ملّاك العقارات يفرضون «الخلوات» على المحال الشاغرة

عن طريق إيهام المستثمرين بأنها مؤجرة لآخرين... والأسعار تجاوزت الـ100 ألف دينار

نشر في 17-09-2018
آخر تحديث 17-09-2018 | 00:04
No Image Caption
لا تعتبر «الخلوات» ظاهرة جديدة على الأسواق العقارية محلياً وعالمياً، لكن الجديد هو أن الشركات المالكة تفرضها على المستأجرين الجدد، عكس ما تعارفت عليه الأسواق العقارية، إذ يتم دفع الخلو للمستأجر القديم مقابل الخروج من الوحدة.
يشهد السوق العقاري، بين الحين والآخر، العديد من المتغيرات، تنتج بفعل عوامل كثيرة، منها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، سواء المحلية أو الإقليمية، وتصب تلك المتغيرات في بعض الأحيان بمصلحة ملاك العقارات، وتنعكس في أحيان أخرى بالسلب على نسب الأشغال وايراداتهم.

وتعمل الشركات العقارية ومالكو العقارات لمواجهة تلك المتغيرات، بسلوكهم طرقا مبتكرة، وذلك حتى لا تتأثر إيراداتهم والاستفادة من العقارات المملوكة لها بأكبر قدر.

وقد طرأت أخيرا العديد من تلك الطرق، لعل أبرزها "خلوات" المحال التجارية، حيث إنه في السابق، كان المستثمر الجديد يدفع مبلغا من المال للمستأجر القديم نظير إخلاء المحل، ويأتي هذا تحت حكم العُرف، ولا يوجد قانون ينص بذلك.

وتبرز ظاهرة الخلوات بسبب انخفاض العرض وارتفاع الطلب، إذ يضطر المستأجرون والمستثمرون الجدد الى إغراء المستأجرين القدامى، بمبلغ من المال نظير خلو المحل، أو تأتي الخلوات بسبب التجهيزات والتكاليف التي تحملها المستأجر القديم.

أما في الوقت الحالي، فقد أصبح على المستثمر الجديد الراغب في استئجار محل شاغر وغير مستخدم، دفع خلو للشركة المالكة، تحت ذريعة أن المحل مؤجر الى جهة ما.

وتقوم بعض الشركات بتأجير المحلات الشاغرة وهميا الى شركات تابعة لها، وفي حال رغب المستثمرون في التأجير، تبلغهم بأنها مؤجرة الى إحدى الجهات، وعليهم التفاوض ودفع الخلوات الى تلك الجهة.

قيمة «الخلوات»

وقد تجاوزت قيمة الخلوات في أحد المجمعات ما قيمته الـ 50 ألف دينار للمحال ذات المساحات الصغيرة وغير المميزة، أما المحال ذات المواقع المميزة فتجاوزت أسعارها 100 ألف دينار، وأكثر من ذلك وفق المساحة.

ولم تقتصر تلك الطريقة على المجمعات التجارية، بل وصلت الى المكاتب الإدارية وأيضا المناطق الحرفية، إذ اتسعت رقعة تلك الظاهرة لتعم معظم القطاعات العقارية.

ولا تعتبر "الخلوات" ظاهرة جديدة على الأسواق العقارية محليا وعالميا، ولكن الجديد هو أن الشركات المالكة تفرضها على المستأجرين الجدد، عكس ما تعارفت عليه الأسواق العقارية، إذ يتم دفع الخلو للمستأجر القديم مقابل الخروج من الوحدة.

وقد برزت ظاهرة الخلوات إبان فترة الثمانينيات، خاصة خلال فترة سوق المناخ، حيث وصلت أسعار المكاتب آنذاك الى مبالغ خيالية، وتجاوزت أسعار بعض المكاتب البارزة نحو مليوني دينار.

انتعاش الأسواق

لكن بعد أزمة سوق المناخ، اندثرت تلك الظاهرة بعض الشيء، وأصبحت متداولة على نظاق ضيق وبأسعار معقولة، وصولا الى عام 2004، لتعود تلك الظاهرة بقوة لتبلغ ذروتها عام 2008، وذلك بعد الطفرة التي شهدتها الأسواق المالية والعقارية.

