فاتن حمامة... الهانم (13- 31)

نشر في 29-05-2018
آخر تحديث 29-05-2018 | 00:05
فاتن حمامة
فاتن حمامة
قررت فاتن حمامة أن تتمرّد على أدوارها، فاتجهت لأول مرة إلى الكوميديا من خلال العمل مع المخرج فطين عبد الوهاب، في فيلم «الأستاذة فاطمة» من تأليف علي الزرقاني.
فاتن ترددت في البداية في قبول العرض، باعتبارها ليست كوميديانة، وخشية إخفاقها في مجاراة نجوم الكوميديا في ذلك، ولكن المخرج فطين عبد الوهاب، ومنتج الفيلم محمود ذو الفقار، شقيق زوجها، استطاعا أن يقنعاها، ليشاركها في البطولة كل من كمال الشناوي، وعبد الوارث عسر، وعبد الفتاح القصري، ولولا صدقي، ومحمد علوان، وسعيد أبو بكر، ورياض القصبجي.
صودف أن مريم فخر الدين، زوجة محمود ذو الفقار، شقيق عز الدين ذو الفقار، كانت تصور فيلم «المساكين» إلى جانب الفنان حسين صدقي، في بلاتوه مجاور للبلاتوه حيث تنجز فاتن حمامة مشاهدها في «الأستاذة فاطمة»، ولما كانت الأخيرة لا تحضر الحفلات، والسهرات، والمناسبات الاجتماعية، فشعرت مريم بأن في ذلك غروراً من زميلتها. من ثم، توتّرت الأجواء بينهما، من دون أن يحدث أي صدام بينهما. كذلك اقتصرت العلاقة على التصافح العادي، من دون أن تجمعهما صداقة، وزاد من توتر العلاقة أن البعض من راح يهمس في أذن كل منهما حول غيرة إحداهما من الأخرى.

ذات يوم دخلت فاتن غرفة تبديل الملابس في البلاتوه ووجدت أن أحد فساتينها نُزعت منه قطعة، فسألت عاملة الملابس في دهشة:

* إيه ده؟ هي الأوضة فيها فيران بتاكل الهدوم ولا إيه؟

اقرأ أيضا

= فيران إيه يا ست فاتن اسم الله عليكِ. الحتة دي مقطوعة بالمقص.

* انت بتقولي إيه؟ ومين اللي قطعها؟

= الحتة دي اتقطعت علشان يتعمل عليها سحر. والست مريم بتغير منك ومش بعيد تكون هي اللي بعتت حد قطعها علشان تبقى من قطرك. وتعملك عليها سحراً.

* وهي مريم بتؤمن بالكلام ده؟

= بسم الله الرحمن الرحيم. ده مذكور في القرآن يا ست فاتن.

* بلاش تخاريف. مريم ماتعملش كده أبداً.

= بس الغيرة تعمل أكتر من كده.

* بطلي تخريف يا حسنية وقومي شوفي شغلك.

= طب أنا هاثبتلك. واخليكي تضحكي للصبح.

احضرت عاملة الملابس حبراً أحمر، وخلطته بحبر أسود، فصار لونه أقرب إلى البنفسجي، وأرسلت من يسكبه على باب غرفة مريم فخر الدين قبل حضورها، وما إن رأته حتى صرخت، وخرجت مسرعة من غرفتها وهي تهلل:

= فاتن حمامة عملالي سحر... فاتن حمامة عملالي سحر.. الكلام ده مش ممكن يتسكت عليه أبداً.

لم تصدق فاتن حمامة ما سمعته وهي تكاد تسقط على الأرض من الضحك، وسط دهشة جميع من في البلاتوه. حتى أنها لم تستطع هذا اليوم تصوير مشاهدها من دون أن تعيد كلاً منها مرات عدة، بسبب الضحك، حتى ظن الفنان عبد الفتاح القصري أنه هو سبب ضحكها في المشاهد التي تجمعهما.

