مجدداً... نحن وإيران!

نشر في 26-11-2018
آخر تحديث 26-11-2018 | 00:12
 صالح القلاب عندما يهدد هادي العامري، قائد منظمة بدر الشهيرة، التي قاتلت خلال حرب الثمانية أعوام، كفصيل في الجيش الإيراني، وقائد كتائب "الحشد الشعبي" المنافسة للجيش العراقي، "العرب السنة" بأنهم إن لم يلتزموا بتوجهات وقرارات الأكثرية، وهو يعني قرارات أتباع إيران، فإنه سيطردهم من المواقع الوزارية وغير الوزارية التي يحتلونها في حكومة عادل عبدالمهدي "العرجاء"، التي هناك احتمال بأنها لن تستكمل تشكيلها إطلاقاً، وأن رئيسها المكلف سيفشل فيما كُلف به.

وهادي العامري هذا هو لمن لا يعرفه، وكل العراقيين يعرفونه، وكيل قاسم سليماني في العراق، وهو الوحيد الذي إن "تنحنح" فإن كل الآخرين يسكتون، وهذه مسألة معروفة، والمعروف أكثر منها أن قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي الجعفري، قال قبل أيام قليلة إن للإيرانيين في العراق الرؤساء الثلاثة، أي رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس المجلس النيابي (البرلمان)، وهذا إذا أردنا قول الحقيقة ينطبق على سورية "القطر العربي السوري"، وعلى الحوثيين في اليمن، الذي كان سعيداً، وأيضاً على لبنان، الذي لا تزال إرادة حزب الله تحول دون تشكيل حكومته الجديدة.

ويقيناً هذا هو واقع الحال في هذه المنطقة، ولعل ما يجب أن يقال على هذا الصعيد ان مشكلة العرب، إن ليس كلهم فأكثرهم، ليست مع بشار الأسد، ولا مع نظامه، فقد كان هناك "تعايش" معه ومع نظامه ومع نظام والده على مدى سنوات طويلة منذ عام 1970، وإنما مع هذا الاحتلال الإيراني لـ"القطر العربي السوري"، الذي أسقط قبل فترة، وربما بإيعاز من قاسم سليماني، شعار "أمة عربية واحدة... ذات رسالة خالدة"، فالقرار في هذين البلدين العربيين، وهناك بلد ثالث، ليس وطنياً ولا عربياً... وإلا فما معنى هذا التهديد الذي أطلقه هادي العامري؟ وما معنى هذا الذي قاله محمد علي الجعفري؟!

كان معظم العرب، إن ليس كلهم، قد قابلوا انتصار الثورة الإيرانية في فبراير 1979 بالارتياح، وبعضهم بالأفراح والليالي الملاح، وعلى اعتبار أنهم تخلصوا من الشاه محمد رضا بهلوي، الذي كانت تطلعاته الاستحواذية، وعلى خطى والده في هذه المنطقة، بلا أي نهاية، لكن للأسف ثبت أن هذا الجديد أسوأ كثيراً من ذلك القديم، وأن ما لم يستطع قوله "السابق" قال أكثر منه بألف مرة "اللاحق"، وهو السعي لإقامة الهلال الإيراني، الذي يبدأ طرفه الأول بباب المندب والحديدة في اليمن، وينتهي طرفه الثاني عند شواطئ المتوسط في سورية ولبنان... وهذا هو ما حصل بالفعل.

والغريب بل المستغرب أنه إذا كان نظام بشار الأسد مضطراً إلى التعايش مع هذا الاحتلال الإيراني لـ"القطر العربي السوري"، لأن وضعَه في مهب الريح، فإن الغريب أن يصمت العراقيون على هذا الذي قاله محمد علي الجعفري، بأن الرؤساء الثلاثة في بلاد الرافدين لإيران، وهذا التهديد الذي أطلقه هادي العامري بأنه إذا رفع الوزراء "السنة" رؤوسهم فسيضربهم ضرب غرائب الإبل، وسيشتت شملهم... والغريب أنه لم ينبس أي من هؤلاء ولو ببنت شفة، كما يقال، بمن فيهم رئيس البرلمان محمد الحلبوسي الذي هبطت عليه نعمة من السماء لم يكن ينتظرها، ولا يريد التفريط فيها.

back to top