سعر اليورانيوم يتماسك رغم رسوم ترامب المرتقبة على وارداته

قيمة أسهمه انحدرت من 130 مليار دولار قبل فوكوشيما إلى 10 مليارات اليوم

نشر في 08-03-2019
آخر تحديث 08-03-2019 | 00:00
No Image Caption
اليورانيوم سلعة يتم تداولها في أسواق لا تحظى باهتمام المستثمرين العالميين. وكان هذا صحيحاً بشكل خاص في فترة خمول سوق اليوارنيوم في السنوات الأخيرة، لكن يبدو أن ذلك قد تغير الآن.

هذه المادة المشعة المستخدمة في المفاعلات النووية كانت أفضل السلع الصلبة أداءً في عام 2018، الذي حقق فيه وفقاً لبلومبرغ أكثر من 95 في المئة من أنواع الأصول نتائج سلبية.

وأطلق الاهتمام المتجدد في اليورانيوم بين المستثمرين الهبوط، الذي شهدته إمدادات السلعة، في حين عززت التوترات الجيوسياسية الطلب على هذه المادة.

وكان سعر اليورانيوم بلغ ذروته عند 152 دولاراً للرطل في شهر يونيو عام 2007 لكنه تعثر خلال السنوات العشر التالية بنسبة 87 في المئة لينخفض إلى حوالي 19.75 دولاراً في شهر مايو 2017. ويتم الآن تداوله عند حوالي 29 دولاراً.

ورفع فريق السلع لدى بنك أوف أميركا من أسعار تقديراته لليورانيوم المركز المعروف باسم "الكعكة الصفراء" عامي 2019 و 2020 بنسبة 22 في المئة و32 في المئة على التوالي.

التوترات الجيوسياسية

تصاعد التوترات الجيوسياسية وخصوصاً بين الولايات المتحدة والصين، وإمكانية اندلاع "حرب باردة ثانية" يمكن أن يفضي إلى زيادة في إنتاج الأسلحة المعتمدة على القوة النووية. وتستورد الدولتان في الوقت الراهن أكثر من 90 في المئة من استهلاكهما من اليورانيوم.

وكانت وزارة التجارة الأميركية تحقق فيما إذا كانت مستوردات اليورانيوم تشكل خطراً أمنياً قومياً ومن المتوقع أن تقدم توصيات في هذا الصدد في 14 أبريل المقبل، وعندئذ سوف يكون أمام الرئيس ترامب 90 يوماً كي يقرر ما إذا كان سوف يفرض تعرفات.

وتدرس الإدارة الأميركية أيضاً حصة إنتاج محلية من 25 في المئة لأسباب تتعلق بالأمن القومي من خلال تفعيل البند 232 من قانون التجارة الذي يسمح بأن تخضع المستوردات للرسوم إذا شكلت تهديداً للأمن القومي الأميركي. وهو البند الذي فرض الرئيس ترامب بموجبه تعرفات على مستوردات الصلب والألمنيوم في العام الماضي.

لدى سوق اليورانيوم مجموعة صغيرة نسبياً من المناجم التي تنتج ثم تبيع إلى منشآت عالمية وموردي الدفاع. لكن بخلاف السلع الأخرى يتسم الطلب على اليورانيوم بعدم المرونة، كما أن الشك القائم حول مخصصات الاستيراد الأميركية المحتملة والتعرفات أسهمت في النقص المتواصل لتطوير إمدادات الأجل الطويل.

وتعتمد الحوافز الأساسية للزيادة المتوقعة في أسعار اليورانيوم على توقعات بارتفاع الطلب العالمي بنسبة 44 في المئة في 2035 بحسب الجمعية النووية الدولية فيما عمدت أكبر شركات الإنتاج مثل كازاتومبروم في كازاخستان وكاميكو الكندية إلى خفض الإنتاج بشدة عام 2018 مما أفضى إلى توازن إمدادات ملائم.

وبحسب بحث أجراه "جي بي مورغان" تعتبر شركة كازاتومبروم أكبر منتج لليورانيوم وأقله تكلفة على صعيد عالمي. وشكلت هذه الشركة التي تتخذ من كازاخستان مقراً لها حوالي 40 في المئة من الإنتاج العالمي عام 2017 ويقدر لها أن تنتج حوالي 59 مليون إلى 60 مليون رطل من اليورانيوم المركز في عامي 2019 و 2020.

