مواجهة أميركية - روسية في مجلس الأمن تسبق «ضربة الأسد»

• رد واشنطن يشمل أهدافاً أبرزها «الضمير» و«حميميم»
• دمشق تستنفر وتخشى استهداف «الرئاسة»
• ولايتي يزور سورية ويهدد بالرد على غارة «تيفور»... وميليشيات موالية لإيران تعيد تموضعها

نشر في 11-04-2018
آخر تحديث 11-04-2018 | 00:05
بحار أميركي يأذن لطلعة مقاتلة FA-18 على حاملة الطائرات «ثيودور روزفلت» في بحر الصين أمس (أ ف ب)
بحار أميركي يأذن لطلعة مقاتلة FA-18 على حاملة الطائرات «ثيودور روزفلت» في بحر الصين أمس (أ ف ب)
على وقع شد وجذب وأجواء مشحونة بين القوى الكبرى، تتجه الأنظار إلى مواجهة كبرى في مجلس الأمن بين موسكو وغريمتها واشنطن لحسم الرد الدولي على استخدام الرئيس السوري بشار الأسد المفترض للسلاح الكيماوي في هجومه على آخر معاقل المعارضة في دوما لإجبار مسلحيها وسكانها على مغادرتها والسيطرة عليها.
بعد مرور ساعات على تعهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقيام بإجراء سريع وقوي رداً على ضرب معقل المعارضة السورية في مدينة دوما بالأسلحة الكيماوية، شهد مجلس الأمن أمس مواجهة جديدة من العيار الثقيل، ألقت واشنطن فيها بثقلها لانتزاع تحرك "دولي مشترك" لمحاسبة الرئيس السوري بشار الأسد، الأمر الذي قابلته حليفته روسيا باستماتة دفاعاً عنه.

وغداة جلسة طارئة شهدت مواجهة حادة بين أعضاء مجلس الأمن وروسيا، حشدت الولايات المتحدة حلفاءها للرد على النظام السوري عبر التصويت على مشروع قرار تقدمت به يتضمن تشكيل آلية جديدة ولجنة تحقيق دولية حول استخدام الأسلحة الكيماوية في سورية.

في المقابل، قدمت روسيا، التي رأت أن القرار الأميركي يتضمن "عناصر غير مقبولة تجعله أسوأ من سابقيه"، مشروعاً مماثلاً يطالب بتحقيق تجريه المنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيماوية في مدينة دوما.

وأكد وزير الخارجية سيرغي لافروف أن موسكو "لا تثق بعد الآن بنتائج تحقيقات تجري عن بعد"، مشيراً إلى أنه "ليتمكن محققو المنظمة من القيام بواجباتهم عليهم بالضرورة التوجه إلى المكان"، مؤكداً قدرة القوات الروسية والنظام السوري على تأمين سلامتهم.

بدورها، وجهت وزارة الخارجية السورية "دعوة رسمية للمنظمة لإرسال فريق ​تقصي الحقائق​ لزيارة دوما والتحقيق في الإدعاءات الغربية بقصفها بالكيماوي فيها"، مؤكدة عزمها على تقديم كل أوجه المساعدة اللازمة لقيام البعثة بعملها وتتطلع لأن للعمل بشفافية كاملة والاعتماد على أدلة ملموسة وذات مصداقية".

رد سريع

وخلال اجتماع مع أعضاء مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، اعتبر ترامب، الذي أجرى للمرة الثانية خلال 48 ساعة محادثات هاتفية مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن هجوم دوما الكيماوي "أمر فظيع ومروع سيتم الرد عليه بقوة"، مضيفاً: "نحن بصدد اتخاذ قرار بشأن ما سنقوم به الليلة أو بعد ذلك بوقت قصير جداً".

وبعد تحذير نظيره الروسي فلاديمير بوتين من التكهنات و"الاستفزاز"، شدد ترامب، الذي ألغى زيارته إلى البيرو من حسم موقفه من الأزمة، على أن الولايات المتحدة لديها "خيارات عسكرية كثيرة" بشأن سورية. وقال: "لا يمكننا ترك فظائع مثلما شاهدنا جميعاً... ولا نستطيع ترك ذلك يحدث في عالمنا. خصوصاً عندما نكون قادرين على إيقافها نظراً إلى قوة الولايات المتحدة وقوة بلدنا".