رغم مخاوف فاتن من الكوميديا، فإن الفيلم حقق نجاحاً أدهشها، ما شجعها على خوض تجربة أخرى أقرب إلى الكوميديا أيضاً مع أستاذها الفنان يوسف وهبي.

شاركته بطولة «المهرج الكبير»، اقتبس قصته وكتب لها الحوار الفنان محمود إسماعيل، فيما تولى الإخراج يوسف شاهين، وشاركهما البطولة كل من نبيل الألفي وسراج منير. ونجح بعده الفنان يحيى شاهين في أن يعيد الزوجين، فاتن وعز الدين ذو الفقار للعمل معاً في فيلم كتب فكرته بعنوان «سلوا قلبي»، سيناريو عز الدين وحسين حلمي، وحوار علي الزرقاني، وشارك فاتن ويحيى شاهين في بطولته، وأُنتج بطريقة الاكتتاب أيضاً بين المخرج وبقية الأبطال، وشارك فيه عمر الحريري، ومحسن سرحان، وحسين رياض، وعبد العزيز أحمد، وعبد السلام النابلسي.

جسدت فيه فاتن دور «آمال»، فتاة ابنة أسرة ثرية تقع في غرام ممثل مشهور، غير أن والدها يرفض إتمام زواجهما بسبب العادات والتقاليد، وعندما تصير حياتهما على مشارف الدمار، يسعى والدها الباشا إلى إصلاح ما سبق وأفسده.

اعاد الفيلم الرومانسية إلى شاشة السينما، وحقق إيرادات كبيرة. وذات يوم دخل عز الدين بيته وهو يكاد يطير فرحاً، وعندما رأته فاتن على هذه الحالة، وهي ربما الأولى من نوعها منذ زواجهما، فظنت أن السبب نجاح الفيلم، غير أن سعادته كان مصدرها سبب آخر، لم تتوقعه.

عودة الوطن

فرعي

لم تكن سعادة عز الدين ذو الفقار الجارفة سببها نجاح فيلمه الأخير «سلوا قلبي» مع زوجته فاتن حمامة، عندما دخل بيته وهو يكاد يطير فرحاً، بل ثورة عدد من زملائه السابقين، ومجموعة من الأصدقاء الحاليين في الجيش المصري، ضد الظلم والفساد، بعدما بلغا مداهما، فضلاً عما كان يقوم به جيش الاحتلال في مدن القناة، إذ عمل الإنكليز منذ احتلال مصر في عام 1882، على القضاء على الجيش وتحجيم دور «القصر» وتقوية دور كبار ملاك الأراضي الزراعية. إلا أن هذه السياسة ذات الأبعاد الثلاثة بدأت تظهر عليها أعراض التغير حين سمح لمصر بعد توقيع معاهدة 1936، بإعادة بناء جيشها ولو بقدر محدود، وثانياً حين وصل الملك إلى درجة من الاستهتار والفساد فأصبح الخلاص منه ضرورة تحتمها مصلحة الإنكليز أنفسهم. وأخيراً، حين أصبح أيضاً كبار الملاك الزراعيين أحد أهم أسباب السخط والتذمر في البلاد، بعدما بات نحو نصف في المئة فقط من السكان يملكون نصف الأراضي الزراعية، طبقة مكونة من كبار الملاك الجشعين، الذين يرفضون محاولات الإصلاح الاجتماعي، ما شكّل خللاً اجتماعياً كبيراً. من ثم، مرّت البلاد بحالة غليان واختبار ثوري، ثم شهدت الفترة بين 1945 و1951، أحداث عنف واضطرابات اجتماعية، مروراً بحرب فلسطين 1948، وصفقة الأسلحة الفاسدة. وكانت بعد ذلك عودة الوفد إلى الحكم، وصولاً إلى حادث الإسماعيلية وحريق القاهرة في 25 يناير 1952، الذي كانت دلائله الاجتماعية والسياسية لا تخفى على أحد، ما أحدث حالة من السخط والتذمر داخل صفوف الجيش. جاء ذلك في ظل وجود جيل جديد من الضباط الشبان، كونوا جماعة «الضباط الأحرار» بقيادة جمال عبد الناصر، وقاموا بثورة بيضاء، فجر 23 يوليو من العام نفسه 1952، من دون نقطة دماء واحدة، وسرعان ما لاقت تأييداً شعبياً جارفاً، لرغبة الشعب في الحرية والتخلص من النظام الفاسد.