ويتم تداول سهم الشركة في الوقت الراهن بالدولار عند سعر إلى عائد السهم يعادل 8.6 مرات وعوائد أرباح نسبتها 8.7 في المئة.

وفي السنوات التي أعقبت كارثة فوكوشيما النووية في أبريل 2011 هبط الطلب على اليورانيوم بصورة دراماتيكية، وتم في نهاية المطاف إغلاق كافة المنشآت النووية في اليابان ولم ترجع أي وحدة نووية في البلاد حتى عام 2015.

ومع هبوط أسعار اليورانيوم إلى حوالي 20 دولاراً للرطل أصبح جانب كبير من طاقة الإنتاج العالمي غير مجد اقتصادياً لأن تكلفة الإنتاج تجاوزت الأسعار الفورية والطويلة الأجل، ونجم عن ذلك خفض جوهري في إنتاج اليورانيوم العالمي وإغلاق عدة مناجم.

بينما وصلت القيمة الرأسمالية لأسهم اليورانيوم إلى 130 مليار دولار قبل كارثة فوكوشيما مع وجود 450 شركة في ميدان اليورانيوم، فإن هذه القيمة انخفضت اليوم إلى 10 مليارات وتقلص عدد الشركات اليوم إلى نحو 40 شركة، وتشكل كازاتومبروم 3 مليارات من تلك القيمة في أعقاب إدراجها الثنائي في لندن وأستانا.

ويتمثل العامل الآخر الذي يسهم في الضغط على أسعارها في انتهاء عقود شراء اليورانيوم الطويلة الأجل. وتميل كثير من الشركات حول العالم إلى إخفاء حاجتها طويلة الأجل من اليورانيوم بغية ضمان أسعار آجلة وإمدادات ثابتة من منتجين موثوقين. وفي 2020-2021 يتوقع انتهاء الكثير من العقود وقد يفضي ذلك إلى عجز أكبر في الامداد.

وسوف تؤدي الجوانب الجيوسياسية أيضاً دوراً رئيسياً في تحديد أسعار اليورانيوم في 2019. وتتعرض الطاقة النووية في الولايات المتحدة إلى خطر بسبب إغلاق الكثير من شركات الإنتاج المحلية، وتستورد أميركا 95 في المئة من حاجتها من اليورانيوم، التي يأتي نصفها من روسيا ودول الاتحاد السوفياتي السابق مثل كازاخستان، التي تضم شركة كازاتومبروم وهي المنتج الأكبر في العالم. وفي ضوء هذه الخلفية أطلقت إدارة ترامب التحقيق الدقيق من القسم 232 الذي يمكن أن يجبر المنشآت الأميركية على شراء 25 في المئة من حاجتها من اليورانيوم من منتجين محليين.

وبسبب هذا، ولأول مرة خلال عقد من الزمن، حدث عجز في السوق مع تجاوز الطلب لنحو 180 مليون رطل بينما بلغ العرض 140 مليون رطل بحسب تقرير للجمعية النووية الدولية بعنوان: "سلسلة الإمداد النووي الدولية: الحالة في عام 2035". وإضافة إلى ذلك تستثمر الصين والهند بشدة في القطاع النووي بغية خفض انبعاثات الكربون. ويعتقد على نطاق واسع أن لدى الصين 19 مفاعلاً نووياً قيد البناء مع التخطيط لتشييد 41 مفاعلاً. ومن المحتمل أن تعاود الصين التزامها باستخدام الطاقة النووية بعيداً عن التأثير الكبير للحرب التجارية بين واشنطن وبكين حول إمدادات الطاقة العالمية.

وسوف يزداد الطلب على اليورانيوم نتيجة قيام مصانع طاقة نووية جديدة في الصين وفق ما أظهرته خطة الحكومة المركزية. وإذا تحقق هدف الصين لعام 2020 فإنها سوف تقفز من المركز الرابع إلى الثاني في العالم من حيث سعة مصانع الطاقة النووية.

● رينر مايكل

(مجلة فوربس)

back to top