رياح وأوتاد: دور القبيضة في صفقة القرن

نشر في 18-02-2019
آخر تحديث 18-02-2019 | 00:09
 أحمد يعقوب باقر يخطئ من يشبه التطبيع الذي يسعى إليه اليهود الصهاينة والإدارة الأميركية بالصلح الذي عقده النبي، صلى الله عليه وسلم، والذي يُعرف بصلح الحديبية، لأن صلح الحديبية كان مؤقتاً بعشر سنين، أي أنه كان هدنة، ولم يسلم فيه النبي، صلى الله عليه وسلم، لأعدائه في مكة أن لهم حقاً أبدياً في أرض مكة وأوثانها، أو تنازل لهم عن بيوت المسلمين ومتاعهم بعد أن استولى عليها الكفار.

أما التطبيع، كما هو معروف، فإنه يعني ترك العداوة إلى الأبد، وموافقة كل طرف على ما يريده الطرف الآخر، وما يعتبره من حقوقه من أرض أو حدود أو أملاك لكي تتوقف الحروب ويحل السلام، وهنا تكمن المشكلة.

لأن اليهود الصهاينة والإدارة الأميركية أعلنوا أنهم يعتبرون أن القدس الموحدة هي من حق الشعب اليهودي إلى الأبد، وهذا هو شرط التطبيع عندهم، وهم الأقوى والأقدر على فرض شروطهم، وبالتالي فإن العرب الذين يريدون تحقيق التطبيع مع دولة إسرائيل المزعومة عليهم أن يسلموا للصهاينة بأحقيتهم في القدس وغيرها من الأراضي.

وذلك لأن العرب لا يملكون أي عامل من عوامل القوة لدعم مطالبهم في المفاوضات، وبالتالي فإنهم بالتأكيد لن يقبضوا شيئاً من صفقة القرن المزمع عقدها من أجل التطبيع، أي أنه سيكون تطبيعاً من غير مقابل حقيقي، وضمان لسلام دائم يتم التنازل فيه عن حقوق شرعية يكفلها القانون الدولي.

وهذا التنازل يشبه تنازل القبيضة عندنا، وهم الذين عُرفوا بشطارة القبض واستغلوا فرصة عدم وجود قوانين تجرم فعلهم حتى الآن، فتنازلوا عن حقوق مشروعة ومبادئ مستقرة.

وقد يكون هؤلاء القبيضة أقل سوءاً من المنادين بالتطبيع مع الصهاينة لأنهم لم يتنازلوا عن الأرض والمقدسات لمصلحة أسوأ خلق الله، أما المطبعون فرغم اجتماعاتهم الكثيرة مع الصهاينة فلم يستطيعوا إنقاذ ولا قطعة مقدسية صغيرة، ولا شريحة خليلية متواضعة، وما زالوا يطالبون بالتطبيع، ربما بسبب مكاسب دخلت في جيوبهم.

الحقيقة أن الضعف أمام العدو مهانة، والتطبيع تنازل عن المبادئ والكرامة والمقدسات، وصفقة القرن جريمة شرعية وقانونية حتى في القوانين التي صنعها الغرب بنفسه.

والمؤلم حقاً، وهذه هي حال الأمة، أن يتم تصوير زعماء وحكام العرب أمام شعوبهم أنهم أبطال ومصدر العز والكرامة، ولكن في صراعهم مع أقرانهم فقط.

back to top