وجهة نظر : رفع أسعار النفط ليس خياراً حصيفاً!

إيران تشتري مخاطرة المتاجرة معها من جانب آخر، يبدو أن السوق قد استوعب بالكامل تأثير انقطاع الإمدادات الإيرانية التي سيبدأ تفعيل العقوبات الاقتصادية ضدها يوم الاثنين المقبل، وبات على قناعة بعدم تأثير خروج النفط الإيراني على حجم المعروض الحالي في السوق، الذي يبدو أنه قد تزايد إلى معدل قياسي في أكتوبر، وفق البيانات التي نشرت هذا الاسبوع. وعموما ليس سراً أن إيران قد استبقت بدء العقوبات بالاتفاق مع تجار خاصين على شراء مخاطرتهم بعدم الالتزام بحظر التعامل مع إيران من خلال تزويدهم بالنفط بأسعار تقل عن متوسط أسعار السوق بمعدلات تصل إلى 4 أو 5 دولارات في البرميل. ولا ينبغي لأحد أن يغفل أن للبيت الأبيض مصلحة آنية في غض النظر عن مثل هذه التوجهات الإيرانية في عرض النفط بأسعار تنافسية على عملائها التقليديين في آسيا وأوروبا. كما أن التحول الكبير في مراكز صناديق التحوط بأسواق السلع الدولية من حالة الشراء إلى البيع، والضغط المتواصل للإدارة الأميركية على منظمة أوبك من أجل ضخ المزيد من الإمدادات، دعماً لمرشحي الحزب الجمهوري في انتخابات منتصف الفترة النيابية في الولايات المتحدة، والتداعيات المتفاقمة للحرب التجارية المعلنة بين واشنطن وبكين، وتدهور عملات دول نامية رئيسية، كل ذلك يصب في مسار ضعف أسعار النفط.الجزم بمستقبل الأسعارولكن رغم ذلك، فإن أحداً لا يمكنه الجزم بمستقبل هذه الأسعار في العام المقبل، بل ولا حتى وصولاً إلى نهاية العام الحالي، إذ إن الانتخابات التشريعية النصفية التي ستجري في الأسبوع المقبل في الولايات المتحدة تعد حاسمة وقد تتمخض عن مفاجآت، وقد يترتب عليها تحول مؤثر في سياسات البيت الأبيض سواء فيما يتعلق بمسار الحرب التجارية ضد الصين أو الحاجة إلى مواصلة الضغط على "أوبك"، أو ربما غير ذلك من ملفات دولية ساخنة. وقد تعود "أوبك" مجدداً إلى التوافق مع حلفائها من خارجها إلى سياسة خفض الإمدادات، وهذا من شأنه أن يفضي الى دعم الأسعار، ولكن ذلك لن يكون قراراً حصيفاً في المدى المتوسط ما لم تصاحبه انفراجة حقيقية على صعيد الأزمة التجارية العالقة بين الولايات المتحدة والصين، والتي أعتقد أنها واحدة من الخيارات الاستراتيجية لصقور الادارة الجمهورية، ومن ورائهم قطاع الأعمال الأميركي. *أستاذ الاقتصاد بجامعة الكويت