بم يخبرنا المعدن الأصفر عما يجري في الأسواق الناشئة؟

نشر في 04-09-2018
آخر تحديث 04-09-2018 | 00:02
No Image Caption
عند محاولة علاج العدوى، من الضروري معرفة الفرق بين الأعراض والأسباب، ويبدو الأمر الآن كما لو أن الأزمة المالية التركية لم تكن سوى عرض شديد الوطأة للعدوى التي تنتقل عبر عملات الأسواق الناشئة، أما السبب الرئيسي فهو قطعًا قوة الدولار الأميركي، بحسب تقرير لـ«فايننشال تايمز».

رغم تجدد انخفاض الليرة التركية عقب ملامستها أدنى مستوياتها على الإطلاق قبل أسابيع، فإن الأمر المثير للانتباه هو الاتجاه الهبوطي الموحد في الأسواق الناشئة الأخرى مقابل الدولار، حيث سجل مؤشر «جيه بي مورغان» لعملات الأسواق الناشئة مستوى قياسيًا أدنى بحلول منتصف الشهر الماضي.

وانخفضت الروبية الهندية، التي تعد واحدة من أقوى عملات الأسواق الناشئة منذ سنوات، إلى مستوى قياسي مقابل الدولار، كما هبطت الروبية الإندونيسية إلى أدنى مستوياتها في عشرين عامًا، حتى الراند الجنوب إفريقي، عملة البلد الأكثر وضوحًا في الاعتماد على الدولار في التمويل بعد الأرجنتين وتركيا، يخضع لضغوط قوية في الفترة الأخيرة.

لكن أبرز ما يستدعي التركيز على قوة الدولار، ليس الأحداث في تركيا، بل الذهب، الذي يعد سعره مقياسًا مهما جدًا لإدراك المخاطر في الأسواق، والمخاوف من أن العملات قد تعاني ضغوطًا هبوطية، وهو أيضًا أحد أهم الروابط في النظام المالي العالمي.

بطريقة ما، انخفض سعر الذهب المقوم بالدولار بنسبة 12 في المئة منذ بلوغ ذروته الأخيرة قبل 12 شهرًا، ليسلك مسارًا أشبه كثيرًا بذلك الذي سارت فيه عملات الأسواق الناشئة خلال هذه الفترة، مع العلم أنه تخلى عن جميع مكاسبه منذ انتخاب دونالد ترامب رئيساً لأميركا في نوفمبر عام 2016. وبما أن المناخ الحالي لا يحبذ المخاطرة، فالطبيعي في مثل هذه الحالات سعي المستثمرين للحد من المخاطر، وبالتالي سيسعون وراء الذهب الذي يجدون فيه الأمان اللازم، لكن لم لم يحدث ذلك هذه المرة؟

يرجع ذلك جزئيًا إلى أن الطلب على الذهب يأتي عادة من الأسواق الناشئة، سواء من الأفراد الراغبين في اقتناء المجوهرات أو من البنوك المركزية التي تسعى لتدعيم احتياطياتها، مما يعد مؤشرًا على أن المستثمرين في الأسواق الناشئة يشعرون حاليًا أنه من الضروري شراء الدولارات وليس المعدن النفيس.

من ناحية أخرى، يعمل الذهب كمؤشر للإنذار حول تحركات الاحتياطي الفدرالي، فإذا شعر المستثمرون بأن البنك المركزي الأميركي سيتساهل ويسمح للتضخم بالارتفاع فسيشترون الذهب، لكن في الوقت الحالي هم يعتقدون أن صانعي السياسة سيكونون أكثر تشددًا، وبالتالي ستزداد قوة الدولار.

قد تكون بعض الأسواق الناشئة المضطربة قادرة على استعادة الثقة الدولية، وربما لا، لكن حتى لو تمكنت من إيقاف أزمتها الخاصة، فإن ذلك لن يوقف العدوى التي تنبع أساسًا من قوة الدولار، وإعادة تقييم الأصول الناشئة التي فرضتها على المستثمرين.

back to top