محمية صباح الأحمد الطبيعية ملاذ الطيور والحيوانات البرية والنباتات النادرة

تواجه التلوّث وتعزِّز التنوّع البيئي في الصحراء

نشر في 01-09-2018
آخر تحديث 01-09-2018 | 00:02
يُشكِّل إنشاء المحميات الطبيعية في العالم المصدر الرئيس راهناً للحفاظ على ما تبقى من أساسيات الحياة الفطرية بتنوعها البيولوجي، سواء النباتي أو الحيواني، وهو ما يُطبَّق في بيئتنا المحلية من خلال جهات حكومية وتطوعية بيئية عدة.
كي تعود الحياة البرية بطبيعتها إلى سابق عهدها، أي يوم كانت تتنشر فيها الغزلان بأنواعها الثلاثة (العدمي، والعفري، والريم)، والنعام، والأرانب البرية، والذئاب، والطيور كالقطا والحبارى، لا بد من إعداد الأماكن والمواقع البيئية المناسبة لها وتجهيزها وتوفير كل ما تتطلبه الحياة واستمراريتها من ماء وغذاء وتسخير الإمكانات البيئية لكل كائن حي من هذه العناصر التي تشكِّل الحياة الفطرية في الصحراء. نظرة إلى «محمية صباح الأحمد الطبيعية» اللافتة في هذا المجال.
تمثِّل «محمية صباح الأحمد الطبيعية» خير ترجمة محلياً للتوجهات العالمية في مجال الحفاظ على البيئة، وتتوافق مع التوصيات والقرارات الخاصة بمكافحة التصحر والصادرة من برامج الأمم المهتمة في 2020/2010، إضافة إلى أنها تتواكب مع توجيهات راعي البيئة الأول في الكويت حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد حفظه الله ورعاه.

يُشكِّل هذا المشروع البيئي الطموح إضافة مهمة إلى المحميات الطبيعية القائمة التي تخفف آثار التلوث البيئي الذي ينجم سواء عن النشاط الصناعي أو الرعي الجائر أو مخلفات الغزو العراقي الغاشم، إذ يسعى إلى معالجة المضار البيئية وإعادة الحياة والتنوع البيولوجي إلى الصحراء. يُضاف ذلك إلى سجل مركز العمل التطوعي الحافل بالإنجازات البيئية والذي تترأسه الشيخة أمثال الأحمد الصباح، إذ يسهم في الحفاظ على الصحة والسلامة البيئية، وذلك بالتعاون مع الجهات الأخرى في البلاد.

وتفضَّل حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه، بافتتاح المحمية المذكورة بتاريخ 3 مارس 2004 بعد تغيير أسمها من منتزه الكويت الوطني إلى «محمية صباح الأحمد الطبيعية».

تضاريس متنوعة

تقع المحمية شمال شرقي الكويت على طريق الصبية، بمساحة 320 كيلومتراً مربعاً يحيطها سياج طوله 110 كيلومترات، ولها بوابة رئيسة تقع على طريق الصبية وتتميز بتضاريسها المتنوعة من تلال، وسهول، ومنخفضات، ومسطحات طينية، وشواطئ بطول 16 كيلومتراً.

وتتميز المحمية بوجود مرتفعات تلال جال الزور في المحمية بطول نحو 16 كيلومتراً تقريباً، ويبلغ أقصى ارتفاع فيها 150 متراً. وفي هذه التلال منحدرات وأودية صخرية ورملية تكونت بسبب الأمطار والسيول منذ سنوات طويلة، وهي تعدّ إحدى أفضل البيئات الطبيعية التي تتميز بها المحمية كونها الملاذ الآمن لكثير من الثدييات الكبيرة، وفي مقدمها القط الرملي والثعلب الأحمر «الحصني» الذي تكاثر بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة نتيجة لتوافر المكان والغذاء المناسبين، إذ يعتمد في غذائه وبشكل رئيس على القوارض الصغيرة كالجربوع المنتشر في المناطق المجاورة للتلال وطائر البومة الصغيرة الذي يستوطن الأودية والمنحدرات ويعشش بين صخورها وتشققاتها.

تنمو في تلك المنطقة أيضاً شجيرات تميزها عن المناطق الأخرى مثل القرضي، والأرطي، والرمث، والثندا، وكثير من النباتات الحويلة من السليح والعضيد والسعدان.

تتميز المحمية أيضاً بتضاريس أخرى من بينها منخفض وادي أم الرمم، وهو أحد أهم المنخفضات والأودية في الكويت بعد وادي الباطن، تبلغ مساحته نحو 13 كيلومتراً مربعاً ويقع في غرب المحمية وهو قريب جداً من منطقة طلحة.

