استراتيجية 2020 لإنتاج 4 ملايين برميل يومياً... متعثرة

خبراء لـ الجريدة•: الخطة وُضعت وتغيرت مرات عدة... وهناك تصريحات بتأجيلها إلى 2035

نشر في 29-08-2018
آخر تحديث 29-08-2018 | 00:04
No Image Caption
التأكيدات على استراتيجية الوصول إلى إنتاج نفطي يصل إلى 4 ملايين برميل يومياً بحلول عام 2020، والتي تشير إليها مؤسسة البترول الكويتية من حين لآخر لم تتحقق منها إلا مراحل بسيطة لا ترقى إلى تنفيذها بحلول موعد 2020، الذي حددته المؤسسة.
"الجريدة" توجهت إلى المختصين لإبداء آرائهم حول تلك الاستراتيجية في التحقيق التالي:
في البداية يقول الخبير النفطي د. عبدالسميع بهبهاني إن توقعات الطلب العالمي على النفط في ازدياد بواقع 1.5 مليون برميل يوميا في 2018 و2019، وإن الإنتاج العالمي سيقفز 3 ملايين برميل يوميا، ليصل الى 100 مليون برميل يوميا، وهي راجعة إلى عوامل الضغط الدافعة أسعار النفط الى ارتفاع.

ويضيف أنه بهذا الارتفاع سيكون توجه الدول المستهلكة، وخاصة آسيا، الى النفط الثقيل نسبيا كالنفط الكويتي (API 30.2).

واستعرض بهبهاني تقييمه للقطاع النفطي الكويتي لسنة 2018 من حيث المخزون والإنتاج، معتبرهما أهم محورين في تقييم إنجاز القطاع، حيث سجل بعض الملاحظات الآتية:

10 مليارات برميل نفط

1- المخزون المثبت لا يتناسب مع المخزون الإجمالي لحقول نفط الكويت، حيث إن المثبت مازال لا يتجاوز ٣٥ في المئة من الإجمالي. هذا رغم الاكتشافات الجديدة في الشمال ذات الزيت الخفيف (API 40) والغاز المصاحب ذي الحرارة العالية، إضافة الى النفط والغاز الجوراسي العميق المكتشف منذ 2005.

2- الإنتاج المستهدف في 2020 هو 4 ملايين برميل يوميا، ونسمع التصريحات بالتأجيل الى 2035، وهو تأجيل كبير للمشروع رغم المسوحات الزلزالية عالية الدقة المتكررة، ونتائج اختبار الآبار التقييمية الإيجابية، وإن المعدل السنوي للإنتاج استقر على 2.9 مليون برميل يوميا، وهو إنجاز، رغم التعقيدات التي تواجهها المؤسسة.

3- حقول معطلة وأخرى معقدة: حيث مازالت حقول الجنوب البرية والبحرية معطلة بسبب سياسي غير مقنع، مما تسبب في تعطيل مخزون يقدر بـ 10 مليارات برميل نفط مكافئ وقدره إنتاجية تقدر بـ ٥٠٠ الف برميل يوميا (حصة كويتية).

4- الغاز أيضا تأخر، حيث مازالت الكويت تنتج 1.2 مليار قدم مكعبة يوميا، رغم حاجتها الى ٤ مليارات قدم مكعبة يومية. والسبب أيضا التأخير من جانب وفقدان الأولويات من جانب آخر، هذا رغم جودة الغاز المكتشف في الشمال (35 تريليون قدم مكعبة) ذي الحرارة العالية (أكثر من 1500 Btu للقدم المكعبة) ومن ضمن خطة زيادة إنتاج الغاز الحر والمصاحب، وتم الإعلان عن إنتاج 510 ملايين قدم مكعبة يوميا، الذي كان من المفترض أن يتم مع نهاية شهر ديسمبر 2017، إضافة الى إنتاج حقول الشمال مليار قدم مكعبة الذي كان مفترضا في 2016!

5- مشاريع المشتقات والوقود البيئي: مشروع الزور الذي يشمل 5 حزم من مصفاة لجميع أنواع النفوط، ومرافق لاستيراد الغاز وبتروكيماويات، إضافة الى محطة كهرباء وتحلية مياه بكلفة رأسمالية 4.8 مليارات دينار وبطاقة تكريرية 800 ألف الى 1.4 مليون برميل يوميا بإشراف "كيبيك".

وقال: في تصوري انه "الأمل الآمن" في ضمان تسويق النفط الكويتي وإضافة مشتقات الصناعة التحويلية الى المشتقات الثمانية التقليدية. ورغم أن ما أنجز من الحزم الخمس يتراوح بين 20 و45 في المئة، حسب تصريح رئيس "كيبيك"، فإن القدرة على إنجازه في وقته المحدد نهاية 2018 هو تحد كبير! وكذلك الأمل في الوقود البيئي، في مصفاة الأحمدي وميناء عبدالله، الذي يقلل الكبريت وبمعدل إنتاج 800 الف برميل يوميا.

