مشرف فريق «صحارينا» إبراهيم العامر: التنوّع البيولوجي يضمن أمننا الغذائي والصحي والبيئي

أنشأ محمية خاصة للحيوانات والأشجار المهدّدة بالانقراض

نشر في 30-06-2018
آخر تحديث 30-06-2018 | 00:04
أحد أوائل الناشطين في مجال الحياة الفطرية، ويُعتبر مرجعاً للمهتمين في هذا المجال، مشرف فريق «صحارينا» الخليجي إبراهيم العامر يكرِّس وقته في متابعة الأشجار البرية والحيوانات بمسمياتها كافة وأماكن تكاثرها من شمال البلاد وجنوبها. تحدّث إلى «الجريدة».
يملك إبراهيم العامر مزرعة مصغرة منذ 20 عاماً، تتميّز بتنوع بيئي فطري جميل يستحق الزيارة، خصوصاً أنه الوحيد على مستوى الخليج ممن حافظوا على حمام الدحل النادر الذي تناقصت أعداده بسبب الصيد الجائر وتدمير أماكن تكاثره، إضافة إلى تهجينه مع حمام من أنواع أخرى، وكان يُعرف بكثرته في جال الزور والآبار القديمة.

أوضح العامر في لقاء أجرته «الجريدة» معه أن الأعوام الأخيرة شهدت عمليات صيد لأنواع حيوانات عدة نادرة مهددة بالانقراض، ما زاد من قلقه حول مصيرها على المدى الطويل، كالأرانب البرية والضبان والطيور البرية ومنها حمام الدحل الذي اقتناه منذ 2004 وأنشأ محمية خاصة له ووزّع إنتاجه على محميات عدة ومهتمين. 

وأضاف العامر أنه في عام 2007 عمل على إنتاج الأرانب البرية أيضاً وأطلقها في محمية إذاعة كبد ولواء الشهيد ومحمية سمو الأمير في الصبية، إضافة إلى القنافذ والضبان والزواحف والطيور البرية.

أهمية الأشجار البرية

وبيَّن أنه زرع الأشجار البرية كالمرخ والطلح النجدي والطلح العراقي وطلح الكنهبل وشجرة العشر والأراك والرمث والعرفج وطلح الفتنة والسدر البري والعوسج، موضحاً أن هذه الأشجار لا تستهلك المياه وهي قاعدة أساسية للتنوع في الحياة الفطرية، فإن أوجدت الشجرة فإنك أوجدت الحياة بشكل متكامل.

كذلك أكّد أن هذة الأشجار البرية تسهم في وقف زحف الرمال بأقل التكاليف ومن دون جهد أو اهتمام مستمر، خصوصاً أننا نشهد في هذا الوقت من السنة هبوب الرياح الشمالية الغربية المثيرة للغبار، والتي تسببت في إغلاق كثير من الطرق السريعة وبحوادث مرورية، والسبب الرئيس انعدام زراعة الأشجار بالقرب من هذة الطرق. تابع: «تعمل وزارة الأشغال مجتهدة منذ سنوات بفرقها كافة والإطفاء والبلدية على إزالة الرمال المتراكمة والمعروفة بالسافي بشكل مستمر، ولكن للأسف المشكلة تتفاقم ولا يمكن إيقافها إلا بزراعة الأشجار البرية التي تعتبر مصدات طبيعية للرياح كالأثل والأراك والغاف والحمض بأنواعه. ويمكننا الاستفادة منها مستقبلاً وخلال 3 سنوات إذا تم تقليمها كأعلاف حيوانية تُقدم كدعم لأصحاب المواشي، ما يُخفض من تكلفة ميزانية الأعلاف المدعومة والمقدمة من الدولة لأصحاب الحلال،

إضافة إلى استفادة النحالين منها فهي تشكل مرعى ممتازاً في موسم تفتح أزهارها للنحل، ويستفاد أيضاً من أخشابها للصناعة في النجارة وفي استخراج بعض المنتجات الطبية والتجميلية. إضافة إلى تقليص ميزانية رفع الرمال المتراكمة والتي تطرح لها مناقصات بشكل سنوي ومرتفع». 

وتطرق العامر إلى ضرورة إطلاق كثير من الطيور البرية كالحجل والدجاج الحبشي والأرانب البرية في المواقع المخصصة للتحريج، وسن قوانين ووضع عقوبات لمنع صيدها والعمل على إكثارها، ما يشكل خط إنتاج للأمن الغذائي كما هو معمول في الإمارات الشقيقة.

تنظيم الرعي

 

وتمنى العامر أن تبادر هيئة الزراعة إلى تنظيم أماكن للرعي حفاظاً على الغطاء النباتي. على سبيل المثال، من خلال حماية منطقة بر الصبية ومنع الرعي فيها لمدة 5 سنوات تتحوّل إلى موقع صحراوي طبيعي يمكن الاستفادة منه كمنتزه للمواطنين في الربيع، حتى تتساقط بذور الأشجار فيه وتنتشر، من ثم يمكن السماح لملاك الحلال بالرعي فيه بفترة محددة. كذلك يمكن لهواة الصيد بالصقور أن يمارسوا هوايتهم فيه عند بداية الموسم ونهايته، مؤكداً أن كثيرين من ملاك الإبل أعجبتهم هذة الفكرة وتمنوا تطبيقها بعد ما شاهدوه من اندثار للغطاء النباتي نتيجة الرعي غير المنظم.

