خاص

أستاذة التاريخ الإسلامي في جامعة القاهرة هويدا عبدالمنعم لـ الجريدة.: المستشرقون وراء مزاعم انتشار الإسلام بحد السيف

«تشويه التاريخ الإسلامي بدأ منذ فترة طويلة»

نشر في 25-05-2018
آخر تحديث 25-05-2018 | 00:00
أكدت أستاذة التاريخ الإسلامي بجامعة القاهرة د. هويدا عبدالمنعم أن محاولات تشويه التاريخ الإسلامي بدأت منذ فترة طويلة، مشيرة إلى أن المستشرقين وراء مزاعم أن الإسلام انتشر بحد السيف.
وطالبت عبدالمنعم في مقابلة مع «الجريدة» الباحثين في التاريخ بضرورة تحري الدقة في مصدر المعلومة.. وإلى نص المقابلة:
● متى بدأت كتابة التاريخ الإسلامي؟

- كتابة التاريخ بدأت بروايات كانت تشبه رواية الحديث التي كانت تعتمد على المتن والإسناد والجرح والتعديل للتدقيق في مجموعة الرواة الذين لابد أن يُشهد لهم بالعدالة، ويجب أيضاً ألا يختلف المتن مع العقل أو المنطق، فالتاريخ أخذ من الحديث في بداياته، وقد بدأ جمع التاريخ الإسلامي في عهد الخلفاء الراشدين مع اتساع الدولة الإسلامية ودخول عناصر أخرى غير العرب، وأثناء تلك الفترة ظهر ما يُطلق عليه التحزب من خلال الشيعة والخوارج، كما ظهرت أيضاً العصبية القبلية حيث راوية التاريخ من وجهة نظر خاصة، ومن هنا بدأت فكرة شخصنة الرواية التاريخية بمعنى عدم الحيادية في نقل الأحداث التاريخية، وبالتالي تعددت الروايات للحادثة الواحدة، وتم الانتقال بعد ذلك إلى مرحلة تدوين السيرة النبوية إذ بدأ الواقدي في تدقيق الرواية التاريخية، وكان يذهب إلى مكان الحدث للتأكد من وقوعه بالفعل.

● هل يعني ذلك أن التاريخ الإسلامي تعرض للتشويه؟

- تشويه التاريخ الإسلامي بدأ منذ فترة طويلة جداً، ففي العصر العباسي كان هناك تحزب واضح للدولة، بمعنى أن المؤرخين كانوا يجاملون الخلافة العباسية، وقاموا بتشويه صورة الدولة الأموية فأظهروا مثالبها فقط، وتجاهلوا عن عمد الآثار الطيبة لها مثل الفتوحات الإسلامية وتعريب العملة وتعريب الداووين، كما ظهر العنصر الفارسي في كتابات الدولة العباسية، وعقب مقتل أبي مسلم الخرساني طفت على السطح الحركة الشعوبية، التي كانت تنادي بتمجيد الفرس والتقليل من شأن العرب، فتمت كتابة تاريخ يحاول تشويه العرب من خلال التشكيك في أنسابهم ووصفهم بالهمجية.

● ما الأدوات التي يستطيع الباحث من خلالها التوصل إلى الحقيقة في ظل هذا التشويه؟

- يجب على الباحث أن يتحرى الدقة في المصدر الذي يرجع إليه لتناول المعلومة التاريخية، فلابد أن يبحث في السيرة الذاتية للمؤرخ الذي ينقل عنه المعلومة، لأن بعض المؤرخين لهم اتجاهات وانتماءات معينة، كما أن العصبية القبلية كانت سمة غالبة لدى عدد من المؤرخين، لذلك سنجد أن الطبري الذي يُطلق عليه عمدة المؤرخين، كان يجمع الراويات المختلفة في الحادثة الواحدة ويأخذ الرواية التي تتفق مع منطق الأحداث، فعلى سبيل المثال كانت موقعة الجمل إحدى الروايات التي تضمنت معلومات ينقصها الدقة، وكذلك كانت هناك مبالغة في الأرقام مثل أعداد القتلى والأسرى وحجم الغنائم.

● كيف يمكن الرد على مزاعم أن الإسلام انتشر بحد السيف؟

- هذه ادعاءات غير صحيحة يقف وراءها المستشرقون، فهناك الكثير من المواقف في تاريخ الفتوحات الإسلامية ترد على تلك المزاعم، منها على سبيل المثال لا الحصر قيام خالد بن الوليد أثناء فتح مدينة دمشق بإعطاء الأمان لأهل المدينة على أموالهم وكنائسهم ومنازلهم، وهناك موقف مماثل عندما قام عمر بن الخطاب بفتح بيت المقدس أعطى لأهلها «العهد العمري» أي الأمان على أموالهم وديارهم وكنائسهم، وقام أيضاً بالصلاة أمام الكنيسة كي لا يأتي أحد بعده ويهدمها، كما أن المسلمين فتحوا الكثير من المدن دون قتال من خلال معاهدات الصلح، وذلك على عكس ما قام به المغول والتتار من إعطاء الأمان للمدن قبل غزوها، وعدم التزامهم بالعهود بل وقيامهم بحملة إبادة عنصرية لأهلها، فالمسلمون كان هدفهم نشر الدعوة الإسلامية دون إراقة الدماء، فقد كانوا يرسلون بالرسائل أولاً إلى الحكام لكي يسمحوا لهم بالحديث مع الناس لنشر الإسلام، وتجنب القتال والدخول في معارك.

العامل المادي

● وماذا بشأن الادعاء بأن الغنائم هي المحرك للفتوحات الإسلامية؟

- لو كان العامل المادي هو المحرك الرئيس في الفتوحات الإسلامية وليس العقيدة الراسخة فمن سيضمن للمقاتل الإسلامي الخروج سالماً من المعركة للحصول على نصيبه من الغنائم، ومعركة القادسية من أبرز الأمثلة التي توضح عدم اهتمام المسلمين بالجانب المادي، إذ أرسل قائد الفرس إلى سعد بن أبي وقاص وقال له: «أعلم أن ما أخرجكم إلا ضيق العيش ونحن على استعداد لأن نعطيكم ما تتشبعون به»، فلو كان المسلمون طلاب مال لقبلوا بهذا العرض إذ كانوا سيواجهون أقوى امبراطورية في تلك الفترة، وهناك فارق كبير لصالح الفرس في عدد القوات والعتاد.

على الباحث تحري الدقة في مصدر المعلومة التاريخية
back to top