المشاكس يوسف شاهين (3-15)

أنا موجود إذن أنا هاملت

نشر في 08-05-2019
آخر تحديث 08-05-2019 | 00:00
تعرفنا في الحلقتين السابقتين إلى ظروف ميلاد يوسف شاهين على المستوى العام وعلى المستوى العائلي، وإلى أفراد الأسرة التي أطلق عليها شاهين «بيت المجانين». كذلك رصدنا ملامح التكوين النفسي للطفل الخجول وتأثير صدمة وفاة شقيقه الوحيد فيه وإحساسه بعقدة الذنب. ونواصل في هذه الحلقة التعرف إلى أسرار الطفولة وبذور التكوين الفني لشخصية المخرج الغامض الشهير.
يقول شاهين: «كنت تعباناً من نفسي جداً وأنا صغير، وكانوا يقولون عني إنني مصاب بالشيزوفرينيا، أي شخصية فصامية تعاني ازدواج الشخصية، ومن جانبي كان لدي يقين بأنني فعلاً أكثر من شخص في الوقت نفسه».

الاعترافات نفسها عبَّر عنها شاهين في أكثر من فيلم، فعلى لسان «يحيى» في «حدوتة مصرية» جاء: «أنا مجنون ومعقد وتفكيري أعرج، وأموت في الناس تدلعني».

وسط صخب البيت الذي يعكس حالة التوتر في عالم الثلاثينيات المقبل على أعنف أزمة كساد وركود مالي واقتصادي، كان جو الطفل يستقبل العالم بطريقته الخاصة، يهمل الكثير مما حوله ويركز على أمور لا تبدو مهمة للآخرين، ومن بينها غرامه بعرائس «خيال الظل» التي شاهدها في أحد المسارح مع أمه وجدته، فكان ينزوي بالساعات بعيداً عن العيون تحت مائدة السفرة ويحاول تقليد ما شاهده. حتى أنه أنشأ فرقة عرائس مسرحية خاصة به. كان يقدم من خلال العرائس حكايات طفولية، وسرعان ما جذبت الهواية اهتمام شقيقته آيريس فكانت تشاركه اللعب والتأليف.

اقرأ أيضا

بعد ذلك، تعرف إلى السينما عندما اصطحبته والدته لمشاهدة أحد الأفلام فتأثر أكثر بهذا العالم الساحر والناس الذين يتحركون على الشاشة، فزاد اختفاؤه تحت طاولة المائدة حيث كان يمضي ساعات في عالمه المنعزل. ويبدو أن أفراد العائلة لم ينتبهوا لما يحدث، لأنهم كانوا يسمعون صوته ويطمئنون أنه يلعب مثل كل الأطفال، ولكنه كان ينسى تناول الطعام ويستغرق في تقليد الأصوات والحديث باعتباره أكثر من شخصية، أو حسب تعبيره كنت أتصرف كأني «18 شخصاً في بعض».

مع الوقت، زاد الإحساس بالعزلة، وزادت الحساسية تجاه الآخرين. صار جو يتأثر بأمور بسيطة، فكلمة صغيرة قد تكون سبباً في فرح عارم، وكلمة أخرى قد تقلب مزاجه إلى الحزن، وهذا التغير الحاد في المزاج جعلهم يصفونه بأنه معقد و{مش طبيعي»، ولاحقاً ثبتوا على وصفه بكلمة لم يتضايق منها لا في طفولته ولا عندما كبر، وهي «مجنون».

يقول شاهين: «بصراحة، لم أكن مبسوطاً من نفسي، ولا متصالحاً معها. بل كنت أشعر بخوف وارتباك، خصوصاً عندما بدأت أخرج من «البيت» وأذهب إلى المدرسة».

