فارس الدستور... بيدق اللعبة

فها هو فارسنا يتوسط موقعه «داخل اللعبة»، يميز أبعادها ويعي تبعاتها، يحرص أن يبقي على موقعه فيها، تبعاً لما تتطلبه المصلحة العامة، بيقين شائب يرتهن وفق إحسان الظن به، وما لتلك الأمة إلا أن تشيد بمن هو «داخل اللعبة» بكَشفه إما لتناقض، أو لازدواجية معايير، وتنهال بنقد من كُشِف أمره، بأقوالٍ وتصريحات لا تشكل فارقاً، غير أنها تبشر بولادة فارس آخر، فمعضلة الأمر ترتبط بإهمالهم للقضايا المصيرية، والانخراط بقضايا «السلوك التنظيمي والاقتصاد الجزئي» وحسب!ونبقى حائرين، لم لا يوجه فارسنا تساؤلاته حول معضلتنا المصيرية هذه، أو هذه، أو هذه؟ لعله غفل عن غير قصد وقلة إدراك، فنعزم لنكتب، ثم ننشر، نرتجي الحراك، فلا نجد ردا. وما إن نتواصل، يماطل، ثم يراوغ، ثم يتجنب، ماذا عساه أن يقول؟ بالطبع لن يصرح بتسليمه بقواعد «اللعبة» عاجزا أمام قناعاته، ولن يصرح أيضا بمراعاته لمصلحته الذاتية لتعويض ما خسره، كما أنه لن يكشف الغطاء عن نشوته التي يستلذ بها جراء وجوده «داخل اللعبة»، فللأسف، حاله كحال أغلب أفراد الأمة، يبحث عن مصلحته الذاتية، حتى إن كانت خارج حدود المبادئ والأعراف الأصيلة. تلك المعضلة لا ترتبط بمسألة أخلاقية أو إنسانية، أو سياسية أو اجتماعية، فالسعي وراء الفائدة الذاتية يعد غريزة طبيعية، لا تتعارض مع الأعراف العامة، إذا لم تؤثر سلبا على الآخرين، ولكن ما نعاصره في نظامنا السياسي أمر مختلف، نظام يسمح بأن تتحقق المصلحة الذاتية في ظلال القانون ملحقة الضرر بالمصلحة العامة اقتصادياً بكل سهولة مطلقة؛ مخلفة آثاراً سلبية على مختلف الصعد.فمتى ندرك أن الحاجة ملحة لوقف تهميش دور «الاقتصاد الكلي»، وإنصاف حقه برسم المنهجيات المتبعة في نظامنا السياسي، بما يصب نفعه للمصلحة العامة تبعاً لتحقق المصلحة الخاصة؟! متى سيعي أفراد هذه الأمة أن قضاياها لا تؤخذ على محمل الجد، بل هي محض أحاديث «شاي الضحى» وحزاوي تحكى، وأن فارس الدستور ليس إلا بيدقاً «داخل اللعبة»؟فيا للأسف، تعددت الفرسان والحال واحد!