6- تصريح وزير النفط بإنتاج النفط الخفيف سوبر لايت الكويتي 120 الى 200 الف برميل يوميا، وكذلك إنتاج 500 مليون فدم مكعبة غاز الصابرية عالي الحرارة والمكثفات المصاحبة 200 الف برميل يوميا، بعد انتظار أكثر من 13 سنة.

7- إغلاق مصاف قبل موعدها بحجة علو الكلفة التشغيلية، ولا أحد يسأل عن سبب ذلك، مبينا أن ذلك يرجع إلى تدني أداء المصافي للإهمال وكثرة الحوادث، وهذه الأسباب قابلة لتكرارها في المصافي الجديدة!

استثمار رأسمالي

وأشار بهبهاني الى أن الخطة وضعت وتغيرت عدة مرات منذ 2009، وآخر الخطط كان استثمارا رأسماليا بقيمة 500 مليار لزيادة الإنتاج الى 4.75 ملايين برميل يوميا في 2040، لافتا أيضا الى تصريحات لرئيس شركة نفط الكويت في أبريل 2018 بأنه يخطط لاستيراد 86 منصة حفر عن طريق 4 عقود حفر 630 بئرا لإنتاج 3.65 ملايين برميل مع 2020، منها حفر 6 آبار بحرية، والابتداء نهاية 2018 بقيمة 300 مليون د. ك (160 مليون دولار للبئر!)، مما يوحي أن التصريحات سهلة وغير ملزمة.

من هذه التجربة التاريخية أرى وفرة رأس المال، ولكن العثرات مستمرة، مما يجعل أهل الاطلاع غير مطمئنين للخطة 2040.

وقال بهبهاني إنه يقدر التحديات التي تواجه المؤسسة، وتتسبب في تأخير المشاريع، ومن ثم انخفاض جدواها الاقتصادية، والتي من أهمها:

1- مقاولو الباطن ذوو الكفاءة المتواضعة جدا، والتساهل في رقابتهم وفرض الجزاءات عليهم.

2- إضافات مصطنعة الى المشاريع بمبالغ إضافية خيالية!

3- المسوحات الجيوفيزيائية المتكررة ذات الإضافات الفنية المتواضعة، وكمثال على ذلك المسح الزلزالي ثلاثي الأبعاد في المنطقة الغربية (118 مليون دولار)!! في معرفتي الاختصاصية انه رقم خيالي جدا، ويفوق التصور!

4- كلفة البرميل (8 دولارات) صحيح، ولكن في بعض المناطق الغربية مثلا تصل الكلفة الى 14 دولارا، ورغم ذلك، فالكويت الأقل تكلفة في العالم، ولكنني لا أرى ذلك إنجازا لمساحتها الصغيرة وحقولها السهلة والمخزون الضخم إذا ما قورنت الكلفة مع روسيا الكبيرة والمعقدة طبوغرافيا وجيولوجيا (8 - 14 دولارا للبرميل).

5- باعتبار تأخر المشاريع غير المتوقعة ومع تقلبات أسعار النفط وشدة المنافسة التسويقية والأوضاع السياسية المضطربة، أرى أن زيادة القدرة "التخزينية" التجارية في موانئ الكويت ضرورة ملحة لحل مشكلة فقدان الفرص التجارية، فمضاعفة المخزونات التجارية الى 50 مليون برميل يوميا تبدو ذات جدوى اقتصادية ملحة.

6- الدورة المستندية للمشاريع 21 عاما هي دورة مرعبة ومحطمة لجدوى المشاريع، خاصة ونحن على أبواب عقود تجاربة مع مستثمرين كبار.

7- أنصح بإهمال المشاريع الاستعراضية من شمس وهواء، وجلبها الى الداخل لتنافس المنتج المحلي، ويزيل ما نوفره من تصنيع للنفط الجديد القادم ومشتقاته!

8- الدعم السياسي لاستعادة الثروة السيادية المعطلة أصبحت ضرور وإهماله يعني فقدانها!

9- مازلت أرى أن تسييس المناصب الفنية ثمنه باهظ على ثروتنا النفطية!

10- التغييرات الهيكلية العملاقة وسط هذه الخطة 2040، وهي في بداياتها، تعتبر عقبة حتى يستوعبها القائمون على المؤسسة.

