«طيور أيلول» لإملي نصرالله على خشبة المسرح في ذكراها الأولى

حكايات حب وهجرة ووصف حسي للحياة في القرية اللبنانية

نشر في 29-11-2018
آخر تحديث 29-11-2018 | 00:00
لم يكن من السهل على المخرجة اللبنانية لينا أبيض أن تجعل الشباب اليوم، في عصر التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي، يتفاعلون مع رواية تعكس عادات الريف اللبناني وتقاليده وعقليته، لكن أسلوب الأديبة اللبنانية إملي نصرالله في روايتها الشهيرة «طيور أيلول» (1962)، ساهم في نقل نبض الكاتبة ورسالتها في التمرد والثورة على التقاليد إلى الشباب فتجاوبوا معه. هكذا ولدت مسرحية «طيور أيلول» التي أرادتها لينا أبيض تحية وفاء إلى إملي نصرالله في ذكرى وفاتها الأولى، فعرضت على خشبة مسرح «إروين» في الجامعة اللبنانية الأميركية وفي بلدة الكفير مسقط رأس نصرالله.
على خشبة تكاد تكون خالية من أي من عناصر الديكور والبهرجة، باعتبار أن النص هو البطل الأول والحاضر الأكبر، قدم طلاب المسرح في قسم فنون التواصل في كلية الآداب والعلوم في الجامعة اللبنانية الأميركية، الى جانب خريجين وخريجات من الجامعة، مسرحية مقتبسة من رواية «طيور أيلول».

أداء مؤثر

لم يكتفِ الممثلون بأداء المشاهد فحسب، بل حرصت لينا أبيض وضمن سياق المسرحية على إقامة حوار معهم كونهم ينتمون إلى واقع يختلف كلياً عن الواقع الذي صورته إملي نصرالله في «طيور أيلول»، وأبدى كل منهم رأيه في العادات التي كانت سائدة في ستينيات القرن الماضي، وقد سمح لهم ذلك بأداء المشاهد بعمق وتصوير الدوافع التي أدت إلى ترك الأديبة القرية والنزول إلى بيروت لتحقيق ذاتها في مجتمع أوسع وأكثر انفتاحاً.

يذكر أن الرواية تجسد حكايات المجتمع والقرية اللبنانية التي لم تختلف فيها العقليات والعادات والتقاليد عن أيام طفولة نصر الله في الكفير.

لا شك في أن الحركة على المسرح والتركيز على أداء الممثلين والإضاءة التي كان لها حضور مكمّل للمشهدية، كل هذه العناصر أعطت خصوصية للمسرحية، فوجد المتفرج نفسه أمام مسرحية بعيدة كل البعد عن التقليد، بل هي حوار وتفاعل مباشر يقحم المتفرج نفسه فيه في مواقف محددة مثنياً أو معترضاً على عادات ما أو تقاليد معينة... حتى المشاهد التي تفيض شاعرية وعواطف على غرار مشهد وداع الابن والده قبل أن يهاجر، أداه الممثلون بانفعال مؤثر، وإذا بـ«طيور أيلول» تحطّ رحالها بكل ما تحمل من آلام وأحلام وآمال على مسرح إروين في بيروت.

قضايا الهجرة والوطن

حول المسرحية توضح المخرجة لينا أبيض: «هي نتاج صف «الأداء المسرحي»، ونتاج قرار الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU) منح الطلاب هذه الفرصة لاختبار فعاليات المسرح الحقيقي. وهكذا عملت على إعداد النص منذ شهر يوليو، وأعدت الحوارات استناداً إلى حرفية نص رواية «طيور أيلول» وعملت على تعديل اللغة المستخدمة من العربية الفصحى إلى العامية».

تضيف أنها التقت الكاتبة نصرالله قبل غيابها واتفقتا على إعداد نص أدبي للعمل عليه مسرحياً، لكن مرضها ورحيلها دفعا أبيض إلى العمل وحيدة، فعمدت إلى قراءة مؤلفات نصرالله كاملة، وتفاعلت مع إصرار الأخيرة على كتابة سيرة شخصيات عائلتها وتجذرها في الأرض والوطن، إلى أن وقع اختيارها على «طيور أيلول» كأفضل النصوص الذكية. واستكملت أبيض أبحاثها بالاجتماع مع مهى ابنة نصرالله واستمعت منها إلى تفاصيل حول مقاربة والدتها لقضايا المرأة والهجرة والوطن والقرية وعاداتها وتقاليدها.

تتابع: «لم يكن اقتباس هذا النص إلى عمل مسرحي خالياً من التحديات. لن يكون بإمكاننا أن ننصف الوصف الحسّي والشاعري الذي أبدعته إمِلي نصرالله عن المكان والفصول والحياة القروية في جبال جنوب لبنان. في هذا الاقتباس الذي هو عرض عالمي أوّل نجسّد حكايات حب لشخصيات الكتاب اليافعة وهي ليلى ونجلا ومرسال ومريم، حكايات حب لم تتحقّق تدفع أبطالها الشبّان إلى أفعال يائسة».

طموح وخيبات

تصف لينا أبيض «طيور أيلول» بأنها حكاية هجرة، حكاية رجال طموحين يسعَون إلى حياة أفضل أو أحلام صعبة التحقق، يتركون خلفهم أهلاً، حبيباً، بيتاً، أشجار زيتون وبساتين، ورويداً رويداً يتداعى كلُّ ما تركوه خلفهم بين الوحدة والخراب.

تؤكد أن هذا النص القوي لإمِلي نصرالله يتحدّث عنّا، عن وضعنا اليوم في بيروت أو في طرابلس أو البقاع أو في قطر أو ساو باولو.

تعتبر أن «طيور أيلول» رواية نسوية بامتياز قد تصلُحُ لتكون قصة جدّتك أو قصةُ أختك التي انتقلت إلى دبي لأنّها وجدت وظيفةً هناك. وقد تصلح أيضاً لتكون قصّتك أنت أيّها الشاب أو قصة جدّك الذي هاجر إلى أميركا من أجل العمل. هي حكاية حبّ وهجرة ورومانسية يائسة وزواجات مرتّبة.

لينا أبيض التقت الكاتبة إملي نصرالله قبل غيابها واتفقتا على إعداد نص أدبي للعمل عليه مسرحياً
back to top