الالتهاب... ماذا نتعلّم من عجل البحر والفقمة؟

نشر في 25-07-2018
آخر تحديث 25-07-2018 | 00:00
No Image Caption
مع تعمّق العلماء في دراسة الالتهاب، يزداد الدور الذي يؤديه في الصحة والمرض وضوحاً. تناولت دراسة جديدة رئتي زعنفيات أقدام (عجل البحر وفقمة ويديل) تغوص عميقاً في المياه وتوصلت إلى معلومات جديدة مهمة.
صحيح أن الالتهاب ليس سيئاً بحد ذاته، بما أنه يشكّل طريقة يحمي بها الجسم نفسه من أي تلف إضافي ويسرّع عملية الشفاء، إلا أن مساوئه تفوق مضاره عندما يخرج عن السيطرة.

ونظراً إلى أن الالتهاب يؤدي دوراً في أمراض غير مترابطة في الظاهر، مثل الداء السكري، والفصام، وحالات المناعة الذاتية، فيسعى العلماء بدأب إلى فهم سبل كبح لجام هذه العملية.

بدأ الباحثون يكتشفون ببطء الآليات الكامنة وراء الالتهاب، ولكن ما زال أمامهم الكثير من العمل.

وضمن إطار هذا البحث، يتطلعون إلى مواضع غير اعتيادية. على سبيل المثال، تأملت دراسة حديثة، نُشرت في مجلة علم الأحياء الاختباري، عن كثب رئتي ثدييات بحرية.

دراسة حيوانات الأعماق

قرّر فريق من باحثين يتوزعون على عدد من المؤسسات في مختلف أنحاء الولايات المتحدة التحقق من نوعَين من زعنفيات الأقدام: عجل البحر وفقمة ويديل.

تستطيع فقمة ويديل الغوص إلى أعماق تفوق 600 متر، في حين سُجّل نزول عجل البحر إلى أكثر من كيلومترين. وفي أعماق مماثلة، يكون ضغط الماء حول الحيوان أكبر بنحو 240 مرة مما يبلغه ضغط الهواء عند مستوى سطح البحر.

من التحديات الفيزيولوجية الكثيرة التي يواجهها الحيوان مع الغوص إلى أعماق مماثلة تعرض الرئتين لضرر كبير. فخلال الغوص، تنهار رئتا الحيوان بغية تفادي امتصاص النيتروجين، ما يؤدي إلى سحق الأنسجة. وفيما يعود إلى السطح، يتدفق الدم إلى الرئتين بسرعة مذهلة.

في معظم الثدييات، يؤدي التعامل مع أنسجة حساسة بهذه الطريقة إلى تلف كبير. لكن معدي هذه الدراسة المثيرة للاهتمام يؤكدون: «لا دليل على أن الغوص يلحق الأذى بوظائف رئتي هذين النوعين».

قادت هذا البحث أليسون هندل من كلية الطب في جامعة هارفارد في بوسطن وميلتون ليفين من جامعة كونيتيك في ستورز. أراد الفريق الحصول على معلومات إضافية عن كيفية تعاطي زعنفيات الأقدام مع تطورات رئوية حادة مماثلة، ورغب خصوصاً في فهم ما إذا كان رد الفعل الالتهابي يقدّم لها الحماية.

تحدي رئتي زعنفيات الأقدام

لاختبار نظريتهم، أضاف الباحثون نوعاً من عديد السكاريد الشحمي (سم بكتيري) إلى عينات دم الحيوانات. يؤدي هذا النوع من السموم الداخلية إلى رد فعل مناعي مثبت لدى الفقريات. وفي معظم الحيوانات، يسبب هذا الاعتداء الالتهاب. ولكن في دم زعنفيات الأقدام، لم يلحظ الباحثون أي رد فعل. في المقابل، عندما أُضيف السم ذاته إلى دم بشري، جاء رد الفعل أقوى بنحو 50 إلى 500 مرة.

عمل الباحثون بعد ذلك على إضافة مصل زعنفيات الأقدام إلى خلايا مناعية مأخوذة من فئران، فأسهم هذا المصل في تخفيف رد الفعل المناعي تجاه السم إلى حد كبير. يكتب الباحثون: «تُظهر هذه البيانات أن مصل زعنفيات الأقدام يتمتع بخصائص مضادة للالتهاب، ما يحمي حيوانات الأعماق هذه من التحديات الالتهابية التي تحدث طبيعياً، مثل نقص التأكسج- نزع الأوكسجين وانهيار الرئتين نتيجة الغوص».

يأمل الباحثون بأن يؤدي خط الأبحاث هذا إلى تدخلات طبية تتخطى حماية رئتي الغواصين. على سبيل المثال، قد تُستخدم هذه الاكتشافات ذات يوم لإطالة أمد حياة أعضاء مزروعة أو المساهمة في علاج إصابات الرئتين الحادة. ما زال أمامنا الكثير من العمل قبل أن نفهم أي مركبات من المصل تحمل هذه القوى العجائبية المضادة للالتهاب. لكن هذه الاكتشافات مثيرة للاهتمام. وفي المستقبل، عندما يحدد الباحثون المكونات النشيطة، يكون جزء إضافي من لغز الالتهاب قد حُلّ.

مصل زعنفيات الأقدام يتمتع بخصائص مضادة للالتهاب
back to top