صدمة المدرسة

كان وجهه شديد الاحمرار من شدة الانفعال، دقات قلبه تتصاعد بعنف وبصورة يمكن سماعها وليس فقط ملاحظتها. كان ممسكاً بيد أمه يحاول اللحاق بخطواتها المسرعة وهي تصطحبه إلى المدرسة في أول يوم. الكثير والكثير من الحكايات راحت تتصارع في رأسه الصغير، حول ما سمعه من أمه وأبيه، خصوصاً شقيقه ألفريد عن تشدد الأساتذة وضرورة أن يكون منتبهاً في الفصل لكل حرف وكلمة. كان مرعوباً إلى درجة جعلته يكره المدرسة قبل أن تخطو قدماه على أرضها. أسهم في تأجيج هذا الشعور مشهد شقيقه وهو يؤدي فروضه المدرسية الكثيرة منذ عودته من المدرسة عصراً حتى موعد نومه مساء.

بالتأكيد، لم تخطط العائلة لأن يكره شاهين المدرسة قبل أن يرتادها، ولكنها حتما كانت حريصة على أن ينتبه لدروسه، خصوصاً أنه دوماً كان يبدو شريد البال وكأنه منفصل تماماً عن العالم من حوله، فقد كان (وربما ظل لفترات طويلة من عمره) خجولاً جداً، لا يقوي على البوح بما يريد.

في فيلم «حدوتة مصرية» رصد شاهين بمنتهى الحساسية كيف كانت قسوة المعلم الذي أظهره في هيئة الديكتاتور «هتلر»، حينما صفعه في الفيلم عقاباً على رفع صوته أثناء الترانيم الكنسية قائلاً له: «انت فاكر إن ربنا ده لك أنت لوحدك؟». لم يقف تأثير الصفعة القاسية على كراهية شاهين للمعلم وللمدرسة فحسب، لكنه امتد إلى علاقته بالسلطة بأشكالها كافة، كذلك علاقته بالتزمت الديني.

يقول شاهين: «أنا غير متعصب لأي دين، وأؤمن بأن الإنسان لا يحتاج إلى وسيط بينه وبين ربه، فأنا لدي حوار يومي مع الله، وأظن أن الله «صاحبي». ذات يوم دخلت إلى الكنيسة وكنت حزيناً جداً ومحبطاً من مشاكل كثيرة، وبدأت أبكي وأقول موجها كلامي لله: أنا تعبان مش بتساعدني ليه؟ أنا عندي مشاكل كتير وجاي لك من آخر الدنيا فلماذا لا تساعدني؟ أعمل إيه؟ أنا مستعد أعمل كل حاجة ترضيك بس أنا كل اللي أعرفه هو أني اشتغل وبس، لهذا فأنا مؤمن بطريقتي، أو كما يقولون «بيني وبين ربنا عمار». لا أجد مشكلة في أن أرتاد مسجداً أو كنيسة أو معبداً يهودياً، فكلها أماكن لعبادة الرب الواحد، تريح النفس وتساعد على التأمل، كما أنني مؤمن بالتسامح بين الأديان جميعها».

هذا التسامح بين الأديان أو الفهم الخاص جداً للرسالات السماوية جعلا شاهين لا يتحرج من أن يرصد في أول أفلامه «بابا أمين» ثقافة دين غير دينه، إذ تطرقت الأحداث إلى تقاليد شهر رمضان (عشت دوماً في حضن الإسلام، وفي اسكندرية كنا مليون ملة ودين ولم تستوقفني هذه الاختلافات أصلاً)، وفي «الناصر صلاح الدين» اجتهد في التركيز على فكرة التسامح بين الأديان (لم يكن لدي أي حرج في أن أقول للمسيحيين في «الناصر صلاح الدين» إنهم أخطؤوا لأنهم جاؤوا للاستيلاء على الأراضي العربية بدعوى الحفاظ على المقدسات).

