خاص

أستاذ الفلسفة والعلوم الإنسانية بجامعة الإسكندرية د. أشرف منصور لـ الجريدة.

الصوفية والمعتزلة والفلاسفة هم القادرون على إنقاذ المسلمين
«المسلم مصاب بالانفصال عن واقعه وزمانه لغياب الوعي الديني»

نشر في 06-06-2018
آخر تحديث 06-06-2018 | 00:01
أشرف منصور متحدثاً إلى محرر «الجريدة»
أشرف منصور متحدثاً إلى محرر «الجريدة»
أدت سيطرة المؤسسات الدينية على الخطاب الديني إلى إصابة المسلم بالانفصال عن الواقع والغربة عن العالم. هذا رأي أستاذ الفلسفة والعلوم الإنسانية في كلية الآداب جامعة الإسكندرية د. أشرف منصور، الذي يطالب في مقابلة مع "الجريدة" بتحرير الفكر الإسلامي وإبعاد رجال الدين عن الناس، لأن خطابهم يحارب الوعي الديني، ويقدم صورة سيئة عن الإسلام.. وفيما يلي نص المقابلة:

● ما سبب أزمة الوعي الديني لدى المسلمين؟

- هناك أسباب عدة، تجمد العقليات المنوط بها النهوض بالوعي الديني لدى المجتمع، أيضا عدم حرص أغلب الأنظمة السياسية في البلدان الإسلامية على التنوير والعقلنة، وتتحالف دائما مع الأفكار الرجعية المتجمدة، ضمانا لاستمرارها في الحكم، كما أن المسلمين لم يستطيعوا مجاراة التقدم الحادث في الغرب، والعالم منذ القرن التاسع عشر، ولم يستطيعوا تطوير فكرهم الديني كي يناسب العصر.

● هل تنعكس نتائج أزمة الوعي الديني على المسلم والمجتمع ككل؟

- ما نشهده اليوم من سيطرة العقليات الماضوية، التي تنتهي إلى الإرهاب والتكفير، والكفر بالعلم والعقل والحداثة، كما يصاب المسلم من جراء ذلك بالانفصال عن واقعه وزمانه، ويصير غريباً وسط العالم.

●ما رأيك في الخطابات الدينية، وهل هي تنهض بالوعي أم تحاربه؟

- الحقيقة أن من مشكلات الخطاب الديني أنه متروك لرجال الدين، سواء كانوا رسميين أو غير رسميين من إخوان وسلفيين. الدين أخطر من أن يُترك لرجال الدين فقط، إذ يجب أن تكون مسؤولية تجديد الخطاب الديني على عاتق المفكرين والفلاسفة والمثقفين، لأن رجال الدين لن يقدروا على التجديد، وهو ليس من أولوياتهم ولن يكون، ولا يعرفوا ما هو التجديد أصلا، كما أن آليات التجديد من مناهج تفكير وبحث ليست في حوزتهم. إنهم جزء من المشكلة وليسوا حلا لها.

● هل انطلاق الفرق الإسلامية نوع من الوعي أم نتيجة لضعف الوعي؟

- إذا كان المقصود بالفرق الإسلامية، تلك التي ظهرت في القرون الهجرية الأولى، فالسبب في نشأتها سياسي بالدرجة الأولى، وهذا ناتج عن تسييس الدين واستغلاله للوصول إلى السلطة، أو تبرير صاحب السلطة لنفسه، أو في أحيان مقاومة هذه السلطة باسم الدين عندما لا تكون هناك وسيلة للمقاومة غيره.

● تتنامى ظاهرة الإلحاد راهنا، ما السبب وكيف تتم مواجهتها؟

- السبب هو الخطابات الدينية السائدة التي قدمت صورة سيئة جدا للإسلام، والعقليات التكفيرية التي تقدم التشدد والانفصال عن الواقع. التكفير يؤدي إلى الإلحاد.

