لبنان... والمعركة الصعبة!

نشر في 30-03-2018
آخر تحديث 30-03-2018 | 00:17
 صالح القلاب ما يجري في لبنان من صراع إقليمي ودولي عشية الانتخابات النيابية ليس جديداً، فهذا البلد الجميل الصغير بمساحته الكبير جداً ليس في دوره وإنما أدواره، بقي يشكل مرآة لهذه المنطقة كلها بصحفه ومؤسساته وأحزابه وزعاماته، وذلك إلى حد أن هناك مثلاً قديماً يقول: "نِيّال من له مرقد عنزة في بلاد الأرز"، أي هنيئاً لمن له مرقد عنزة في هذا البلد، والمقصود بمرقد العنزة هو الحزب أو الزعامة أو الطائفة أو الصحيفة المؤثرة أو البنك الفاعل المشهور بـ"كرمه" وانبساط يده وعمق أسراره!

معروف أن القوة الفاعلة في لبنان في مرحلة الاستعمار الفرنسي، وبعد ذلك عندما استمر تأثير فرنسا لسنوات اعتبرت طويلة، هي للدولة الفرنسية وامتداداتها، وحيث كانت بعض الطوائف المؤثرة محسوبة عليها، في حين أن طوائف أخرى إما كانت محسوبة على سورية، ولاحقاً على مصر عبدالناصر، والبعد العربي في الجزيرة العربية، وهكذا إلى أن أصبحت المقاومة الفلسطينية في لبنان، منذ مطلع السبعينيات وحتى بداية ثمانينيات القرن الماضي، الرقم المقرر بالنسبة للمسلمين، السنة والشيعة، وبالطبع بالنسبة لأحزاب الحركة الوطنية اللبنانية، وهذا تجلى في المنافسات الرئاسية المتعاقبة.

بعد عام 1982، حيث أخرجت المقاومة الفلسطينية من بيروت وعملياً من لبنان، وغدت سورية بأجهزتها الأمنية هي صاحبة القرار الأول والأخير ليس باختيار مرشح الرئاسة الذي كان يعتبر نجاحه مضموناً، وإنما بالنسبة أيضاً لأعضاء المجلس النيابي ولرئيس الوزراء والوزراء وكبار المسؤولين وقادة الأحزاب كلها بدون استثناء، وبالطبع بالنسبة للصحافة والأجهزة الإعلامية كلها، وهذا كان معروفاً للقاصي والداني ولكل الدول المعنية القريبة والبعيدة... وكان غازي كنعان هو الآمر الناهي، وكان القرار قراره بالنسبة لكل شيء.

بعد إخراج القوات السورية من لبنان عام 2005 بدأ رقم المعادلة اللبنانية في يد الإيرانيين، وأصبح حزب الله مع الوقت ومع ازدياد الثقل الإيراني في هذا البلد، الذي لا يستحق هو وأهله إلا كل خير هو الثقل الرئيسي في معادلة لبنان الداخلية وأيضاً الخارجية، وغدا حسن نصر الله هو الآمر الناهي، وغدت ضاحية بيروت الجنوبية هي مطبخ القرار حتى بالنسبة لاختيار رئيس الجمهورية، وحتى بالنسبة لرئيس الوزراء، وأيضاً حتى بالنسبة للحرب والسلام.

والآن ومع اقتراب موعد الانتخابات، حيث الصراع بلغ ذروته بين أتباع إيران ونظام بشار الأسد وبين من يعتبرون عروبيين واستقلاليين فإن الأوضاع في حقيقة الأمر تبدو صعبة جداً، وهنا فإن المواجهة المحتومة الآن عشية إجراء هذه الانتخابات قد تبدو وكأنها داخلية لكنها في الحقيقة إقليمية ودولية، فالإيرانيون يرمون بثقلهم كله في هذه المواجهة، والمعروف ان معادلة الصراع في هذه المنطقة هي لمصلحة الولي الفقيه وميليشياته وجيوشه، وهذا يعني أن معركة الحريري وتيار المستقبل والكتائب والقوات اللبنانية ستكون صعبة جداً، لكنه غير ميؤوس منها بصورة مطلقة.

back to top