عقدة الوجه القبيح

يقولون إن إحساس الشخص بالعالم من حوله يعكس نفسه على شخصيته، فإما يشعر بالرضا وإما بالغضب والتمرد والاغتراب، وشاهين كان شخصية غاضبة ومعترضة ومتمردة. حتى أنه كان يغضب من نفسه ولا يحب شكله، فيقول: «لم أكن أرى نفسي شبه الأولاد في المدرسة أو الشارع، كنت أراهم أجمل مني، كنت نحيلاً جداً «سلعوة». أنفي مثل «بينوكيو» طوله ستة أمتار (رغم أني أكره الكذب والكذابين)، وأذناي كبيرتان إلي درجة غير معقولة (ومع ذلك لا أسمع كلام أحد... كلامي من مخي).

هكذا اعتاد شاهين أن يصف نفسه بلا خجل أو تجميل، ما يفسر اضطراره بعد ذلك إلى تغيير مساره من التمثيل إلى الإخراج رغم شغفه بالتمثيل، فقد أدرك أن القبول بالواقع أفضل من التعلق بالأحلام، إذ إن شروط السوق السينمائي لا يمكن أن تقبل به ممثلاً فمواصفاته الشكلية لا تتوافق وصورة «البطل» السائدة في تلك الفترة.

عندما كبر الصبي قليلاً وزادت مساحات النضج أدرك أن هذه الملامح الشكلية وشعوره بالاختلاف عن أقرانه ليسا السبب الرئيس ليكون منغلقاً على ذاته ومنطوياً على هذا النحو، لذا لم تعد تشغله تحولات وجهه وملامحه خصوصاً عندما انتقل من مرحلة الطفولة إلى الصبا. لم تعد تشغله تلك الفروق، مثلا أكثر مرحاً، أو نجاحاً في الدراسة، وحتى على مستوي العلاقات الإنسانية. صحيح لم ينكر «جو» اهتمامات أسرته به سواء بتربيته أو تعليمه والاهتمام به عموماً، لكنه ظل يبحث ليس عن سر هذا الانغلاق على الذات فحسب، ولكن والأهم كيف يعثر على ما يميزه وسط هؤلاء.

يقول شاهين: «في هذه الفترة بدأت من دون وعي أبني عالمي الذاتي بطريقتي. كنت «أحط همي» في القراءة وكتابة الخواطر وما شابه، كنت أكتب كثيراً، وعندما لا أجد ما أكتبه كنت «أشخبط» أو أرسم بعض الوجوه أو الخطوط المتشابكة، لكنني لا أترك الورقة بيضاء أبداً».

هكذا راح يبحث عن ذاته، يحاول اكتشافها، يبحث عما يميزه أو ما يمكن أن يمنحه خصوصية وسط المجموع، إلا أن لحظة التنوير التي أضاءت العالم من حوله، وجعلته يتصالح مرحلياً مع كل شيء حوله، فيحب المدرسة التي كان يكرهها (يعترف للأب في فيلم «اسكندرية ليه؟» أنه لأول مرة يحب المدرسة)، بل والأهم يكتشف الكامن في داخله، حتى بات يصرخ «قفشتها» كما جاء على لسان (يحيى/ شاهين) في أحد أروع مشاهد فيلمه «اسكندرية كمان وكمان».

الحكايات الحزينة لموت الملوك

لحظة التحول من كراهية المدرسة إلى التعلق بها والتعلق بزملاء الدراسة، حدثت لشاهين ذات صباح لا ينساه. في ذلك الصباح وقف إزاء زملائه في الفصل الدراسي، يؤدي منولوج الملك ريتشارد الثاني، لشكسبير. كان المونولوج عن لحظة الهزيمة وخسارة العرش وفقدان كل شيء، وقد استقبل الزملاء أداء شاهين بتصفيق واستحسان كبيرين وأبدوا إعجابهم بموهبته، (في فيلم «اسكندرية ليه» استبدل ريتشارد بمونولوج آخر من مسرحية «هاملت» يهاجم فيه أمه الملكة).

