استمرار نزيف الليرة التركية في ظل الصورة القاتمة للاقتصاد

الدولار يتخطى مستوى 7 ليرات واليورو يتراجع... وارتفاع عملات الملاذ الآمن

نشر في 14-08-2018
آخر تحديث 14-08-2018 | 00:04
اضطراب في سوق الصرف    (رويترز)
اضطراب في سوق الصرف (رويترز)
بينما تراجع اليورو قرب أقل مستوى في 13 شهراً أمس، أدى هبوط الليرة التركية إلى انخفاض حاد لراند جنوب إفريقيا، وعزز الطلب على العملات التي تعد ملاذات آمنة مثل الدولار الأميركي والين الياباني.
استمراراً لنزيف الخسائر، أفادت "رويترز" بأن الليرة التركية هبطت إلى مستوى قياسي جديد أمام الدولار الأميركي خلال التعاملات الصباحية الآسيوية، في ظل صورة قاتمة لدى المستثمرين إزاء اقتصاد أنقرة.

وخلال التداولات المبكرة من جلسة أمس، في آسيا، قفز الدولار أعلى 7 ليرات أمام الليرة للمرة الأولى على الإطلاق، ولامس المستوى 7.24 عند افتتاح الجلسة.

يأتي ذلك بعد أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم الجمعة عزم واشنطن مضاعفة الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألمنيوم من تركيا.

وفقدت الليرة حوالي 40 في المئة من قيمتها أمام العملة الأميركية خلال العام الحالي، نتيجة المخاوف من تصاعد تأثير الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في الاقتصاد وتدخله في السياسة النقدية للبنك المركزي.

وبينما تراجع اليورو قرب أقل مستوى في 13 شهراً أمس، أدى هبوط الليرة التركية إلى انخفاض حاد لراند جنوب إفريقيا وعزز الطلب على العملات التي تعد ملاذات آمنة مثل الدولار الأميركي والين الياباني.

وبعد أن سجلت الليرة مستوى قياسياً منخفضاً عند 7.24 مقابل الدولار في التعاملات المبكرة أمس، لقيت العملة التركية بعض الدعم بعد تصريحات وزير المالية التركي براءت ألبيرق بأن الحكومة أعدت خطة عمل اقتصادية لتهدئة مخاوف المستثمرين، بينما ذكرت الهيئة المعنية بالرقابة على البنوك أنها قيدت صفقات المبادلة.

كما ضعف الراند الجنوب إفريقي والبيزو المكسيكي مقابل الدولار الأميركي أمس، إذ أدت أزمة الليرة إلى اضطراب عملات أسواق ناشئة أخرى.

وتضرر اليورو كثيراً الجمعة بعدما نقلت صحيفة فايننشال تايمز عن مصدرين القول، إن البنك المركزي الأوروبي قلق بشأن بنوك إسبانيا وإيطاليا وفرنسا وانكشافها على تركيا.

وأمس لامس اليورو 1.13655 دولار وهو أقل مستوى أمام العملة الأميركية منذ يوليو 2017، وسجلت العملة الأوروبية الموحدة انخفاضاً نسبته 0.3 في المئة لتصل إلى 1.13765 دولار.

كما تراجع اليورو أمام الفرنك السويسري والين وجرى تداوله عند 1.13065 فرانك بانخفاض حوالي نصف في المئة عن نهاية الأسبوع الماضي لينزل إلى أقل مستوى في عام عند 1.12980 فرنك.

كما نزلت العملة الموحدة نحو 1 في المئة مقابل العملة اليابانية لتصل إلى 125.27 يناً، مقتربة من أقل مستوى في شهرين ونصف الشهر عند 125.26 يناً.

ولقيت الليرة بعد الدعم بعد أن هوت إلى مستوى متدن قياسي أمام الدولار الأميركي. ونزلت العملة التركية أكثر من 40 في المئة مقابل الدولار العام الحالي نتيجة مخاوف من إحكام الرئيس إردوغان قبضته على الاقتصاد وتفاقم الخلاف السياسي مع الولايات المتحدة.

ونزل البيزو نحو 1.5 في المئة عن اليوم السابق ليبلغ حوالي 19.19 بيزو للدولار، بينما فقد الراند 4.8 في المئة ليصل إلى 14.75 رانداً للدولار.