وينقسم منخفض وادي أم الرمم إلى قسمين تصلهما منطقة ضيقة تسمى «العنق»، وعلى أطرافه أودية صغيرة ذات انحدار شديد شبيهة بمنحدرات تلال جال الزور، لكنه يختلف عن التلال بتجمع الأمطار فيه على شكل بحيرات، خصوصاً في السنوات التي تكثُر فيها الأمطار.

والمنخفض غني بشجيرات القرضى والعوسج والنباتات الحولية الأخرى، ويمكن مشاهدة كثير من الحيوانات فيه مثل الضربان (الضربول)، والثعلب الأحمر، فضلاً عن الطيور الربيعية والخريفية وفي مقدمها الهدهد والصرد الرمادي الكبير (حمامي العربي) والبومة الصغيرة.

شجرة الطلحة

تشتهر المحمية أيضاً بشجرة الطلحة التي يقارب عمرها المئة عام، ويُطلق عليها مسمى شجرة «الطلح»، وهي قريبة جداً من منخفض وادي أم الرمم أي غرب المحمية.

ولهذة الشجرة أهمية كبيرة جداً، إذ يأوي إليها كثير من الطيور، خصوصاً في فترة الربيع والخريف مثل الجوارح الصغيرة (الأشوال، والرماني، والقفصي). وفي مارس 2001 رُصد تفريخ طائر الزرزور الأندلسي على تلك الشجرة وأشجار الصفصاف القريبة منها بأعداد ضخمة وعلى شكل مستعمرة، ويُعتبر هذا الأمر الأول من نوعه في الكويت.

بحرة العوجة

تشكِّل بحرة العوجة المنطقة التي تقع في شمال غربي المحمية أي خلف تلال جال الزور، وهي إحدى أكبر المناطق فيها. وتتميز بسهولها المنبسطة وبعض التلال الرملية المتفرقة والمنخفضات السهلة التي تتجمع فيها مياه الأمطار على شكل بحيرات في أثناء موسم المطر.

وتنمو في هذه المنطقة شجيرات القتاد وكثير من النباتات الحولية مثل النوير والعنصيل والبروق والكحيل التي تنمو في فصل الربيع وتوفر المأوى لكثير من الكائنات الصغيرة، وفي مقدمها الفراش كفراشة أبي العيد والعناكب التي تنشط في فصل الربيع وتشاهد بكثرة في هذه المناطق الأفاعي والسحالي بأنواعها المختلفة والضب والورل أيضاً، فهما من الحيوانات المميزة في تلك المنطقة. كذلك ثمة طيور برية تستوطن السهول المنبسطة لتبني أعشاشها على الأرض كطائر القبرة المتوجه والقوبعة وأم سالم والقبرة قصيرة الأرجل، ويشاهد أيضاً طائر الحباري. أما في السماء فتحلّق الجوارح الكبيرة في أسراب فوق المنطقة باحثة عن غذائها في السهول، ومن أشهرها عقاب السهول ومساح الريضان والنسر الرمادي.

السهل الساحلي

وتضم المحمية السهل الساحلي، وتقع هذة المنطقة أسفل تلال جال الزور باتجاه البحر، وهي عبارة عن سهل ساحلي بطول 16 كم تكثر فيه السبخات، خصوصاً كلما اقتربنا من البحر. وينمو فيه خليط من الأشجار المعمرة المقاومة للملوحة كالغردق، والهرم، والطرفا، والشنان، وكثير من النباتات الحولية.

إشادة بفريق إدارة المحميات الطبيعية التابع لمركز العمل التطوعي

لا بد من الإشادة بفريق إدارة المحميات الطبيعية التابع لمركز العمل التطوعي، ذلك لإدارته المحمية والإشراف عليها وصيانة مرافقها وإزالة المخلفات والأنقاض منها، فضلاً عن إعادة تأهيل النباتات والحيوانات، والحفاظ على التراث الطبيعي كمرتفعات جال الزور ومنخفض أم الرمم.

كذلك يشرف الفريق على إصدار تصاريح الدخول إلى المحمية، وتنظيم مواعيدها للجهات والمؤسسات الحكومية كجامعة الكويت ومعهد الأبحاث وهيئة الزراعة والتطبيقي، ذلك بهدف إجراء الدراسات والأبحاث على التنوع الأحيائي من نباتات وحيوانات وطيور وزواحف. ويُنظِّم أيضاً زيارات للأفراد والمنظمات والجهات الدولية من خارج الكويت للاطلاع على هذا الإنجاز الطبيعي الرائع، وللتعرف إلى البيئة الصحراوية ومراقبة ورصد الطيور المقيمة والمهاجرة.

back to top