البحث عن نظرية عربية للنقد الأدبي يشغل أدباء مصر

• كتاب «عتبات النص» أثار القضية مجدداً

نشر في 29-05-2018
آخر تحديث 29-05-2018 | 00:00
لا يزال نقاد الأدب يجاهدون في البحث عن نظرية عربية للنقد الأدبي بعيداً عن سطوة النظريات الغربية، التي باتت مؤسسة لغالبية توجهات النقاد في العالم العربي. أثيرت هذه القضية مجدداً داخل أروقة المجلس الأعلى للثقافة في مصر، خلال مناقشة كتاب «عتبات النص في الرواية العربية»، الصادر أخيراً عن الهيئة العامة للكتاب، للناقد الأدبي الدكتور عزوز اسماعيل.
في كتابه «عتبات النص في الرواية العربية»، طالب د. اسماعيل بضرورة شحذ همم النقاد لسبر أغوار التراث واستعادة مجد النقد العربي، والوقوف عند أهم وظائف عتبات النصوص، متهماً نقادنا الكبار بقوله: «هم من أجهضوا قيام نظرية عربية في النقد الأدبي، ولا بد من الرجوع إلى تراثنا وإعادة صياغة آرائنا النقدية وفق تغير وتطور المكان بما يتلاءم مع سياقنا الثقافي». كذلك أشار إلى أنه في صدد الانتهاء من معجم ضخم عن عتبات النصوص في الرواية العربية.

ويقدم كتاب «عتبات النص» مفاتيح لفهم العمل الأدبي بمنظور عربي، تدلّ على ما تحتوي عليه النصوص باعتبارها نصاً مكثفاً يهضم ما في داخل العمل ولها إشاراتها ووظائفها.

وقال الناقد الأدبي الدكتور يسري عبد الغني إن لدينا نظرية نقدية منذ أيام حازم القرطاجني في القرن السابع الهجري، لكن عزوز سار في طريق صعب، وحاول أن يقدم الجديد وأول ما فعله في «عتبات النص» أن وجّه منظاره إلى التراث العربي، وتلك هي البداية الصحيحة، بعيداً عن الاقتباس من الغرب».

ووصف عزوز بعراب النقد الأدبي في مصر، وقال: «هو صاحب مشروع نقدي حقيقي في ظل غياب النقد والنقاد لدينا بسبب عدم وجود نظرية فلسفية واستراتيجية ثقافية».

وتابع: «للأسف كثير من النقاد عندنا مصابون بعقدة الخواجة، وكتاب الدكتور عزوز صناعة ثقاقية ثقيلة يجب أن تقرأ بتمعن، لا سيما أنها تطرح التساؤلات».

إشكاليات النظرية العربية

وأشار الناقد صلاح ياسين إلى ضرورة توافر مقابلة بالعربية للمصطلحات المستخدمة في الكتب النقدية، وإلى أهمية استخدام نظريات عربية وتحليل عربي للنص، وعدم الغوص في التحليل والنقد بنظريات غربية، بينما ذهب نقاد كثر إلى طرح إشكاليات عدة، من بينها إشكالية فشل أو تخلف النقد العربي عن إنتاج نظرية عربية، وهل يعود ذلك إلى التخلف العام، من ثم أصبحت النظريات والمناهج التي نشأت وتطورت في الغرب ضرورة ماسة للناقد العربي لفهم ظواهرنا الأدبية، وهل توجد آليات لاستخدام هذه النظريات وتطويعها وفقاً لمعطيات سياقنا الثقافي.

الناقد الأدبي د. محمد بدوي له رؤية في هذا السياق، وذكر: «البحث عن نظرية عربية للنقد الأدبي من عدمه مغالطة كبرى، لأن النقد الأدبي يحاول أن يصبح أقرب إلى الانضباط العلمي». وأضاف: «عندما يصل النقد الأدبي إلى هذا الانضباط يصبح لا وطن له، فعلم الأدب والحقول المعرفية كافة المهتمة بالأدب الآن ذات نتائج تقترب من العلم الصرف. لكن يمكن الحديث عن تقاليد علمية وفكرية في نقد الأدب تكون ناتجة عن خصوصية الظاهرة العربية. أما القول بوجود نظرية عربية، أو خاصة بأي قوم آخرين فيشبه القول بوجود نظرية للاقتصاد العربي والمحاسبة العربية. وعلى هذا، أرى أن الناقد العربي لا يمكن أن ينغلق على نفسه فلا بد له من الاستفادة من نتائج وبحوث علماء الأدب في العالم كله، وفي هذه الحالة لن تكتمل له صفة العربية إلا في حالة التعامل مع نصوص عربية أي عليه أن يكيف ما يتعلمه من الآخرين مع خصوصية النصوص ومعطيات الثقافة العربية الواسعة الممتدة في الزمان».

واتفق د. مدحت الجيار مع بدوي موضحاً أن النقد الأدبي ليست له نظرية عربية لأن النقد الآن نقد عالمي ليس فيه عربي أو غير عربي، وإنما يوجد ناقد عربي حيث يكون النص عربياً. وأشار إلى أن جهود النقاد حاولت أن تلتمس موطئ أقدامهم ونجحوا في وضع الظاهرة الأدبية في مشهد عام له خصائص محددة. وانطلقوا من كون النص الأدبي علاقات لغوية ذات خصائص متعددة بتعدد الكتاب ومن هذا الجزء استفادوا من تراث الجاحظ وعبد القاهر الجرجاني وابن جني، ثم ابن خلدون... وغيرهم. وطوروا هذا الجوهر بما تعلموه من النماذج النقدية الغربية.

الأدوات الإجرائية في التحليل

رأى الناقد الأدبي الدكتور رمضان بسطاويسي، أنه «إذا كان المقصود بالنظرية النقدية «رؤية العالم» والأساس المعرفي الذي يستند إليه الناقد في رؤيته للعمل الفني فلدينا نظريات نقدية عربية بهذا المعنى لأن الثقافة العربية بمصادرها المتعددة تمتلك هذه الرؤية وهذا الأساس المعرفي. أما إذا كنا نفهم من النظرية النقدية الأدوات الإجرائية في التحليل فهذا غير متاح لدينا. وأضاف: «لدينا في الفكر العربي نظريات ابن سينا وعبد القاهر الجرجاني وابن رشد والفارابي، ولكن لم توضع موضع الاستخدام إلا حين تقاربت مع النظريات المعاصرة، وإشكالية النقد العربي هي جزء من إشكالية ثقافة عامة حول العلاقة بين الأنا والآخر، وهي إشكالية لها تقاطعاتها السياسية والاجتماعية، والناقد يلجأ إلى المناهج التي تتيح له الارتقاء في العالم».

د. عزوز إسماعيل: نقادنا الكبار أجهضوا قيام نظرية عربية في النقد الأدبي
back to top