كوارث التغير المناخي العالمي مصدر الأزمة المالية القادمة

34 بنكاً مركزياً تحذر وتدعو إلى تعزيز المواجهة والمعالجة

نشر في 26-04-2019
آخر تحديث 26-04-2019 | 00:00
No Image Caption
نشر بنك إنكلترا الأسبوع الماضي رسالة مفتوحة حول الأخطار المالية ذات الصلة بالمناخ كما تراها شبكة تخضير النظام المالي، التي تشكلت في سنة 2017.
إنها مسألة وقت فقط قبل أن يقوم مجلس الاحتياط الفدرالي بتعيين اختصاصيي مناخ. وعلى الرغم من الدعابة الدارجة في «وول ستريت» من أن الطقس يقف وراء ضعف المعلومات الاقتصادية، فمن الواضح أن تسارع وتيرة تغير المناخ أصبح من العوامل المؤثرة في مسار التنبؤات الاقتصادية.

والسؤال هو كم من الوقت سوف يمر قبل أن يعتمد الناتج المحلي الإجمالي بصورة جوهرية وأساسية على نماذج الطقس المتوقعة؟

وبدأ المسؤولون بالتفكير في هذه القضايا وحاولت عدة مؤسسات حكومية وخصوصاً وضع نموذج لتأثيرات تغير المناخ على النمو الاقتصادي.

وكتب غلين روديبوش وهو مستشار سياسة رفيع ونائب رئيس تنفيذي في مجلس الاحتياط الفدرالي في سان فرانسيسكو يقول: «الكثير من البنوك المركزية تعمل الآن على تضمين تغير المناخ العالمي في تقييمها لمستقبل الأخطار المالية والاقتصادية عند وضع سياساتها النقدية والرقابية».

ونشر بنك إنكلترا الأسبوع الماضي رسالة مفتوحة حول الأخطار المالية ذات الصلة بالمناخ كما تراها شبكة تخضير النظام المالي، التي تشكلت في سنة 2017 وتضم 34 بنكاً مركزياً وجهات رقابية من مناطق في أرجاء العالم مسؤولة عن نحو «نصف انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية وتضم نحو ثلثي البنوك المهمة في العالم وشركات التأمين».

وتقول الرسالة: «ما دامت درجات الحرارة ومستويات سطح البحر مستمرة في الارتفاع ومعها المخاطر المالية المتعلقة بالمناخ، فإن البنوك المركزية والمشرفين والمؤسسات المالية سوف تستمر في تعظيم الجهود المبذولة من أجل معالجة هذه المخاطر المتعلقة بالمناخ وتخضير النظام المالي».

ووضع تقرير جديد من مجلس الاحتياط الفدرالي في سان فرانسيسكو عدة سيناريوهات يمكن من خلالها لتغير المناخ وتأثيراته إلحاق الضرر بالنظام المالي مع احتمال تطوره إلى أزمة. ويقول روديبوش: «أصبح تغير المناخ بشكل متزايد ذا صلة بالسياسة النقدية. وعلى سبيل المثال يمكن أن تؤثر المخاطر ذات الصلة بالمناخ على الاقتصاد من خلال رفع فجوة الائتمان والتوفير الاحتياطي الأوسع ثم إلى أزمة مالية في الحالة القصوى».

وأضاف « قد تكون هناك تأثيرات مباشرة أيضاً على شكل هزات اقتصادية ضخمة مرتبطة بأضرار البنية التحتية وخسائر زراعية وارتفاع في أسعار السلع بسبب القحط والفيضانات والأعاصير التي تتفاقم نتيجة تغير المناخ.

وبعد كل شيء، تكون الأزمات المالية في أغلب الأحيان نتيجة خسائر كبيرة غير متوقعة في زاوية ما من أسواق رأس المال بحيث تفضي إلى مزيد من انكشاف البنوك والمؤسسات المالية الكبرى الأخرى بقدر يفوق ما قدرته (أو أعلنت عنه رسمياً على الأقل).

ولك أن تتتخيل التأثيرات المدمرة التي يمكن أن تسببها أحداث المناخ الكارثية ذات الطبيعة غير المتوقعة على المحافظ المالية، ومنها، على سبيل المثال، التغيرات الأسرع من المتوقع في الطقس وتفضي إلى خفض سريع في مصادر طاقة الوقود الأحفوري؟ والبنوك الكبيرة ومصالح الأسهم الخاصة التي تمول مثل هذه الاستثمارات يمكن أن تتعرض لخسائر فادحة قد تنتشر في أجزاء أخرى من النظام المالي.