تلقت فاتن خبر قيام ثورة يوليو بسعادة بالغة، لما لمسته من تفش للظلم والفساد، والخلل الكبير في الأوضاع الاجتماعية. شعرت بأنها جزء من هذه الثورة، ليس بسبب ارتباطها بواحد من ضباط الجيش السابقين، لكن الأهم لأنها واحدة من الطبقة الوسطى التي عانت كثيرا مع الطبقة الدنيا، أوضاعاً اجتماعية سيئة، وربما هو ما أكّدته في أفلام عدة أتيحت لها المشاركة فيها حتى الآن، مع عدد من نجوم هذه المرحلة.

رجالات ثورة يوليو لم يتوقفوا طويلاً إزاء هذه اللحظة التاريخية، بل كان عليهم النظر سريعاً إلى المستقبل، وما يمكن أن يقدمه هذا التغيير للدولة وللشعب. كذلك لم تتوقف فاتن طويلاً عند هذه اللحظة، فلديها ارتباطات فنية عدة، ولا بد من الإيفاء بالعقود التي وقعت عليها.

قدمت آنذاك فيلم «أموال اليتامى» من تأليف جمال مدكور وإخراجه، إلى جانب محمود المليجي، وأمينة رزق، وشكري سرحان، وزوزو شكيب، وعبد العزيز أحمد، ليطلبها بعده المطرب فريد الأطرش للمشاركة معه في فيلم للمخرج هنري بركات، عن قصة اقتبسها وكتبها يوسف عيسى باسم «لحن الخلود» من إنتاج جمال الليثي، أحد ضباط الجيش الذين عشقوا السينما، فاتجه إلى الإنتاج.

عودة إلى الميلودراما

باعتبار أن فريد الأطرش نجم كبير، وهو البطل الذي سيكتب الفيلم له، اختار بقية الفنانين الذين سيشاركون معه، ولما كان سبق وأشرف على إنتاج فيلمه «أحبك انت» في عام 1949، فكلفه جمال الليثي بالتفاوض مع الفنانين على أجرهم، غير أنه فوجئ بما لم يتوقعه من فاتن:

* طبعاً يا أستاذ فريد ده شرف ليا أني أقف قدامك في فيلم كبير زي ده.

= في الحقيقة الشرف ليا أنا يا مدام فاتن. انت ممثلة كبيرة وشرف لأي فنان يقف قدامك. بس يعني مسألة الأجرة دي مش مبالغ فيها شوية.

* صدقني يا أستاذ فريد. أنا عملت ده علشانك أنت لأني فعلا عايزة أمثل معاك... على الأقل هاخد جزءاً من جمهورك.

= انت في الحقيقة تستاهلي الجمهور العربي كله. وعارف أن الأجر مش قيمتك. بس لأن تكاليف الإنتاج عالية جداً. واحنا مش عايزين أي شيء يأثر في بقية عناصر الفيلم.

* صدقني يا أستاذ فريد أنا آخر أجر أخدته في الفيلم اللي شغاله فيه دلوقت مع الأستاذ جمال مدكور ألفين جنيه... وانا ماطلبتش زيادة.

= أيوا بس انت عارفة إن الفنانة الكبيرة مديحة يسري واخدا في الفيلم ده ألف وخمسمئة جنيه بس... وتقريباً هاتشتري بيهم فساتين للفيلم.

