بد من معالجة هذه البنود، علاوة على ذلك من الضروري أن يلتزم النظام الإيراني بوقف اعتداءاته الإقليمية وأعماله الإرهابية، كما ذكر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في "نقاطه الاثنتي عشرة" السنة الماضية.

قد يعتبر البعض أن نقاط بومبيو الـ12 توازي تغيير النظام، لكن إدارة ترامب تنكر بالتأكيد أن يكون هذا هدفها، ورغم ذلك يئن النظام الإيراني تحت ثقل السياسة الأميركية، مما يقدّم فرصاً إضافية للتوصل إلى اتفاق يتيح أخيراً للوكالة الدولية للطاقة الذرية تأدية عملها.

*«ريل كلير ورلد»

back to top