وجهة نظر: التبعات الاقتصادية لكونغرس منقسم

شهر عسل ديمقراطي مع ترامبفي قراءة التبعات الاقتصادية المترتبة على كونغرس منقسم، بين مجلس نواب ديمقراطي وشيوخ جمهوري، يجب، بداية، التأكيد على وجود مساحة كبيرة من التوافق بين التوجهات الاقتصادية لإدارة ترامب والفلسفة الاقتصادية للحزب الديمقراطي. إذ تتوافق سياسة الديمقراطيين في دعم وتحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز فرص التوظف، مع مشروع ترامب الطموح المتعلق بتطوير بنية الطرق والنقل، وإعادة تأهيل شبكات السكك الحديدية وتمويل مختلف مشروعات البنية التحتية على مستوى كل ولاية من الولايات.كما تتناغم سياسة الديمقراطيين مع استهجان ترامب للزيادات المتسارعة في سعر الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفدرالي، وهذا يضع ترامب خلافا لإدارات جمهورية سابقة على مقربة من التوجهات الديمقراطية التي طالما عارضت أسعار الفائدة المرتفعة ذات التأثير السلبي على النمو، ويبعده عن توجهات الجمهوريين التقليدية المتوجسة خيفة من أثر النمو على معدلات التضخم. كما يقترب ترامب من الديمقراطيين في معارضة الارتفاع المبالغ به في أسعار الأدوية، والضغط من أجل زيادة إنتاجها، وإن كان الجانبان يختلفان في أسلوب المعالجة، إذ يتجه ترامب إلى زيادة المعروض من الدواء عبر تخفيف القواعد التنظيمية التي تحكم صناعته، بينما لا تقر الأغلبية الديمقراطية هذا التوجه، فهي ترى أن المشكلة تكمن في الممارسات الاحتكارية لمصنّعي الدواء، وهذا يستدعي مزيدا من التنظيم الحكومي وليس العكس. مُجبر أخوك لا بطلكما قد يتوافق الرئيس الأميركي مع الديمقراطيين، مضطرا، على سياسة رفع الحد الأدنى للأجور على المستوى الفدرالي، رغم أن هذا التوجه قد يقتطع من هامش أرباح الشركات، ويغذي التضخم، وهذان أمران مؤرقان لعتاة الجمهوريين، لكن ترامب قد يعزف على وترهما رغبة في التودد الى الشارع الذي يخشى أن يفقد فيه مؤيديه من الطبقة العاملة، خاصة عندما يقترب موعد حسم الانتخابات الرئاسية الجديدة بعد عامين من الآن.نقاط التعارض المفصلية بين مجلس نواب يحكمه الديمقراطيون وإدارة البيت الأبيض الجمهورية ستكمن في تحديد الأولويات القطاعية، إذ بينما يميل الديمقراطيون الى دعم قطاعات الاقتصاد الجديد واقتصاد الخدمات والمعرفة، يدعم الجمهوريون قطاعات الإنتاج التقليدي التي فقدت قوتها بسبب القدرة التنافسية الهائلة للاقتصاد الصيني. وهنا قد يسلك البيت الأبيض مسارا مختلفا عن المسار الديمقراطي، إذ يميل الجمهوريون الى تصعيد المواجهة مع الصين، وربما مع إيران أيضا. وقد تعصف الاختلافات الجوهرية بين مواقف الحزبين في هذا المسار، ومسارات دولية أخرى بشهر العسل الديمقراطي المرتقب مع البيت الأبيض.تحسُّن أسعار النفطعلى صعيد صناعة النفط، التي تعد صناعة جمهورية بامتياز، من المرجح أن ينصرف البيت الأبيض عن سياسة الضغط على أسعار النفط الخام وعلى "أوبك"، وهذا يعني مزيدا من التشدد في العقوبات على إيران. ويتعارض دعم الصناعات النفطية مع توجهات الديمقراطيين الذين تضم صفوفهم جماعات الضغط البيئية التي تدعو الى محاسبة البيت الأبيض على قرار الانسحاب من اتفاق باريس، وفي هذا السياق، يتناغم سعر مرتفع لبرميل النفط مع توجهات الحزبين، كلّ لأسبابه الخاصة، وهذا قد يعني عودة أسعار النفط الى التحسن وصولا الى نهاية العام الحالي، بيد أن هذا كله يبقى مرتبطا بدرجة تصعيد المواجهة التجارية مع الصين.* أستاذ الاقتصاد بجامعة الكويت