* ده أجري والله يا أستاذ فريد وعلشان خاطرك مش عايزة زيادة. وبعدين مش ذنبي أن دوري في الفيلم بنت فقيرة معندهاش غير فستان واحد غير دور الأستاذة مديحة اللي دورها ست غنية بتلبس في كل مشهد فستان.

أصرّت فاتن على أجرها كاملاً، وشاركها وفريد الأطرش البطولة كل من مديحة يسري، وماجدة، وسراج منير، وعبد الرحيم الزرقاني، وصلاح نظمي. ورغم سعادتها الكبيرة بالفيلم ودورها فيه، فإن مشكلتها الكبيرة كانت حينما كان يغني فريد الأطرش، ويتطلب الأمر أن تكون موجودة في المشهد خلال الأغنية، إذ لم تكن تعرف ماذا تفعل خلال ذلك. وهنا جاء دور المخرج هنري بركات، الذي دربها على كيفية استغلال المشهد لصالحها، وإذا كان فريد يسرق الكاميرا بغنائه، فإنها تستطيع أن تلفت الأنظار بتعبيرات تمثيلية من نوع خاص على وجهها، تظهر من خلالها مدى رومانسيتها وتأثرها بكل كلمة ينطق بها فريد.

أفادها ذلك كممثلة بشكل كبير، وعُرض الفيلم وحقّق نجاحاً لافتاً، وضمّت فاتن حمامة جماهير المطرب فريد الأطرش إلى جماهيرها، لتقدم بعده مع مخرجها المحبب حسن الإمام فيلم «زمن العجائب» الذي كتبت قصته إحدى سيدات المجتمع، عن واقعة حقيقية، حول «عزيزة» التي تترك زوجها وابنتها «نعمت» وتتطلع إلى الثراء، من ثم تستسلم لثري كهل يتزوجها، ينغمس في لعب القمار ويترك الحبل لها على الغارب. تتعرف إلى شاب يطمع في ثروة زوجها فيبتزه ويخطط للتخلّص منه لترثه زوجته. ولتنفيذ الخطة، عليها أن تتظاهر بحب ابن الكهل كي يصاب الأب بصدمة، يموت بسببها. ولكن يعتدي ابن الزوج على ابنة الزوجة التي تحمل منه لتضع طفلاً وتودعه الملجأ، وتتهم بجريمة قتل بسبب والدتها، وقبل أن تحكم عليها المحكمة تبرئها والدتها.

رفضت صاحبة القصة أن تكتب اسمها على شارة الفيلم، واكتفت بأن تشير إليه باسم «ص. عبد السلام»، وشارك في كتابة السيناريو والحوار حسن الإمام والسيد بدير، وشارك مع فاتن في البطولة كل من محسن سرحان، ومحمود المليجي، وسميحة توفيق، ومنسى فهمي، وقامت بدور الأم زوزو نبيل.

حقّق الفيلم نجاحاً كبيراً، لم يحدث سابقاً في تاريخ السينما المصرية، لدرجة أن منتجه فوجئ بإيراد يقترب من ثلاثة آلاف جنية يومياً، وهو ما لم يصل إليه أي فيلم سابقاً. وعادت فاتن بعده للعمل مع المخرج جمال مدكور في «الزهور الفاتنة» من تأليف مالكة فهمي سرور، إلى جانب كل من محمود المليجي، وشكري سرحان أيضاً، ومعهما تحية كاريوكا، وفريد شوقي، وحسين رياض، وثريا حلمي، ليكون من الأفلام المهمة والمؤثرة خلال هذه الفترة، إذ جمع بين التراجيديا والاستعراضات والغناء، وكان الأبطال في أحسن حالاتهم، فحقق الفيلم نجاحاً واسعاً.