فرق تطوعية

التواصل مستمر مع فرق تطوعية عدة في الخليج، كما أوضح العامر، كفريق «صحارينا» الذي يضمّ نخبة من المهتمين المساهمين بخبراتهم لإرجاع وتعزيز كثير من الأشجار شبه المنقرضة كالأرطى النقاوي الذي لم يُشاهد منذ عشرات السنين، إضافة إلى العجرم والعلندا والضعا التي أكثرت هذه الفرق منها ولله الحمد في الكويت والسعودية. وأضاف أنهم أسهموا في تأسيس بنك بذور مصغر من هذه الأشجار الأصيلة الموجودة في شبه الجزيرة العربية. 

العامر الذي يزور المهتمين في السعودية والإمارات لتبادل الخبرات، أشار في هذا المجال إلى رحلات مخصصة إلى مواقع شجر اللوز العربي في جبل جيس بالإمارات، وجمع البذور منها بكميات كبيرة وتوزيعها على المهتمين، مبيناً أن الهدف من الزيارة كسب الخبرات من إخواننا وإنشاء محميات طبيعية.

أما إنشاء المحميات، فيضمن، بحسب العامري، الحفاظ على التنوع البيولوجي الذي يمكننا من خلاله الحصول على الطعام والدواء ومواد البناء كالأخشاب وغيرها، فضلاً عن الإحساس العميق بالبهجة والسعادة والفخر الذي يولده هذا التنوع البيولوجي في بلادنا، فالكل سيستمتع بوجود المحميات الطبيعية من صغار وكبار وستسهم في وضع خط سياحي له مردود كبير للدولة حتى إن كانت الأسعار رمزية، مبيناً أن ثمة طرائق ووسائل عدة للحفاظ عليها واستمرار تطويرها، وهذا الأمر لا يتم إلا عن طريق التعاون بين الحكومة والمؤسسات غير الربحية المعنية بحماية الحياة الفطرية، خصوصاً مع وجود الناشطين من أبناء الكويت والعارفين دون غيرهم بتضاريس البيئة الكويتية وتنوعها. 

أهمية المواطن الأصلية

تطرّق العامر إلى نقاط عدة لإنجاح هذا العمل، متمنياً توافر مكان محدد مثل مختبر لجمع الجينات من الحيوانات والنباتات كافة الموجودة في الكويت وغيرها من دول الخليج، كذلك تخزين بعض العناصر الوراثية للحفاظ عليها ومنع انقراضها. وقال: «نستفيد من هذه العينات مستقبلاً مع وجود العلم الحديث، فيمكن أن تُجمد في مكان مثل الثلاجات المخصصة لذلك واستخدام الأنسجة في ما بعد لمنح الحيوان المنقرض مثلاً فرصة التكاثر مجدداً. كذلك يجب زيادة عدد المحميات في الدولة بالتنسيق مع الجهات الحكومية لحماية النباتات كافة من الاحتطاب الجائر والرعي غير المنظم، والحيوانات من أي صياد أو قناص أو حتى صاحب هواية لجمعها».

وأكّد ضرورة الحفاظ على المواطن الأصلية للحيوانات والنباتات ومنع تدميرها، فالسبب الأساسي في ذلك الإنسان ونشاطه المستمر ضدها، إذ نشاهد الزحف العمراني وإنشاء المشاريع المتنوعة التي تجزئ هذا الموطن إلى أجزاء فتمنع أية وسيلة تواصل بين الحيوانات التي خلقها الله لتكمل بعضها بعضاً، أي أن كل تغير بسيط في بعض عناصر الطبيعة وعواملها مثل نقصان تعداد جنس معين من الحيوانات أو النباتات يؤثر في السلسلة الحيوية في الطبيعة وقد ينهيها بشكل كامل، بعدها لن ينفع اللوم لإرجاعها.

أهمية الحياة الفطرية

تمنّى إبراهيم العامر من الجهات الحكومية أن توضح مدى أهمية الحياة الفطرية على مختلف الصعد، سواء البيئية أو الجينية أو الاجتماعية أو العلمية أو التربوية أو الثقافية أو الترفيهية أو الجمالية، وأن تتضمن المناهج الأساسية في المدارس والجامعات مواد حول التنوع الفطري وأهميته في حياتنا، مع إلزام الطلبة بالزراعة والعناية مثلاً بنوع معين مهدَّد بالانقراض، من ثم رصد الدرجات لهم إذا نجحوا في ذلك.

الأشجار البرية تسهم في وقف زحف الرمال بأقل التكاليف

ضرورة الحفاظ على المواطن الأصلية للحيوانات والنباتات ومنع تدميرها
back to top