وأبلغ مسؤولون أميركيون "رويترز" بأن البيت البيض يدرس رداً عسكرياً جماعياً على هجوم دوما، بينما أدرج خبراء عدة منشآت رئيسية للنظام السوري كأهداف محتملة.

وتحدث المسؤولون عن خطط وخيارات عسكرية قيد التطوير ضد نظام الأسد، مشيرين إلى مشاركة محتملة لفرنسا وربما بريطانيا وحلفاء في الشرق الأوسط في أي عملية عسكرية أميركية، تستهدف منع أي استخدام للأسلحة الكيماوية مستقبلاً في الحرب الأهلية الوحشية في سورية.

وأكد مسؤولون بأجهزة الاستخبارات الأميركية وقوع هجوم كيماوي بالفعل لكنهم قالوا، إن واشنطن لا تزال تجمع معلومات. وذكر ترامب دون الخوض في التفاصيل أنه يستجلي حقيقة من يقف تحديداً وراءه.

مجموعة أهداف

وتوقع الخبراء أن تركز الضربات الانتقامية المحتملة على منشآت مرتبطة بما ورد في تقارير سابقة عن هجمات كيماوية منها قاعدة الضمير الجوية، التي توجد بها الطائرات الهليكوبتر السورية من طراز "مي-8" والتي ربطتها وسائل التواصل الاجتماعي باستهداف دوما.

وعلى غرار ضرب مطار الشعيرات في حمص رداً على مهاجمة قوات الأسد منطقة خان شيخون بإدلب بغاز السارين في أبريل العام الماضي، قد تستهدف ضربة أكثر قوة قاعدة حميميم الجوية، التي حدد البيت الأبيض في بيان في الرابع من مارس أنها نقطة انطلاق للطائرات الروسية لقصف ريف دمشق والغوطة الشرقية.

ووسط معلومات عن إخلاء مواقع ومقرات عسكرية وأمنية في مدينة دير الزور ومحيطها تشغلها ميليشيات موالية لإيران، أفاد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن النظام وحلفاءه في حالة تأهب قصوى بعدة مناطق تحوي مجموعة أهداف محتملة منها المطاراتُ والمواقعُ العسكرية في دمشق ومحيطها والقطاعاتُ العسكرية الواقعة على الساحل السوري كاللاذقية وطرطوس وفي حمص ومناطق أخرى، مشيراً إلى مخاوف لدى من توجيه ضربة للقصر الرئاسي، إلى جانب المواقع الروسية.

وإذ نبّه الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف الولايات المتحدة وحلفاءها إلى "رفض مواجهة الحقيقة" في الهجوم المفترض و"سلوكها الطرق القديمة والمختصرة بإطلاق الأحكام من دون أي تحقيق"، حذر نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف من وصول الأمور إلى مستوى التهديد باندلاع مواجهة عسكرية بين روسيا والولايات المتحدة في سورية، معتبراً أن الوضع "جديّ وواشنطن تنشر معلومات خاطئة لايجاد حجة" لتنفيذ عمل عسكري.

وأكد بوغدانوف أن موسكو لا تزال تجري اتصالات عملية مع واشنطن وتأمل في أن تنتصر العقلانية، مشدداً على تصريحات مسؤوليها عن إمكانية توجيه ضربة عسكرية لدمشق غير مقبولة إطلاقاً، وهي عالية الخطورة، وعليهم الأخذ بعين الاعتبار تحذير الخارجية الروسية من العواقب الوخيمة لأي اعتداء خارجي على سورية بذريعة أخبار مفبركة.

وقبله، دعا سفير روسيا في الامم المتحدة فاسيلي نيبينزيا "الغربيين إلى التخلي عن خطاب الحرب والحذر من "تداعيات خطرة" إذا تعرضت سورية لضربة عسكرية في وجود العسكريين الروس، مؤكداً أنه "لم يحصل هجوم كيماوي في دوما السبت و"ما من أدلة" على حصوله.