قبل إلقاء مونولوج ريتشارد الثاني بيوم، كان الصبي يشعر بحزن عميق بسبب إخفاقه في الذهاب إلى إحدى الحفلات لأنه لا يملك بدلة مناسبة، فلم يكن في البيت مال يكفي لشرائها، إذ كانت الأحوال المادية لوالده المحامي بدأت في التدهور، فدخل يوسف غرفته حزيناً ووقعت عيناه على المسرحية التي كان يدرس فصولاً منها في مدرسة «فيكتوريا كوليدج» والتي نُقل لها ليس لوصفها الأفضل والأكثر شهرة، والتي تتيح له مستقبلاً أكثر إشراقاً فحسب، ولكن لأن الأب أدرك أنه في ظل الاحتلال الإنكليزي لمصر في تلك الفترة، فإن إجادة اللغة الإنكليزية أهم من الفرنسية، لأن من شأنها أن تفتح إزاء الصبي أفاقاً أكثر رحابة.

ولما التقط الصبي المسرحية ليشغل نفسه بتصفحها استوقفه المونولوج الحزين للملك المهزوم في لحظة قاسية. كان المشهد مأساوياً ومشحوناً بالتعبيرات المركبة لملك يفقد كل شيء في لحظة مرتبكة ويضطر إلى التسليم، فبدأ يكرره على نفسه بصوت مسموع، ثم نهض من فراشه ووقف إزاء المرآة وهو يصرخ:

بالله عليك دعنا.. دعنا نجلس على الأرض.. ونروي الحكايات الحزينة لموت الملوك مقتولين جميعاً، إذ في التاج الأجوف، الذي يحيط بالرأس الفاني لملك ما يصون جلالة الموت.

في اليوم التالي، ذهب «جو» متقمصاً روح البطل المهزوم، وصعد فوق أحد المقاعد في فصله وبدأ يلقي مونولوجه الأول على «الجمهور». كان متأثراً لدرجة أنه استولي على انتباه زملائه، وعندما انتهى ذاق حلاوة التصفيق للمرة الأولى، ومن يومها أدرك أن الفن سبيله الوحيد إلى التميز، وإلى الإحساس بأنه ليس أقل جمالاً ولا ذكاء من بقية الزملاء الوسيمين أولاد الأغنياء.

في ذلك اليوم الشتوي الجميل، اكتشف شاهين أن الفن «حصانه الرابح»، وجده ولن يفرط فيه وبهذا الحصان سيؤسس مملكته. كان ذلك اليوم كافياً للتحول العملي في حياته، فقد ابتعد رويداً رويداً عن رغبة الدراسة بالجامعة ليصبح محامياً مثل والده أو مهندساً كما كان يريد الأب، أو موظفاً في بنك ينتظر معاشه أول كل شهر كما تمنت أمه. شعر بأحلام جديدة تدور حول دائرة التمثيل والنجومية والسفر إلى هوليوود، وهو الحلم الذي فرضه على عائلته وأقنعها بأنه لن يفعل شيئاً في الحياة غيره.

الوعي

وهكذا بدأ الغرام بالفن كلعبة يمارسها الطفل، لكن الوعي بالموهبة والإيمان بها ثم الإصرار على تحقيق الحلم شقت للفتى طريق المحترفين. تعلق بالسينما من أول فيلم في طفولته وحرص على مشاهدتها كلما توافرت الفرصة، وتعلق بنجوم الموسيقى والرقص المشهورين في هوليوود. صحيح أنه لم يكن واعياً تماماً بقواعد التمثيل ولكنه كان مفتوناً بهذا العالم (الفن في معناه المطلق)، باختصار داعبه شيطان الفن ولم يعد بإمكانه التراجع رغم الرفض العائلي وصعوبة تحقيق حلم السفر.