وعاد المخرج حسن الإمام ليطلبها للعمل معه في فيلمه الجديد «كأس العذاب»، وجمع معها مجموعة الممثلين المفضلين لديه أيضاً، محسن سرحان، ومحمود المليجي، وفريد شوقي، وسميحة توفيق، والسيد بدير الذي شارك مع حسن الإمام في كتابة الفيلم. ووصل الأمر إلى ألا يكتفي حسن الإمام بمشاركة المجموعة نفسها من الفنانين الذين تعاونوا معه في فيلمه السابق، بل أطلق على فاتن في الفيلم اسم «نعمت»، اسمها نفسه في عمله السابق «زمن العجائب».

وحقّق الفيلم أيضاً نجاحاً جماهيرياً كبيراً، بعدما اعتاد الجمهور «توليفة» حسن الإمام، والفنانين أيضاً.

دراما مختلفة

رغم النجاح الكبير الذي كانت تحققه فاتن من خلال نوعية الميلودراما، تحديداً مع المخرج حسن الإمام، فإنها شعرت برغبة كبيرة في تقديم نوعية مختلفة من السينما، وهو ما راحت تبحث عنه في كل ما يعرض عليها. كانت العروض تنال إعجابها، ولكن النجمة لم تجد بينها ما تبحث عنه، إلى أن قادت المصادفة إليها كمال الشيخ، الذي سبق والتقاها في أفلام عدة باعتباره «مونتيراً» حتى قرر أن يتجه إلى الإخراج، كحال عدد كبير من المخرجين الذين بدأوا من غرفة المونتاج ليتحولوا إلى الإخراج أمثال نيازي مصطفى، وكمال سليم، وهنري بركات، وصلاح أبو سيف، وجمال مدكور وغيرهم.

قرّر أستوديو مصر منحه الفرصة، كما منح غيره أيضاً من المونتيريين لخوض هذه التجربة، ذلك عندما لفت نظر كمال الشيخ حادث نشرت تفاصيله في جريدة «المصري» مطلع هذا العام، حول شاب يعالج من ضغوط الحياة لدى طبيب أمراض نفسية وعصبية، غير أن الطبيب يستغل مرضه، ويجعله يتورّط في ارتكاب جريمة قتل تحت تأثير التنويم المغناطيسي.

صاغ القصة المخرج والمؤلف كمال عطية، وكتب له السيناريو والحوار علي الزرقاني، بعدها أرسل كمال الشيخ نسخة السيناريو إلى بيت فاتن حمامة، وبعد ثلاثة أيام تلقى منها مكالمة هاتفية تطلب منه تحديد موعد ليلتقيا، فاستأذنها أن يحضر لمقابلتها في بيتها فوافقت فوراً:

= طبعاً انت مندهشة من طلبي أني طلبت أقابلك دلوقتي وهنا في بيتك!

* بالعكس طبعاً البيت بيتك تجي في أي وقت. أنا كنت عايزة أطلب منك كده بس اتكسفت أطلب وقلت أسيبك انت تحدد المعاد والمكان.

= ده يشرفني يا مدام فاتن. اتفضلي قولي طلباتك.

* أنا ماليش أي طلبات.

= يعني مش موافقة.

* بالعكس. موافقة ومتحمسة جداً للفيلم ده ونفسي أشتغله معاك.

= ومن غير أي طلبات؟

* ومن غير أي طلبات. باقولك الفيلم عاجبني جداً ومكتوب حلو. على فكرة أنا كنت قريت الحادثة دي ولفتت نظري وقعدت فكرت بيني وبين نفسي لو تتعمل فيلم هاتبقى هايلة. لكن انت سبقت تفكيري.

= أنا مش عارف أقولك إيه يا مدام فاتن. مش عارف أشكرك إزاي.

* تشكرني على إيه؟ بالعكس أنا اللي لازم أشكرك أنك فكرت فيا وجبتلي الفيلم ده.

= أنا باشكرك أنك وافقتي تشتغلي مع مخرج بيبدأ لأول مرة. كان ممكن تخافي تشتغلي معايا زي النجوم ما بيخافوا يشتغلوا مع مخرجين جداد.