حلف الأسد

وفي خضم التوتر، بدأ الممثل الخاص للرئيس الروسي ألكسندر لافرنتيف زيارة إلى طهران أمس، ناقش خلالها مع عدد من المسؤولين الإيرانيين التهديدات الأميركية بالتدخل العسكري في سورية والهجوم الإسرائيلي على قاعدة التيفور، الذي تسسبب بمقتل 7 جنود إيرانيين، كذلك نتائج اجتماع أنقرة الأخير بين رؤساء إيران وروسيا وتركيا.

ولدى وصوله إلى دمشق، شدّد مستشار المرشد الإيراني علي أكبر ولايتي على أنّ "جريمة ​إسرائيل​ باستهداف مطار التيفور العسكري لن تبقى من دون ردّ"، مشيراً إلى أنّ "سيطرة ​الجيش السوري​ على ​الغوطة الشرقية​ هو من أهمّ الانتصارات".

وكشف بوغدانوف عن استدعائه أمس، سفير تل أبيب في موسكو هاري كورين لبحث الأوضاع المتدهورة في سورية وهجوم الطيران الإسرائيلي على قاعدة «تيفور» العسكرية، مشيراً إلى أن ناقشه طرق إزالة التصعيد وتطبيع الوضع في سورية.

في هذه الأثناء، حمّل رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب حلفاء الأسد "مسؤولية خاصة" عن هجوم دوما، وكذلك في "خرق هدنة" مجلس الأمن، متوعداً بـ"الرد على استخدام مثل الأسلحة الكيماوية".

وأعاد الناطق باسم الحكومة الفرنسية بنجامان غريفو التأكيد على أنه "إذا تم تجاوز الخط الأحمر" في سورية، فسيكون هناك "ردّ"، مشيراً إلى أن معلومات تبادلها ماكرون وترامب "تؤكد مبدئياً استخدام أسلحة كيماوية".

وتوعّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أمس المسؤولين عن هجوم دوما بأنهم سيدفعون "ثمناً باهظاً"، مشيراً إلى أنه بعد أن أعرب لبوتين عن "قلقه" من استهداف المدنيين بالكيماوي سيكمل مبادراته في إجراء مكالمات مشابهة مع قادة العالم.

وفيما اتهم وزير خارجية ألمانيا هايكو ماس روسيا وإيران بعد الوفاء بالتزاماتهما فى سورية، أكَّدت رئيسة وزراء ​بريطانيا​ ​تيريزا ماي​ إنها ستتحدث مع ترامب​، بشأن الهجوم الكيماوي، مشيرة إلى أنها "ستستمر في الحديث مع الحلفاء والشركاء في ها الأمر".

ولم ترد ماي مباشرة على سؤال ما إذا كانت بريطانيا ستشترك مع ​الولايات المتحدة​ إذا ما قررت ​واشنطن​ القيام بعمل عسكري في سورية لكنها قالت: "نعتقد أن المسؤولين عن ذلك يجب أن يحاسبوا".

موقف الرياض

بدوره، طالب سفير السعودية بواشنطن الأمير خالد بن سلمان المجتمع الدولي حمل مسؤوليته والرد على استخدام الأسد للأسلحة المحرّمة دولياً في دوما.

وكتب بن سلمان على "تويتر" "هذا الهجوم الوحشي على الأبرياء والمدنيين هو امتداد لجرائم نظام الأسد وداعمه الأساسي النظام الإيراني وأدواته في المنطقة حزب الله والمليشيات الطائفية التابعة له. وعلينا أن نقف ضد عدوانهم في المنطقة في سورية واليمن والدول الأخرى".

ولاحقاً، دعا وزير خارجية المملكة عادل الجبير إلى تقديم المسؤولين عن استخدام الكيماوي في سورية إلى العدالة، مؤكداً أن الرياض تبحث مع حلفائها خيارات الرد على هجوم دوما.

back to top