المستثمرون يطالبون بإجراءات

الاهتمام بالطقس لا يقتصر على باحثي مجلس الاحتياط الفدرالي. ويخشى كبار مديري الأموال أيضاً من العواقب والتبعات المحتملة لذلك. وفي وقت متأخر من العام الماضي أصدرت مجموعة من 415 مستثمراً لديهم 32 تريليون دولار على شكل أصول قيد الإدارة أصدرت دعوة مشتركة إلى اتخاذ إجراء بشأن المناخ.

وكان إنذار تلك المجموعة مروعاً إلى حد ما:

«من دون إجراء أوسع تشير شرودر التي وقعت البيان إلى زيادات في درجات الحرارة تصل إلى حوالي 4 درجات ولفترات طويلة مع خسائر بقيمة 23 تريليون دولار مرتبطة بالاقتصاد العالمي خلال الثمانين عاماً المقبلة. وهذه أضرار اقتصادية دائمة تعادل 3 أو 4 مرات مستوى تأثير الأزمة المالية العالمية في عام 2008 فيما تستمر في التفاقم».

وسبق لشركات التأمين أن حذرت من احتمال انكماش أسعار الممتلكات وربما تضاعف الخسائر ثلاث مرات على تلك الاستثمارات خلال الثلاثين سنة المقبلة. ولا يعترف تغير المناخ بالحدود الوطنية أيضاً وهو ما يعني أن المشاكل الخارجية يمكن أن تتسرب إلى دول أخرى بصورة تفوق العدوى المالية.

«الإنفاق على البنية التحتية الهادفة إلى التكيف مع تغير المناخ مثل السور البحري وتقوية أنظمة النقل والأبنية المقاومة للطقس تحول الموارد من إلى رأسمال منتج «.

وفي السياق ذاته، فإن الاستثمارات اللازمة من أجل خفض انبعاثات الكربون التي تفضي إلى الاحتباس الحراري يحتمل أن تؤثر على الاتجاهات في أسواق الائتمان.

ويدفع روديبوش ضد الفكرة القائلة، إن لدى «المخاوف الاقتصادية والمالية المحيطة بتغير المناخ» إما وقتاً طويلاً جداً أو قصيراً جداً من أجل التأثير على قرارات السياسة النقدية. ويقول بدلاً من ذلك، إن «تغير المناخ يمكن أن يفضي إلى زيادة حجم وحدوث مثل تلك الهزات وتأثيراتها المعطلة كما يمكن أن يصبح أكثر رسوخاً وصعوبة في تجاهله».

ويقدر تقرير جديد صدر عن مكتب الميزانية في الكونغرس الأميركي الخسائر السنوية من الأضرار المرتبطة بالأعاصير والفيضانات بنحو 54 مليار دولار بحسب الظروف الراهنة (التي تتغير بسرعة).

ووجد بحث سابق صدر عن مجلس الاحتياط الفدرالي في سان فرانسيسكو أن الاضطرابات الناجمة عن تغير المناخ سوف تشطب حوالي ثلث معدلات النمو الاقتصادي الأميركي بحلول نهاية هذا القرن.

السندات الخضراء

ويقول روديبوش، إن مجلس الاحتياط الفدرالي ليس في وضع يمكنه من استخدام السياسة النقدية لمساعدة الاقتصاد على الانتقال إلى انبعاثات كربون أقل. وعلى أي حال فهو يلاحظ أن البعض من البنوك المركزية التي – بخلاف مجلس الاحتياط الفدرالي – تستطيع شراء سندات شركات يمكنها تركيز مشترياتها على قطاعات الطاقة المتدنية الكربون.

وقال روديبوش، إن «مثل هذا التيسير الكمي الأخضر هو خيار بالنسبة إلى البعض من البنوك المركزية لكن ليس لمجلس الاحتياط الفدرالي، الذي يستطيع بموجب القانون شراء ديون حكومية أو تابعة لوكالة حكومية».

ولكن ماذا لو أن وزارة الخزانة الأميركية أصدرت سندات مناخ تهدف إلى توليد إطار عمل من هذا النوع؟ تبدو الفكرة بعيدة في الوقت الراهن لكن ربما لن تكون كذلك إذا تسارعت تأثيرات المناخ بسرعة كافية لإثارة مخاوف المسؤولين في واشنطن؟

* بدرو نيكولاسي دا كوستا - ماركت ووتش

back to top