● ما المطلوب لتصحيح المفاهيم وتقوية الدين لاستعادة الشباب مرة أخرى؟

- فتح حوار مجتمعي يسائل الخطابات الدينية عما جنته في حق الشعب وعقله ومستقبله، والمطلوب هو التعددية التي تسمح بوجود فهم مختلف للدين: الفهم الصوفي والفهم الاعتزالي والفهم الفلسفي، الصوفية والمعتزلة والفلاسفة هم القادرون على إنقاذ المسلمين.

● الثقافة الإسلامية كيف تراها راهنا؟

- أراها راكدة ومنفصلة عن الواقع، هذه الثقافة مهووسة بالدفاع عن الإسلام وتبرئة النفس من الإرهاب، وهي ليست على وعي بما يشغل العالم من قضايا حقيقية، إنها ثقافة كانت مهيمنة وتريد استعادة الهيمنة في عالم تعددي تسوده النسبية، ولا يعترف بأي ثوابت أو مطلقات، هذه الثقافة ذكورية وسلطوية وماضوية، ومغلقة على ذاتها ومحلية للغاية، والمطلوب هو الانفتاح، والتخلص من كل ما سبق من أمراض ثقافية.

● بماذا تنصح لاكتساب ثقافة دينية صحيحة؟

- أنصح بقراءة فكر المعتزلة والمتصوفة والفلاسفة المسلمين، للتخلص من الفهم السلفي السائد.

● ماذا عن المؤسسات الدينية؟

- ليس لها أي دور فيما أقوله، وليس في الإسلام مؤسسات دينية، فهذا هو الكهنوت بعينه، والمطلوب من المؤسسات الدينية عدم التدخل فقط، فهذه المهمة مهمة الفلاسفة والمثقفين.

● لكن الفلاسفة قد يتسببون في صدام مع الناس؟

- الفيلسوف هو من يتولى عقلنة الدين لأقرانه من الفلاسفة، ومن ثم تنقل تجاربهم لتلاميذهم وطلابهم وليس للعامة، دون النظر إلى التصادم مع العامة، فكل مشروع إصلاحي يتعرض لحرب من العامة مدفوعين من أصحاب الفكر الموضوي الرجعي داخل المؤسسات الدينية وخارجها.

● ما أضرار التشدد الديني على المجتمع؟

- التشدد الديني في حد ذاته كارثة كبرى، إضافة إلى ما يثيره من فتنة وانتهاء بالإرهاب.

● ما رأيك في البرامج الدينية، وهل موادها تواجه وتصد الأفكار الهدامة؟

- تأثيرها ضعيف، لأن الذي يتبنى الأفكار الهدامة لا يشاهدها من الأصل، لكن لا يجب فقدان الثقة بها كلها، فمنها ما يعمل على التجديد الحقيقي.

● ما المطلوب من المؤسسات الدينية والتعليمية لتقوية الوعي الديني؟

- المطلوب ألا تكون عائقا أمام حرية الإبداع والنقد، وتترك المثقفين والمفكرين التنويريين يقومون بمهامهم، ولا تلاحقهم بالمحاكمات والإدانات والتكفير، وإذا كان لدى هذه المؤسسات ما ترد به فلترد، من خلال حوار عقلاني هادئ.

● ماذا عن المشاريع الإصلاحية، ولماذا فشلت؟

- فشلت لأنها لم تجد صدى لا لدى السلطة ولا لدى العامة التي سيطرت عليها المؤسسات الدينية والاتجاهات السلفية، مع الحرب التي شنت عليها من الجميع.

● هناك من يطالب بمقاطعة التراث الإسلامي، وهناك من يطالب بتنقيته لتحرير الفكر ونهضته. ما رأيك؟

- لا يمكن مقاطعة التراث الإسلامي، بل يجب فهمه جيدا ودراسته بدقة، لمعرفة السبب في أزماتنا، وذلك لن يحدث إلا بإحياء الفكر الصوفي وفكر المعتزلة وفكر فلاسفة الإسلام.

رجال الدين غير قادرين على تجديد الخطاب الديني
back to top