* أولا انت مش مخرج جديد لأنك مونتير هايل. والمونتير الشاطر بيبقى مخرجاً عبقرياً زي ما بيقولوا.

= دي ثقة تانية أنا باشكرك عليها.

* عايز أعرف بس مين اللي هايبقى البطل في دور «شريف».

= عماد حمدي.

* مش باقولك انك مخرج هايل. لو مكنتش قلت عماد حمدي كنت شكيت فيك.

= بالنسبة للأجر يعني لك طلبات؟

* ماتشغلش بالك بالموضوع ده. أنا هاتفاهم مع مدير الإنتاج ومش هايبقالي طلبات لأني عايزة أشتغل معاك.

في اليوم الأول لها في «بلاتوه» كمال الشيخ، تأكدت فاتن حمامة أنها إزاء مخرج مختلف، له وجهة نظر سينمائية خاصة، تختلف عن كل من سبق وعملت معهم، ووضح ذلك من دقة التفاصيل التي حرص عليها أثناء التصوير، بداية من استخدام الإضاءة الخافتة التي تضفي نوعاً من الانتباه لما سيقع من أحداث، وليس انتهاء بزاوية الكاميرا والملابس والأكسسوار، فضلاً عن استخدام المؤثرات الصوتية الملائمة للمشاهد وما يدور فيها، مثل خطوات الأقدام ومستوى الصوت والدخلات الصوتية التي توحي بالترقب والخطر، التي كان لها الأثر الكبير في استمرار التشويق طوال الفيلم، واستخدام مشاهد «الفلاش باك» لسرد أحداث القصة، التي تحرى علي الزرقاني الدقة في كتابتها، خصوصاً تحقيقات النيابة والمحكمة والدفاع، مع مراعاة عدم التطويل، والقفز السريع والتنقل إلى وقائع متتالية، من دون سقوط أي معلومات تخلّ بمضمون القصة الحقيقية.

خرج الفيلم متكاملاً وحقق نجاحاً جماهيرياً كبيراً، كانت تتوقعه فاتن، غير أن ردود فعل النقاد والمهتمين بصناعة السينما فاقت توقعاتها، ما جعلها تعيد التفكير في كل ما يعرض عليها، مهما كانت أعمالاً مميزة، فمن المهم جداً التنوع. من ثم، اكتفت بخمسة أفلام فقط من بين ما عرض عليها مطلع عام 1953، بدأتها بـ»بعد الوداع»، سيناريو وحوار محمد كامل حسن، وإخراج أحمد ضياء الدين، إلى جانب كل من عماد حمدي، وفريد شوقي، وسميحة أيوب، وعبد الوارث عسر، وسهير فخري، وفردوس محمد، وزينات صدقي. وفي الوقت الذي قاربت على الانتهاء منه، بدأت تصوير «بنت الهوى»، من تأليف وإخراج يوسف وهبي وبطولته، إلى جانب كل من تحية كاريوكا، وماري منيب، وزينات صدقي، وفاخر فاخر، وكمال حسين، لتجد نفسها بعده، إزاء تجربة جديدة لم تصادفها سابقاً، من خلال دور جديد عرضه عليها المخرج جمال مدكور.

البقية في الحلقة المقبلة

فاتن حمامة تتمرّد على أدوار «الفتاة المغلوبة على أمرها» باللجوء إلى الكوميديا

النجمة تتعاون مع المخرج فطين عبد الوهاب في فيلم «الأستاذة فاطمة»

مريم فخر الدين تدبر مقلباً لفاتن فتردّه لها بشكل كوميدي

فريد الأطرش يفاوض فاتن على فيلم «لحن الخلود» فتفاجئه بأجرها

فاتن تساند المخرج كمال الشيخ في أول أفلامه فيفوق نجاحه التوقعات
back to top