انتشار أسلحة الدمار الشامل السورية يشعل الشرق الأوسط

نشر في 14-06-2019
آخر تحديث 14-06-2019 | 00:00
ضحايا النظام السوري من الأسلحة الكيماوية في الغوطة 2013
ضحايا النظام السوري من الأسلحة الكيماوية في الغوطة 2013
سواء استخدم النظام السوري أسلحة كيماوية أو نووية، يجب ألا يكتفي المجتمع الدولي بالسعي إلى محاسبة سورية على أعمالها التي تشمل أسلحة كيماوية، بل يجب أن يحرص أيضاً على ألا تتفاقم مشكلة أسلحة الدمار الشامل السورية.
من الصعب تخيُّل أن الوضع في سورية قد يزداد سوءاً، إلا أن هذا ما قد يحدث.

بالإضافة إلى إراقة الدم المهولة خلال ثماني سنوات من الحرب الأهلية (التي شملت نهوض تنظيم داعش وسقوطه)، شهد العالم استخدام النظام السوري بدون أي ضوابط تقريباً الأسلحة الكيماوية كي يعمل بوحشية على كسر إرادة معارضيه.

ولكن لم ينتهِ بعد على الأرجح استخدام النظام أسلحة كيماوية مثل الكلور، وغاز الخردل، وغاز الأعصاب السارين، فقد انتشرت قبل أيام فحسب تقارير عن أن النظام يستعمل الأسلحة الكيماوية مجدداً هذه المرة في شمال غرب البلد.

لطالما برز عشق النظام السوري للأسلحة الكيماوية، فضلاً عن الادعاءات السابقة بشأن استعمال الأسلحة الكيماوية في الحرب الأهلية، من المعروف أن الحكومة السورية شنت هجوماً بالسارين في الغوطة في عام 2013، ونتيجة لذلك ضغطت الولايات المتحدة على النظام، مما أدى إلى موافقة سورية على التصريح عن مخزوناتها، وتسليمها لتُتلف، والقبول بمعاهدة حظر الأسلحة الكيماوية، ولكن تبين أن هذه مجرد حيلة.

في عام 2017، استعملت دمشق السارين مجدداً هذه المرة في خان شيخون، مما تسبب بمقتل نحو مئة شخص وجرح بضع مئات آخرين، ونسب تحقيق مشترك بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية هذا الهجوم إلى النظام.

لا شك أن دمشق تنكر تماماً استعمالها أي أسلحة دمار شامل، لكن متحدثاً باسم وزارة الخارجية الأميركية يؤكد مستنداً إلى أعمال الأمم المتحدة: «نفذ نظام [بشار] الأسد بحد ذاته كل الاعتداءات بالأسلحة الكيماوية المثبتة تقريباً...».

صحيح أن الأرقام غير دقيقة نظراً إلى التحديات التي يصطدم بها التحقيق في حوادث مماثلة في بلد يغرق في الصراع، لكن البعض يعتقدون أن نظام بشار الأسد استخدم منذ عام 2012 حتى اليوم الأسلحة الكيماوية أكثر من ثلاثمئة مرة.

يُتهم تنظيم داعش أيضاً باستعمال الأسلحة الكيماوية في سورية، إنما على نطاق أصغر بكثير.

ولا تزال الحرب الأهلية السورية بعيدة عن خواتمها، غير أن نظام الأسد الوحشي سيصمد على الأرجح، محتفظاً بسيطرته على جزء واسع أو ربما أكبر بعد من هذا البلد الذي هشمته الحرب.

ونظراً إلى دعم روسيا السياسي والعسكري، فضلاً عن استخدامها هي نفسها الأسلحة الكيماوية في المملكة المتحدة، فلا شك أن حمل سورية على التخلي عن ترسانتها من الأسلحة الكيماوية أو محاسبة دمشق على أفعالها البشعة ستشكّل مهمة بالغة الصعوبة.

هذا سيئ بالتأكيد، غير أنه قد يزداد سوءاً.