كما شهدت تلك الفترة انفتاحا كبيرا على الماركات العالمية، وأصبح الطلب مرتفعا من قبل المستثمرين على المحال التجارية والمكاتب الإدارية، حيث وصلت الخلوات الى مبالغ مليونية، لتختفي تماما تلك الظاهرة بعد الأزمة المالية العالمية.

وعادت "الخلوات" تدريجيا بعد الأزمة المالية العالمية، وتحديدا خلال عام 2012، لتقترب من أسعار ما قبل الأزمة المالية، وذلك بفعل عوامل عديدة، منها زيادة عدد السكان، مما نتج عنه ارتفاع في معدلات الاستهلاك، إضافة الى أن التوجه الحكومي نحو تشجيع الاستثمار وفتح المجال أمام الراغبين بذلك، سواء كانوا المستثمرين المحليين أو الأجانب، مما رفع الطلب على المكاتب والمحال التجارية.

أما في الوقت الحالي، ومع ارتفاع نسبة الشواغر في المكاتب الإدارية والمحال التجارية والحرفية، فقد انخفضت ظاهرة "الخلوات"، لكنها جاءت بصورة أخرى، وهي أن الجهة المالك للعقار هي المستفيدة من الخلو وليس المستأجر القديم، كما هو معمول به خلال السنوات الماضية.

لا شرعية لـ «الخلوات»

ومن جهة أخرى، يؤكد عدد من العقاريين أن دفع مبلغ مالي مقابل خروج المستأجر القديم من الوحدة، أمر غير قانوني، ولا يوجد نص في القوانين أو التشريعات يشير الى شرعيتها، وأيضا طلب مالك الوحدة لذلك المبلغ يعد مخالفة صريحة للقوانين.

وأوضح العقاريون أن ملاك العقارات استغلوا الطلب المرتفع، خاصة على المحال التجارية من قبل صغار المستثمرين، إذ إن هناك توجها كبيرا من قبل الشباب على الاستثمار في قطاع المطاعم والأغذية بشكل عام.

وأشاروا الى أن تلك الظاهرة غزت السوق المحلي، إذ إن معظم القطاعات العقارية تطلب من المستثمر الجديد خلوا مقابل تأجير المحل أو المكتب، وذلك بعد ارتفاع أسعار الأراضي، ومواد البناء وأجور الأيدي العاملة، وأيضا كان لرفع الدعم عن تعرفتي الكهرباء والماء على القطاعات المساهمة في هذا التوجه.

ولفت العقاريون الى أن ظاهرة "الخلوات" تعتمد بصورة عامة على الفجوة بين الطلب والعرض، فكلما زادت تلك الفجوة عادت تلك الظاهرة بقوة، وبأسعار عالية، حيث يصعب على الجهات المعنية بالقطاع العقاري تنظيم ذلك، إذ إن ظاهرة الخلوات تعد عالمية وليست محلية.

موازنة العرض بالطلب

وبينوا أنه تمكن مواجهة تلك الظاهرة عن طريق موازنة العرض مع الطلب، إذ يجب دراسة وضع السوق العقاري بين الحين والآخر، ووضع التصورات المستقبلية، في ظل ارتفاع عدد السكان، والزيادة على المحال التجارية والمكاتب الإدارية.

وأكدوا أن العديد من التقارير أظهرت ارتفاع نسبة الشواغر في القطاعات العقارية كافة، ومنها المحال التجارية، وبالرغم من ارتفاع تلك النسبة فإن هناك استقرارا في أسعار الإيجارات، إذ إن ملاك العقارات لا يقبلون تخفيض الايجارات، وذلك بسبب ارتفاع التكاليف.

ومضى العقاريون قائلين إن السوق المحلي لا يزال يعاني احتكار الدولة للأراضي، وهذا عامل رئيس في ظهور العديد من الطرق الملتوية التي يتخذها ملاك العقارات، والتي أثرت بدورها على المستثمرين وعلى أسعار العقارات.

back to top