إنتاج مستدام

من جانبه، قال رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي في شركة خدمات النفط والغاز، حسام معرفي، إن التوجهات الاستراتيجية الجديدة للقطاع النفطي في دولة الكويت حتى عام ٢٠٤٠، والذي يحث على الوصول الى معدلات طاقة إنتاجية مستدامة للنفط الخام والغاز الطبيعي شاملا المنطقة المقسومة، بما يعادل 4 ملايين برميل نفط و0.5 مليار قدم مكعبة من الغاز الطبيعي بحلول عام 2020، والزيادة الى معدلات إنتاجية أكثر بحلول عام 2030، لتصل الى ما يعادل 4.4 ملايين برميل نفط و1.8 مليار قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، وبحلول عام 2040 لتصل الى ما يعادل 4.75 ملايين برميل نفط و2.5 مليار قدم مكعبة من الغاز الطبيعي.

وأضاف معرفي: تتضمن الاستراتيجية سياسات تعويض الكميات المنتجة من الهيدروكربون بإضافة كميات من الاحتياطيات المؤكدة من النفط والغاز سنويا بنسبة 100 في المئة من خلال مواصلة عمليات الاستكشاف وطرق تحسين الإنتاج من النفوط الطبيعية والاستخراج المعزز.

وتتضمن الاستراتيجية كذلك مواصلة الاستكشافات الخارجية ونشاط عمليات التكرير والبتروكيماويات والتسويق العالمي والبحث والتكنولوجيا.

تحديات متوقعة

وأشار معرفي إلى أنه في ظل الظروف الحالية للأسواق النفطية العالمية، التي تشهد عدم الاستقرار، نرى أن هناك مجموعة من التحديات المتوقع أن يواجهها القطاع النفطي خلال السنوات المقبلة، منها على سبيل الذكر:

1- ارتفاع تكلفة المشاريع الرأسمالية، وما يصاحبها من زيادة الحاجة إلى مبالغ تمويلية ضخمة لتنفيذ هذه المشاريع لتحقيق أهداف الاستراتيجية.

2- زيادة تكلفة إنتاج البرميل النفطي في عدد من المكامن النفطية المنتجة لزيادة كميات المياه المصاحبة للإنتاج وانخفاض الضغوط في هذه المكامن، مما يحتم استخدام طرق إنتاجية معززة، واستخدام التكنولوجيا لزيادة الإنتاج، والحد من زيادة ارتفاع تكلفة الإنتاج للنفط والغاز.

3- بداية تنفيذ مشاريع رأسمالية ضخمة متعلقة بإنتاج النفط الثقيل من حقول جنوب الرتقة وأم نقا وما يتطلبه الإنتاج من عمليات معقدة كحقن البخار وعمليات الاستخلاص المعزز وزيادة تكلفة الإنتاج في ظل انخفاض سعر النفط العالمي.

4- تأخر إنجاز بعض المشاريع الرأسمالية الحيوية نتيجة لضعف أداء بعض المقاولين، مما سيكون له تأثير سلبي على تنفيذ الخطط الاستراتيجية.

وطالب معرفي بضرورة تضافر الجهود والتنسيق والتواصل بين مؤسسة البترول الكويتية وشركاتها التابعة مع شركات البترول العالمية وشركات المقاولين المحلية والعالمية لتحقيق الأهداف المرجوة والتغلب على المعوقات والتحديات ومواكبة التطور السريع في مجالات إنتاج النفط والغاز واستخدام التكنولوجيا الحديثة.

خطط مدروسة

بدوره، قال الاستشاري النفطي يوسف القبندي إنه لا يمكن أن تصل المؤسسة الى إنتاج 4 ملايين برميل نفط يوميا بحلول 2020، لأن ذلك يحتاج الى استثمارات كبيرة، وإلى الاستعانة بشركات عالمية متخصصة في مجال النفط، على أن تمتلك تلك الشركات العالمية خبرات متطورة وتتميز بالكفاءة العالية.

وأعرب القبندي عن اعتقاده بأن ذلك يحتاج إلى خطط مدروسة بشكل واف ومجهودات كبيرة، كما يحتاج الى ميزانية رأسمالية كبيرة لذلك، وبناء على ذلك فقد اعتبر الوصول الى حجم الإنتاج المستهدف هو التحدي الكبير، وكذلك يأتي إنتاج النفط الثقيل من أهم التحديات.