وتراجع الدولار الأسترالي 0.3 في المئة إلى 0.7271 دولار، بعدما بلغ أدنى مستوياته في 19 شهراً عند 0.72505 دولار في وقت سابق من الجلسة.

وصعد الين حوالي 0.7 في المئة مقابل الدولار الأميركي، وسجل في أحدث التعاملات 110.17 ينات للدولار مع استمرار إقبال المستثمرين على الأصول الآمنة.

وجدد الرئيس التركي، الأحد مناشدته الأتراك لليوم الثالث لبيع الدولار واليورو من أجل دعم الليرة التي هوت بحدة بعد فرض رسوم أميركية على صادرات الصلب والألمنيوم التركية، وبعد حدوث تحولات مالية زادت من حدة القلق تجاه وضع العملة التركية.

وقال إردوغان في خطاب الأحد، إن "زيادة رسوم واردات المعادن من جانب الولايات المتحدة ينتهك قواعد منظمة التجارة العالمية" واصفاً تدهور الليرة بأنه "مؤامرة سياسية" ضد تركيا.

وأعلن أن تركيا ستبحث عن "أسواق جديدة وحلفاء" آخرين بعد تدهور العملة الوطنية.

وكان إردوغان خفف بتصريحات أمس من وطأة ما تشهد بلاده من تدهور على صعيد سعر صرف العملة ، قائلاً إن اقتصاد بلاده لا يعاني أزمة

ولا يقف على شفا الإفلاس، مشيراً إلى أن تذبذبات سعر الصرف هي "صواريخ" حرب اقتصادية تتعرض لها تركيا. وأضاف إردوغان في اجتماع بإحدى دوائر حزب العدالة والتنمية في مدينة ريزا الساحلية المطلة على البحر الأسود، أن تركيا تتأهب لتنفيذ تعاملات تجارية بالعملات المحلية مع كل من الصين وروسيا وأوكرانيا.

ووصف معدلات الفائدة بأنها "أداة استغلال"، مطالباً بخفضها إلى أدنى مستوى ممكن.

وقال إردوغان، إن "معدلات الفائدة يجب خفضها إلى أدنى مستوى ممكن، لأنها أداة استغلال تجعل الفقراء أكثر فقراً والأغنياء أكثر غنى".

وتعرض البنك المركزي التركي في الأسابيع الأخيرة لضغوط بهدف رفع معدلات الفائدة لمواجهة تضخم كبير وتدهور العملة الوطنية.

وكان ترامب أمر بزيادة الرسوم على واردات من تركيا بحيث تصبح رسوم استيراد الألمنيوم 20 في المئة، والصلب 50 في المئة مع تصاعد التوترات بين البلدين العضوين بحلف شمال الأطلسي، بسبب احتجاز تركيا قساً أميركياً وخلافات دبلوماسية أخرى.

الأسهم لأدنى مستوياتها في 9 سنوات

تعرض سوق الأسهم التركي لضربة جديدة، أمس، بعد تقلبات الأسبوع الماضي، إذ هبط مؤشره الرئيسي إلى أدنى مستوياته منذ مارس 2009، وفقاً لقيمته الدولارية.

وتراجع مؤشر "بيست 100" للأسهم الرئيسية في بورصة إسطنبول بنسبة 2.3 في خلال التعاملات الصباحية أمس، في أعقاب هبوط مماثل سجله خلال جلسة الجمعة. وأظهرت بيانات لـ"بلومبرغ"، أن المؤشر فقد نحو خُمس قيمته بالليرة هذا العام، بينما بلغت خسائره مقومة بالدولار الأميركي نحو 55 في المئة. ومع انخفاض الليرة نحو 27.6 في المئة خلال أغسطس وحده، ازداد قلق المحللين بشأن القطاع المالي في البلاد. وقدمت المصارف أداءً ضعيفاً جداً، إذ تراجع مؤشر "بيست 100" للبنوك، بنسبة 7.4 في المئة أمس، وبنسبة 40.7 في المئة -مقوماً بالعملة المحلية- منذ بداية هذا العام.