في هذه الفترة، كان إعجاب شاهين بأعمال شكسبير يتزايد، وإذا كان قد بدأ بمأساة ريتشارد الثاني في إنكلترا، لكنه استقر في الدنمارك ليعيش حتى النهاية في مأساة أميرها المعذب «هاملت». شعر بلقاء عميق مع هذه الشخصية، وكان سر التعارف بينهما هو الأسئلة الحائرة التي سكنت رأس الأمير بعد وفاة والده الملك، وسكنت رأس شاهين بعد وفاة شقيقه ألفريد. كلاهما صديق للحيرة، ضحية للشك وللمساحات المبهمة في الحياة التي لا ينتج عنها للإنسان إلا القلق، فبدأ شاهين يرتدي «قناع هاملت» ليخفي الكثير من عذاباته وأسئلته الشخصية.

يقول: «كثيراً ما كنت أغلق باب حجرتي على نفسي كما فعلت في ليلة حفظ مونولوج ريتشارد الثاني وأنخرط في نوبات بكاء حادة، وعندما كان يدخل عليّ أحد من أهلي كنت أقول له أنا أمثل مشهداً من مسرحية هاملت، وأبكي لأنني اندمجت في المشاعر المؤثرة. كنت أخجل من أن يعرف أي فرد في البيت أنني ضعيف لدرجة البكاء، والحقيقة أن علاقتي بهاملت ساعدتني كثيراً على التوازن في تلك الفترة، وكانت تخرج كل «الغل» اللي جوايا، وكل الحاجات اللي أنا مش مبسوط منها».

وفي فيلمه «اسكندرية كمان وكمان» اعترف شاهين بأن شخصية هاملت هي التي جعلته يعشق التمثيل، وأنه حاول أن يمثل هاملت وهو يدرس التمثيل في أميركا فسخروا من شكل أنفه في البداية وعندما بدأ يندمج في الأداء انبهر زملاؤه في قاعة الدرس من إحساسه القوي في التمثيل، ومع ذلك (يقول شاهين بمرارة): لم يعطوني الفرصة أبداً لنقل هذا الإحساس إلى الآخرين.

خلال مسيرته الطويلة حضر «هاملت» في أفلام شاهين أكثر من أية شخصية أخرى، ما دفع الممثلة نادية (قدمتها يسرا في اسكندرية كمان وكمان) لتقول له: «هاملت ده حيجننك... طالما حارقك طول حياتك كده، كان لازم تمثله وتخلص منه، مش تفضل كاتمه في قلبك طول الوقت ده».

عبارة «نادية» في الفيلم مجرد تعبير رمزي لتلخيص الأسئلة الاستنكارية التي طرحها كثيرون على شاهين: «هاملت ليه؟»، لكن من يستطيع الإفلات من الأقدار والهواجس التي تتعلق برأسه كما تتعلق النيران بالخشب، ولا شك في أن أقدار وهواجس شاهين أخذته إلى معارك وتحديات لم تكن تخطر له على بال. وفي الحلقة المقبلة نتعرف إلى أخطر جانب من الأقدار والمفاجآت والتحديات.

هاملت لم يفارقني

في اعترافه عن تسلط هاملت على شخصيته وعلى أفلامه قال شاهين: كان هاملت هو شكري سرحان وعمر الشريف وعزت العلايلي، ثم كان محسن محي الدين. كنت أحاول مع كل منهم أن أجعل منه هاملت في حياته، وإذا لم يكن على الشاشة، أجعل منه «أنا» التي أبحث عنها، ولكنني فشلت المرة تلو المرة. نعم لم أنجح في أن أكون هاملت ولم ينجحوا هم أيضاً... لكن المؤكد أن هاملت موجود في كل أفلامي لأنه لم يفارقني أبداً».

لا أكذب لكن أنفي أطول من أنف «بينوكيو»

أمي باعت البيانو وعفش البيت كي أكمل تعليمي

أنا قبيح ومعقد وأكثر من شخص
back to top