الإسلام الحنبلي

نشر في 30-05-2018
آخر تحديث 30-05-2018 | 00:00
No Image Caption
صدر حديثاً عن الشبكة العربية للأبحاث والنشر كتاب "الإسلام الحنبلي" للمستشرق الأميركي من أصل لبناني جورج مقدسي، وهو عبارة عن دراسة عن الحنابلة باعتبارهم الممثلين الأقدم لعقيدة أهل السنة، وهي تعنى بمحاولة "إجناتس غولدتسيهر" (مستشرق يهودي مجري عُرف بنقده للإسلام) تقييم لموقع المذهب الحنبلي والعقائد (السلفية والحنبلية) عند أهل السنة.

وبدأ مقدسي دراسته بتقديم عرض موجز لصورة الحنبلية في الدراسات الاستشراقية السابقة على دراسة أستاذه الشهيرة، لكنه كمقدمة لما يود قوله في هذا الشأن، أثار قضية ندرة النصوص العربية المحققة كعائق في سبيل تحقيق معرفة أفضل بالتاريخ الديني في الإسلام، وتاريخ الإسلام عموماً.

وقدَّم المستشرق الأميركي بعد ذلك عرضًا لـ3 من أهم الدراسات الاستشراقية التي تناولت الإمام أحمد بن حنبل والحنابلة في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وهي دراسة المستشرق الأميركي "وليم باتون" المعنوَنة بـ"أحمد بن حنبل والمحنة"، ثم دراستان لغولدتسيهر.

وعرض مقدسي في الفصل الثاني من الدراسة مشكلة أخرى في الدراسات السابقة عن التاريخ الديني في الإسلام متعلقة بغياب النزعة النقدية عن المستشرقين الذين درسوا هذه المسائل، لافتاً إلى أن قلة عدد أتباع الحنبلية كمذهب فقهي لا يعني ضعف تأثيرها ضمن المذاهب الأخرى، ذلك أن الحنبلية كانت المذهب الوحيد الذي يندمج فيه العقدي بالفقهي نتيجة لبطولة الإمام أحمد في محنة خلق القرآن. وينبني على ذلك أن عقيدة أحمد الأثرية كُتِب لها الانتشار بين أتباع جميع المذاهب السنية الأخرى أكثر من فقهه، وكان الحنابلة هم الفصيل الإسلامي الأوحد الذي يستطيع الكتابة بحرية والتأثير في الخلافات الشرعية والدينية، لأنهم ليسوا مدينين لأي تقليد توفيقي بين السنة وما هو خارجها من علوم اليونان.

ثمة مشكلة أخرى واجهت التصورات الاستشراقية عن التاريخ الديني للإسلام ودور الحنابلة فيه، تتعلّق بالرغبة الشديدة في التعميم نتيجة لضعف المصادر المتاحة وغياب النزعة النقدية لدى الدارسين، ويرى مقدسي أن تصوّر الاتجاهات الفكرية الإسلامية ككتل مصمتة لا يراعي الاختلافات الداخلية، ولا يراعي أيضًا تطوّر مسار العالِم الواحد وأفكاره المتغيرة على مدى مسيرته.

back to top