تملك موظف الحكومة للأسهم... جريمة فساد!

عند وجود علاقة بين أي شركة يساهم فيها وجهة عمله... وفقاً لـ «تعارض المصالح»
• العلاقات الشخصية والعائلية تعرضه لمخالفة القانون في حال عدم الإفصاح

نشر في 26-03-2018
آخر تحديث 26-03-2018 | 00:15
No Image Caption
لم يستفد مجلس الأمة الحالي من أخطاء المجلس المنحل السابق فيما يتعلق باستعجال إقرار التشريعات دون دراسة وبحث دستوري وقانوني؛ فنواب المجلس الذين انتقدوا بشدة قانون "البصمة الوراثية" وصيغته غير الدستورية وطريقة استعجاله، وقعوا في نفس المطب والإشكالية عند إقرارهم قانون "تعارض المصالح"، الذي بات يعتبر جمع المواطن بين وظيفته الحكومية وتملكه أسهماً في شركات لها علاقة بجهة عمله جريمة فساد تستوجب العقوبة.

والشبه بين القانونين كبير جداً، من حيث استعجال الإجراءات ونتيجة الأضرار، فكلاهما رُفِع إلى المجلس للتصويت عليه بعد أقل من 24 ساعة من إقراره من اللجنة المختصة، إذ أُقِر "تعارض المصالح" في اجتماع اللجنة التشريعية بتاريخ 5 مارس الجاري، وأُدرِج على جدول أعمال جلسة اليوم التالي، ليقر في تلك الجلسة بالمداولتين، بعد مناقشة خجولة حول دستورية مواده وأثر تطبيقها على المواطنين الموظفين بالجهات الحكومية.

وكما انتهى "البصمة الوراثية" إلى ارتباك واسع، بانطباقه على كل المواطنين والوافدين والزائرين دون اعتبار للجوانب الدستورية وحريات تلك الفئات، جاء "تعارض المصالح" ليضرب كل المواطنين العاملين في الجهاز الحكومي ويضعهم في خانة الاتهام بجريمة "التعارض"، مما يشكل مخالفة دستورية صريحة ومساساً بحريتهم في التعاملات التجارية والاستثمارية.

ووفقاً للقانون، فإن كل موظف حكومي يمتلك أسهماً أو حصصاً في الشركات والمؤسسات الخاصة، سواء المدرجة في البورصة أو خارجها، وسواء كانت حصته تساوي سهماً واحداً أو مليون سهم، أصبح ملزماً بالإفصاح عن تعارض المصالح عند قيام علاقة مالية مع الجهة التي يعمل بها، حتى لو لم يكن ذا صفة أو علاقة باتخاذ القرار، وإلا وقع في دائرة المخالفة، ليتم وضع الموظف بين خيارين أحلاهما مر: التنازل عن ملكية أسهمه، أو ترك الوظيفة العامة.

وبحسب المادة 4 من القانون، فإن "كل موظف حكومي يمتلك حصة أو نسبة من عمل أو نشاط له تعاملات مالية مع جهة عمله يعتبر في حالة تعارض مصالح تشكل جريمة فساد"، وبالتالي فإن عليه إذا كان يمتلك أسهماً أو حصصاً في شركة أو نشاط، مراجعة الشركة لمعرفة إن كان هناك أي نوع من التعامل مع جهة عمله، حتى يتسنى له الإفصاح عن ذلك، للاختيار بين بيع حصته وترك وظيفته.

ومع هذا القانون، الذي من المقرر أن تصدر لائحته بعد ثلاثة أشهر، أي في يونيو المقبل، لا تقف مسؤولية الموظف الحكومي عند شخصه، بل تمتد إلى أقربائه من الدرجة الرابعة، أو المصاهرة من الدرجة الثانية، فعليه معرفة ارتباطات كل دائرته العائلية بجهة عمله، وإلا فسيتحمل المسؤولية الجنائية.

ويلقي القانون الجديد بمزيد من تعقيداته على المواطنين، بتوسيعه حالات "التعارض" لتشمل "المصلحة المعنوية" التي يصفها بأنها "كل مصلحة غير مالية تنشأ من علاقات شخصية أو عائلية، أو غير ذلك مما يؤثر على القرار"، وعليه فسيكون على كل موظف حكومي الإفصاح عن علاقته بكل من تربطه به علاقة شخصية أو عائلية، ولديه تعامل مع جهة عمله، مما يعني أن عليه معرفة تفاصيل الأنشطة التجارية لمن تربطه به علاقة، حتى يتمكن من الإفصاح.

back to top