الرئاسة: الاقتصاد قوي

قال إبراهيم كالين المتحدث باسم الرئاسة التركية، أمس، إن اقتصاد البلاد قوي، وإن أحداً يجب ألا يلتفت إلى الأخبار والتحركات التي تندرج تحت بند التكهنات والمضاربة.

وأضاف كالين، في تعليقات عبر "تويتر"، أن وزارة الخزانة والبنك المركزي والهيئة المعنية بالرقابة المصرفية وهيئة أسواق المال وغير ذلك من المؤسسات تتخذ الخطوات اللازمة من أجل تحقيق الاستقرار الاقتصادي.

«المركزي» يتعهد بتوفير السيولة الضرورية

أفاد البنك المركزي التركي أمس بأنه سيوفر السيولة التي تحتاجها البنوك، وسيراقب الأسواق والأسعار عن كثب، لاتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للحفاظ على الاستقرار المالي.

وصدر بيان البنك بعد أن صرح وزير المالية براءت ألبيرق بأن تركيا ستبدأ تنفيذ خطة عمل اقتصادية اليوم بعد الانخفاض الحاد لليرة.

وأعلن البنك المركزي أنه خفض نسب الاحتياطي الإلزامي لليرة بواقع 250 نقطة أساس لجميع الآجال، كما خفض نسب الاحتياطي الإلزامي للالتزامات غير الأساسية بالعملة الأجنبية، بواقع 400 نقطة أساس للآجال التي تصل إلى ثلاث سنوات. وأضاف أن هذه التغييرات ستوفر للنظام المالي نحو 10 مليارات ليرة و6 مليارات دولار، وما يعادل 3 مليارات دولار من السيولة الذهبية، مبينا أن الإجراءات اتخذت من أجل دعم أنشطة أسواق المال وتعزيز مرونة البنوك في إدارة سيولتها.

ارتفاع تكلفة التأمين على ديون تركيا

ارتفعت تكلفة التأمين على الديون التركية إلى أعلى مستوى منذ الأزمة المالية العالمية، التي وقعت عام 2008 مع تراجع حاد في قيمة الليرة التركية من جديد في أسواق العملات العالمية.

وقفزت عقود مبادلة الائتمان التركية لأجل خمس سنوات 78 نقطة أساس إلى 529 نقطة أساس، حسبما أظهرت بيانات من "آي.إتش.إس ماركت". وعقود مبادلة الائتمان هي أداة أساسية يستخدمها المستثمرون للتأمين ضد الاضطرابات المالية.

تحقيقات في تعليقات بالشبكات الاجتماعية حول الاقتصاد

قالت وزارة الداخلية التركية أمس، إنها تتخذ الإجراءات القانونية اللازمة بشأن ما يُنشر على وسائل التواصل الاجتماعي بخصوص سعر صرف الدولار ويخلق انطباعاً سلبياً عن الاقتصاد.

وذكرت الوزارة أنه جرى رصد 346 حساباً على مواقع التواصل الاجتماعي نشرت تعليقات حول تراجع قيمة الليرة "على نحو تحريضي" منذ السابع من أغسطس، وتم البدء في إجراءات قانونية.

وتعهدت السلطات التركية باتخاذ إجراءات صارمة ضد الأخبار والمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، التي قالت إنها تهدد الثقة في الاقتصاد، إذ أطلقت الحكومة جهداً متعدد الجوانب لوقف الهبوط السريع لليرة.

وأوضح مجلس أسواق رأس المال التركي، في بيان، أنه سيسعى لاتخاذ إجراء قانوني ضد من يصدرون أو ينشرون أخباراً أو تصريحات مختلقة أو غير صحيحة عن البنوك والشركات والمؤسسات المالية المتداولة.

وأضاف البيان أن القانون الذي يحكم أسواق رأس المال يقضي بالسجن لمدة تتراوح بين عامين إلى خمسة أعوام وتوقيع غرامات على أولئك الذين يسعون إلى التأثير على أسعار وتقييمات سوق رأس المال أو قرارات المستثمرين من خلال بياناتهم وتقاريرهم وقصصهم الإخبارية والتحليلات.

وتحقق وزارة الداخلية التركية بشأن 346 حساباً على مواقع التواصل الاجتماعي نشروا تعليقات بشأن ضعف الليرة بطريقة استفزازية.

back to top