الرعاية الصحية على أبواب ثورة رقمية

إسعاف وعلاج مرضى المستقبل بالريموت... وقد يتم الاستغناء كلياً عن الطاقم البشري

نشر في 07-04-2018
آخر تحديث 07-04-2018 | 00:02
No Image Caption
على وجه التقريب، تأثرت كل صناعة بشدة بالثورة الرقمية، لكن مضاعفات تلك الثورة لم تكن أكثر وقعا على قطاع ما كما كانت على قطاع الرعاية الصحية، حيث يمكن للتطوير والابتكار في هذا الميدان أن يطيلا من أمد الحياة ويوفرا صحة أفضل لمليارات من البشر في العالم. ولكن تحقيق هذا الأمل يتطلب براعة مستمرة ومثابرة لا حدود لها.

وفي مناقشة عامة نظمتها أخيرا «فاست كومباني» في أستن بتكساس، تحاور بعض من كبار مفكري هذه الصناعة في كيفية إعادة تحديد وتعريف التقنية للجوانب الممكنة في الرعاية الصحية في الأجلين القريب والطويل. وأبلغ آدم شيشتر، وهو رئيس الصحة البشرية العالمية لدى شركة الأدوية العملاقة «ميرك» الحضور بأن هذا «وقت استثنائي في الرعاية الصحية، ولدى التقنية القدرة على تغيير كل شيء على وجه التقريب».

إعادة تحديد الرعاية الشخصية

كانت السمة الشخصية الفكرة الرئيسة في نقاش أستن، وأكمل الباحثون تسلسل الجينوم البشري قبل 15 سنة، ولكن الاختبارات الجينية غدت الآن فقط رخيصة بما يكفي لطرحها على نطاق واسع. ولا شك في أن معرفة من سيستفيد من المعالجة المحددة، ومن لن يستفيد، ستكون لها فوائد عميقة بالنسبة الى الصحة والأنظمة الصحية، وفق شيشتر.

ويمكن أن تفضي زيادة الكفاءة والفعالية عبر التقنية الى توفير رئيس في التكلفة ضمن صناعة تضخم إنفاقها في الولايات المتحدة الى أكثر من 3.3 تريليونات دولار في السنة، أي حوالي خمس الناتج المحلي الاجمالي.

وقال شيشتر «إن نظام الرعاية الصحية يجب أن يتغير إزاء التكلفة، وفي أعمال الأدوية واللقاحات يتعين علينا أن نظهر كيف يتم إنفاق 12 في المئة من مبالغ الأدوية واللقاحات على الرعاية الصحية في الولايات المتحدة كل سنة من أجل المساعدة على خفض تكلفة الرعاية الصحية الأخرى البالغة 88 في المئة».

وسوف يركز تحسن تقدم الطب الجيني على المعالجة الطبية المصممة خصوصا للأفراد كل على حدة، وهو ما يرفع الى الحد الأقصى التأثير على المرضى. وقالت ايانا ديمكوفا، وهي مديرة الرعاية الصحية التي تستثمر في مشاريع جنرال الكتريك» هذه هي الثورة التي كان الجميع ينتظرها».

المعلومات المفصلة

المعلومات المفصلة حول الأفراد يمكن أن تساعد أيضاً الناس على التشبث بخطط العلاج. ثم إن قلة التقيد تظل الحوت الأبيض في المهنة الطبية.

وقال المسؤول الرئيس عن الابتكار لدى «يو بي إم سي» في بيتسبرغ د. راسيو شريثا: «في هذا العالم الجديد نحن نخرج المرضى مع حقيبة من الأدوية، ولكن مع تقنية أيضاً»، وتقوم أجهزة المراقبة عبر البلوتوث بإرسال قراءات حول الأعضاء الحيوية لدى المرضى المعرضين لأخطار عالية على شكل نظام إنذار مبكر للانتكاس.

وفي المستقبل غير البعيد، سيستطيع المرضى تناول الأدوية التي سوف ترسل بياناً عندما يتم ابتلاعها أو عند استخراجها من الزجاجات الذكية. ونتيجة لذلك يمكن أن يتمكن الأطباء من معرفة المشكلات في وقت أبكر. وتستطيع هذه التقنية أيضا إبلاغ عناصر الرعاية الأولية اللازمة، خصوصا إلى أولئك الذين يساعدون أحد الأبوين على التكيف مع مرض الزهايمر مثلا.

التنبيه المستمر

الخلاف الآخر الذي تبدو التقنية مهيأة لمعالجته هو دفع الناس الى مراجعة الطبيب في المقام الأول. ويقول جيسون ويتسون، وهو نائب الرئيس ورئيس قسم الإنتاج لدى ميديسي، وهي شركة ناشئة في الرعاية الصحية تتخذ من أستن مقراً لها «يوجد الكثير من تفادي الرعاية».

ويضيف أن زيارة الطبيب يمكن أن تعتبر مضيعة للوقت، ولذلك فإن الناس في أغلب الأحيان يتركون المشاكل الصحية تتفاقم وتفضي إلى تعقيدات.

