رغم مناهضة ترامب: مد الطاقات المتجددة يجتاح الأرياف الأميركية

نشر في 22-12-2018
آخر تحديث 22-12-2018 | 00:02
No Image Caption
قد تشكك إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مدى مساهمة البشر في تغير المناخ العالمي، ولكن الأسواق تتقبل تماماً نتائج الدراسات العلمية. ويتقبل ذلك حتى الغرب الأميركي الأوسط إذ يتزايد التعويل على مصادر الطاقة التجددة. ويترافق تشكيك ترامب في مسببات الاحتباس الحراري العالمي مع دعمه لإنتاج المزيد من الوقود الأحفوري، الذي يشكل المصدر الأول للطاقة، وهذه أهمية لن تتغير في المستقبل القريب.

ولكن الحقيقة الصارخة هي أن خبراء المناخ يحذرون من أنه ما لم يخفض المجتمع العالمي من استخدامه للنفط والفحم، فإن درجات الحرارة يمكن أن ترتفع وتفضي إلى عواقب اقتصادية وبيئية مدمرة، ولهذا السبب فقد أقرت الشركات وخاصة المنشآت الكهربائية استخدام الوقود المنخفض الكربون.

وكتب محلل السياسة لدى مجلس الدفاع للموارد الطبيعية أرجون كريشناسوامي يقول، إن مشاريع "الطاقة المتجددة في الأرياف تضع حجر أساس لاقتصاديات الطاقة النظيفة التي تلبي احتياجات المجتمعات المحلية وتوفر طاقة محتملة التكلفة في شتى أنحاء الغرب الأوسط. ويتعين على القادة الفدراليين زيادة دعم التحول الى الطاقة النظيفة عبر تمويل مشاريع البحث والتطوير والتجارب الهادفة الى استمرار خفض تكلفة الطاقات النظيفة والسماح لمزيد من الناس بالحصول عليها".

ويضيف أن سعة مشاريع الطاقة الجديدة المعتمدة على الرياح والشمس قد زادت في الغرب الأوسط في العام الماضي بنحو 2.3 غيغاوات وقامت صناعات الطاقة النظيفة بتشغيل 158 ألف شخص. كما انخفضت تكلفة طاقة الرياح منذ عام 2009 بنحو 67 في المئة فيما انخفضت تكلفة تشغيل منشآت الطاقة الشمسية منذ ذلك الوقت بنسبة 86 في المئة، بحسب المستشار المالي لازارد.

وفي المقابل، تم إغلاق مصانع طاقة تعمل بالفحم كانت تنتج نحو 14.3 غيغاوات في العام الماضي، بحسب ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتلجنس، الذي يستشهد بعقلانية تلك القرارات، إذ يصل عمر الوحدات المغلقة إلى 40 سنة وهي ذات جدوى بيئية واقتصادية متدنية، ويطالب المستهلكون أو العامة بالتوجه نحو طاقات الكربون المنخفض.

والتزمت إكسل إنرجي في ذلك الشأن بإزالة انبعاثاتها من الكربون بصورة تامة بحلول عام 2050. وأضافت أنها سوف تحقق نسبة تبلغ 80 في المئة من ذلك الهدف بحلول 2030 مقارنة مع سنة الأساس وهي 2005. وهي تتقدم بسرعة نحو استخدام طاقة الرياح والشمس في إنتاج الكهرباء على الرغم من أنها تقول، إنها سوف تعول على تقنيات ناشئة ليست تجارية إضافة إلى مصانعها الحالية المنتجة للطاقة النووية.

وفي غضون ذلك، تعهدت شركة نورثرن إنديانا ببليك سيرفيس أيضاً بإيقاف مبكر لأسطولها من الفحم بصورة تامة واستبداله بمصانع معتمدة على الرياح والشمس – وهي خطوة تقول الشركة، إنها سوف توفر على العملاء 4 مليارات دولار.

وقال بن فاوكه وهو الرئيس التنفيذي لشركة إكسل انرجي "نحن نسرع في أهدافنا المتعلقة بخفض الكربون بحفز من التقدم التقني وتشجيع من العملاء الذين يطلبون ذلك مع التزامنا بالعمل مع شركاء لتحقيق هذا الهدف".

التوجيه الملائم

يحدث هذا كله في حين تحاول إدارة ترامب إعاقة التقدم البيئي، الذي حدث خلال سنوات إدارة الرئيس باراك أوباما. وقد اقترح ترامب إنهاء سياسة الإدارة الأميركية السابقة التي قالت، إنه لا يمكن بناء مصانع فحم جديدة مالم تستخدم احتجاز وعزل الكربون – وهي تقنية ليست تجارية أو اقتصادية بعد.

وكانت وكالة حماية البيئة في إدارة ترامب قد سعت إلى التخلص من خطة أوباما للطاقة النظيفة، التي تهدف إلى خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 32 في المئة بحلول عام 2030 فيما تتقدم أيضاً نحو إنهاء قوانينه المتعلقة بمقاييسه حول الزئبق وتصريف رماد الفحم. بيد أن المسار مؤكد في حالة ثاني أكسيد الكربون والزئبق إذ أن صناعة الطاقة تسير على الطريق نحو تلبية الأهداف التي وضعتها إدارة أوباما.

ومما لا شك فيه أن هذا المد قد تعزز عبر شركات أميركية تعهدت بزيادة دورها في الطاقة المتجددة إما عن طريق الاستثمار المباشر في تلك المشاريع أو الدخول في اتفاقيات شراء للطاقة من الجهات التي تنتجها ومن بين تلك الشركات وول مارت وجنرال موتورز.

ولدى وول مارت، على سبيل المثال، خطة لخفض الانبعاثات أقرتها مبادرة الأهداف العلمية التي تتوافق مع الاتفاقية الدولية للمناخ العالمي. وهي تهدف إلى خفض مستويات ثاني أكسيد الكربون 18 في المئة بحلول عام 2025 والعمل مع الموردين النشطين في عالم الكربون أيضاً.

وتسعى جنرال موتورز إلى هدف مماثل يرمي إلى إنهاء استخدام الفحم في أميركا الشمالية والاستثمار في الطاقة النظيفة، التي تسعى إلى زيادة قدرتها الإنتاجية من مستواها الحالي عند 106 ميغاوات إلى 125 ميغاوات في السنوات المقبلة.

ويقول توماس بي دي نابولي وهو مراقب ولاية نيويورك الجديد، المشرف على صندوق تقاعد نيويورك الذي يدير 207 مليارات دولار، إنه "على الرغم من السياسات المضللة لإدارة ترامب، فإن الجهود العالمية لعلاج التهديد الحقيقي تقدم للاقتصاد وللأسواق المالية عوائد مستمرة".

وتمثل تحولات السوق انعكاساً لطلب المستهلكين والتقدم التقني، لكنها ليست جهوداً مدعومة بما يكفي، بل في حقيقة الأمر، استثمارات قابلة للحياة من الناحية المالية وتقدم طاقة كهربائية نظيفة وتخلق وظائف دائمة وكل ذلك على خلفية قطاع الفحم المحلي المتردي. وفي الحقيقة فإن رئيس الولايات المتحدة قد يعلق في منعطف زمني بينما يمضي بقية العالم قدماً.

back to top