تحفظ عن الاستراتيجية

من جانبه، أعرب أستاذ الاقتصاد بجامعة الكويت، د. جاسم المضف، عن تحفظه عن الاستراتيجية من أساسها، حيث قال: هل نحن في الكويت سندخل في سباق الإنتاج العالمي؟ ولماذا نريد الوصول الى هذا الرقم من الإنتاج، رغم أن الدخل القومي للبلاد من انتاجنا الحالي للنفط يعد كبيرا، ولا نحتاج حاليا إلى زيادة الإنتاج؟ متسائلا: هل نحن بحاجة إلى المال؟

وأشار المضف الى أن الاستثمارات الكويتية الخارجية التي تديرها الهيئة العامة للاستثمار تعادل نحو أربعة اضعاف دخلنا من النفط، ويبقى فقط الاتجاه نحو المشاريع العملاقة، لافتا الى امتلاك البلاد بنية تحتية تهيئ كافة الظروف لإقامة المشاريع الكبرى.

ولفت الى ضرورة أن تفصح مؤسسة البترول عن السبب في زيادة الإنتاج بشكل واضح وصريح، وما هو الهدف من تلك الزيادة حتى يعرف المواطن أسباب ذلك وأهدافه، بدلا من تلك التصريحات.

عوائق تحول دون تنفيذها

من ناحيته، يرى أستاذ الاقتصاد في الجامعة العربية المفتوحة، د. عواد النصافي، أن زيادة الآبار النفطية من 130-180 والبدء في الإعداد لإنتاج النفط الثقيل من حقل الرتقة بمعدل يصل الى 60 ألف برميل يوميا، ووجود مشاريع لإنتاج الغاز الطبيعي في شمال الكويت لتصل الطاقة الإنتاجية الى مليون قدم مكعبة تصب في قدرة المؤسسة للوصول إلى هدف إنتاج 4 ملايين برميل يوميا بحلول 2020.

وأضاف النصافي: كما أن توسع المؤسسة في بناء المجمعات النفطية ومصافي التكرير في فيتنام والبحرين وعمان والولايات المتحدة وكندا يوصل رسالة إيجابية للحاجة إلى الوصول لمستوى إنتاج 4 ملايين برميل يوميا، معتبرا أن مستقبل النفط ليس بإنتاج النفط الخام، وإنما بالتوسع في قطاع التكرير ومشروعات البتروكيماويات.

وأشار الى أن ذلك التوجه يحاكي الواقع، ويماثل توجهات كبرى الشركات النفطية العالمية، ويؤكد أن زيادة القدرة الإنتاجية ستساعد على زيادة القدرة التسويقية في المشتقات النفطية.

وأوضح أنه بالنظر إلى السنوات الماضية والخطط الموضوعة من قبل المؤسسة، نجد أن هناك تحقيقا لهذه الخطط، إلا أنه ما كل ما يتمناه المرء يدركه، لأن من الممكن أن تكون هناك عوائق خارج إرادة المؤسسة تحول دون تحقيق الأهداف في زيادة الإنتاج، ومنها:

1- اتفاقيات "أوبك" لخفض الإنتاج والحصص المقررة للأعضاء، وهذا يؤثر بشكل مباشر على هدف زيادة الإنتاج حتى تتناغم مع سياسات "أوبك" السعرية والإنتاجية.

2- إنتاج النفط الصخري الذي يتزايد مع زيادة الأسعار.

3- الموقف الدولي تجاه إيران وقدرة ليبيا الإنتاجية وتغير المواقف الدولية تجاه إيران ورفع العقوبات عنها، تؤدي الى زيادة المعروض النفطي، وتؤثر على الأسعار، ولكن في الوضع الراهن هناك حاجة إلى تعويض حصة إيران في الأسواق، وهذا سيساعد على تحقيق هدف زيادة الإنتاج؛ كما أن عودة إنتاج النفط الليبي مرهونة باستقرار الأوضاع السياسية، وهذا سوف يؤثر بشكل مباشر على هدف زيادة الإنتاج.

4- الوضع الاقتصادي العالمي والانكماش الاقتصادي والأزمات المالية تؤدي الى ضعف الطلب على النفط، مما يسبب عائقا لتحقيق هدف الزيادة المستهدفة.

إضافات مصطنعة إلى المشاريع بمبالغ خيالية...بهبهاني

من الضروري مواكبة التطور السريع في مجالات إنتاج النفط والغاز... معرفي

مستقبل النفط ليس بالإنتاج بل بالتوسع في قطاع التكرير ...النصافي

هل ستدخل الكويت في سباق للإنتاج العالمي؟... المضف

تحديات عديدة تواجه القطاع النفطي أهمها كلفة المشاريع الرأسمالية

الوصول إلى إنتاج 4 ملايين برميل نفط يومياً يحتاج إلى استثمارات ضخمة

هناك حاجة ماسة إلى تعويض حصة إيران وربما يساعد ذلك في تحقيق الاستراتيجية

الدورة المستندية محطمة للجدوى الاقتصادية للمشاريع
back to top