يخطط الإيرانيون على ما يبدو لاستخدام سورية كقاعدة عمليات متقدمة بسبب قربها الاستراتيجي من إسرائيل، وعلى نحو مماثل، ستبقى المجموعة الإرهابية اللبنانية، حزب الله، في سورية على الأرجح كي تدعم دمشق مع العمل على التوصل إلى خيارات إضافية لتهديد إسرائيل.

هنا ينشأ السؤال المهم: مع مساعدة نظام الأسد، هل تتحول الأسلحة الكيماوية الهجومية إلى سهم في جعبة حرس الثورة الإسلامية الإيراني أو حزب الله إن لم يكونا قد طورا هذه القدرة بعد؟

بالنظر إلى المخاوف الحالية من برنامج أسلحة كيماوية إيراني، من الصعب استبعاد احتمال ألا تنشأ مخاطر مماثلة لتهدد المصالح الأميركية والإسرائيلية.

علاوة على ذلك، قد يتبين أن الأسلحة الكيماوية لا تشكّل نهاية علاقة سورية بأسلحة الدمار الشامل، فمن المخاوف المحتملة الطويلة الأمد الأخرى إمكان سعي سورية إلى تطوير برنامج نووي رغم التزامها بمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، ولن تكون هذه أول مرة.

في شهر سبتمبر عام 2007، دمرت غارة جوية إسرائيلية منشأة نووية سرية تدعمها كوريا الشمالية في منطقة «الكُبر» في سورية، وساد الاعتقاد أن لبرنامج سورية النووي بعداً عسكرياً يشمل إنتاج بلوتونيوم يمكن استعماله في تطوير الأسلحة.

صحيح أن الغارة الإسرائيلية دمرت المفاعل النووي (مع محاولة السوريين إخفاء أي أدلة متبقية بقدر ما استطاعوا)، لكن المعرفة النووية، والعلماء، والمنشآت المعنية الأخرى استمرت على الأرجح.

ومن المؤكد أن هذا الاحتمال سيكون مفيداً في حال قررت سورية إعادة بناء برنامجها النووي، وقد تأتيها المساعدة الخارجية مرة أخرى من كوريا الشمالية أو حتى إيران، ما يسرّع بالتالي سعي سورية إلى تطوير سلاح نووي.

من وجهة نظر استراتيجية، من المنطقي أن تقرر سورية العمل على بناء برنامج نووي آخر له أهداف عسكرية بغية حماية مصالحها والترويج لها، وخصوصاً على ضوء تجاربها الأخيرة، وما من وسيلة ردع فاعلة بقدر سلاح نووي.

قد تنشأ أسئلة عما إذا كان البرنامج النووي سيشكل أولوية لدمشق خلال حربها الأهلية الموهنة وما بعدها أو عما إذا كانت ستملك الموارد لتعيد بناء برنامج نووي مماثل، ولكن من الضروري أخذ هذا الاحتمال في الاعتبار.

لا شك أن سورية ستظل دولة مارقة في ظل حكم الأسد، رافضةً التقيد بضوابط الأعراف الدولية.

ولكن سواء استخدم النظام السوري أسلحة كيماوية أو نووية، يجب ألا يكتفي المجتمع الدولي بالسعي إلى محاسبة سورية على أعمالها التي تشمل أسلحة كيماوية، بل يلزم أن يحرص أيضاً على ألا تتفاقم مشكلة أسلحة الدمار الشامل السورية.

بيتر بروكس- ناشيونال إنترست

من المعروف أن الحكومة السورية شنت هجوماً بالسارين في الغوطة في عام 2013

الإيرانيون يخططون على ما يبدو لاستخدام سورية قاعدة عمليات متقدمة بسبب قربها الاستراتيجي من إسرائيل

في 2017 استعملت دمشق غاز السارين مجدداً في خان شيخون مما تسبب بمقتل نحو 100 شخص وجرح بضع مئات آخرين
back to top