ومن خلال الزيارات الطبية التي توفرها ميديسي وغيرها يستطيع المرضى المراجعة عبر رسائل أو مقاطع مصورة أو الصور، وذلك بجهد أقل يخفض حواجز السعي الى العلاج. وفيما قد لا تكون المراجعات الرقمية كافية بالنسبة الى القضايا المعقدة، فإن أكثرية زيارات العيادات اليوم قد يتم الاستغناء عنها، بحسب ويتسون، لأنها تتعلق بمشاكل بسيطة الى حد كبير. وهو يعلم مباشرة مدى فعالية المعالجة الهاتفية: وقد تم تشخيص نوبته الأخيرة حول السم الحاد عن طريق صورة تشاطرها من خلال مراجعة طبيب يبعد 4 ولايات.

القوة في الأرقام

وعلى أي حال، فإن البعض من التطبيقات التقنية لديه سبل للعمل. ولا تزال إحدى الرؤى الجوهرية للعلاج في المستقبل تتمثل في مجموعة كبيرة من الحواسيب تشمل مخازن واسعة من المعلومات من أجل تشخيص الأمراض بطريقة أفضل من البشر، رغم أن هذه التقنية لاتزال أقرب الى الخيال العلمي.

وقالت ديمكوفا من مشاريع جنرال الكتريك «إذا نظرت الى منصات البرامج التي تقوم بتعليم الآلة واستخدام الذكاء الاصطناعي في التشخيص من مرض السرطان الى الاضطرابات العصبية، فإن ما سوف تجده هو أن تلك الأنواع من الحلول جيدة جداً في معلومات التدريب، ثم عندما تنتقل الى شريحة عشوائية من المرضى – يجد كثير منهم صعوبة في معرفة أعضاء معينة – فضلا عن إبلاغك عما اذا كانت الحالة خبيثة أم لا، وذلك لا يعني أن الذكاء الاصطناعي ليس مفيداً بالنسبة الى العيادات، لكنه يعني أن الآلات لن تحل محل الطبيين المحترفين عما قريب.

ويتعارض هذا مع نتائج دراسة أجرتها «فاست كومباني» في الآونة الأخيرة مع ميرك، والتي قال أكثر من نصف من شملتهم الدراسة إنهم يتوقعون اختفاء البشر من عمليات الرعاية الصحية ذات يوم. ويتوقع ثلاثة أرباع تلك المجموعة حدوث ذلك خلال 5 الى 15 سنة.

وضع المرضى والأطباء أولاً

تقول ديمكوفا إن المشكلة هي انهماك الأطباء الى درجة لا تمكنهم من استيعاب المعلومات التي تتوافر لهم عبر التقنيات.

وبوسع الولايات المتحدة أن تتعلم من أسواق الرعاية الصحية الأخرى استخدام العلاج الهاتفي والهواتف الجوالة والإمكانات الرقمية الأخرى من أجل مساعدة الناس على الوصول الى الرعاية، كما تمكن الأطباء وأنظمة الصحة من عمل المزيد، بحسب شيشتر من ميرك.

و»يستقبل مستشفى هواشان، وهي واحدة من أكبر مستشفيات الصين 10 آلاف مريض خارجي يومياً»، يضيف شيشتر. ولا يمكنك تصور كم هو مهم الاستعانة بالتقنيات الجديدة في دولة عدد سكانها 1.4 مليار نسمة».

ومن أجل تحقيق التأثير الأقصى للتقنية، فإن الصناعة بأكملها بحاجة الى التطور. ويقول شيشتر إن تعريف الرعاية الصحية ينبغي أن يتغير» ونحن في حاجة الى أن يكون ذلك ليس إزاء 20 دقيقة مع طبيب أو وجود مريض في مشفى ليومين، وانما يتعين على الرعاية الصحية أن تتمحور حول التأثير على السلوك طوال 24 ساعة في 365 يوماً في السنة».

ويضيف «أن الطريقة الأفضل من أجل خفض تكلفة الرعاية الصحية تتمثل في منع الناس من الاصابة بالمرض في المقام الأول». وبغية بلوغ تلك النقطة هناك ثمة تغير أساسي آخر في الانتظار: التعاون». وأنا لا أعتقد أن أي شركة في المستقبل ستقوم بكل الأعمال البيولوجية والكيميائية والمعلومات والتحليل بمفردها، وسيتعين عليها تحقيق شراكة من نوع مختلف».

وقد عملت «ميرك» في الآونة الأخيرة مع عمالقة التقنية من أمثال أمازون وعلي بابا، كما عملت أمازون وميرك من أجل ايجاد طرق جديدة لمساعدة مرضى السكري باستخدام «أليكسا» لنقل المعلومات الى الأطباء.

ومع «علي بابا» استخدم فريق الشركة في الصين منصة التجارة الالكترونية الصينية مع تطبيقات التواصل الاجتماعي «وي تشات» لبلوغ حوالي 120 مليون امرأة، بغية زيادة الوعي إزاء فيروس الورم الحليمي البشري، وهي طريقة أكثر فعالية من الطرق التقليدية التي تتم عبر الأطباء، ويوجد في الصين أكثر من مليون طبيب.

وقال شيشتر: «لو أنك أخبرتني قبل 30 سنة أنني سأعمل مع شركات تقنية رقمية لإدارة أعمالي اليومية، ما كنت لأظن ذلك ممكناً، ويشكل ذلك اليوم قسطا كبيرا من عملي اليوم».

*(ميرك اكسبرت)

back to top