سورية... وخيار «التقسيم»!

حتى في العديد من دول أوروبا الشرقية، كالمجر وتشيكوسلوفاكيا ورومانيا وبلغاريا وألمانيا الشرقية، فإن الروس في عهد الاتحاد السوفياتي كانوا يلصقون بانتفاضات هذه البلدان، وأهمها الانتفاضة المجرية "الهنغارية" عام 1956، تهمة التطرف والإرهاب والعمالة للدول الاستعمارية "الرأسمالية"، وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية، والمعروف أيضاً أن هناك شيئاً اسمه "ربيع براغ"، تم قمعه بالقبضة الحديدية السوفياتية. وهكذا فقد اتبع الروس ومنذ البدايات مع انتفاضة الشعب السوري في عام 2011 أسلوب "تلغيمها" بالعديد من التنظيمات والتشكيلات الإرهابية الوهمية والحقيقية، وكانت النتيجة أن العنف ظل متواصلاً في هذه الدولة العربية، وأصبح الإيرانيون بالتفاهم والاتفاق مع روسيا الاتحادية قوة احتلالية فعلية لها العديد من القواعد والمعسكرات على الأراضي السورية، مثلها مثل قاعدتي "حميميم" و"طرطوس"، التي لا يستطيع حتى بشار الأسد دخولها إلا بعد استئذان مسبق إن من "الجهات" الإيرانية المتنفذة أو من "الجهات" الروسية.ولذلك فإن الواضح لا بل المؤكد أن الروس لن يغيروا مواقفهم وأساليب عملهم هذه التي اتبعوها على مدى السنوات السبع الماضية، اللهم إلا إذا غير الأميركيون مواقفهم المترددة السابقة واللاحقة ومارسوا، ومعهم الفرنسيون والبريطانيون والعديد من الدول الأوروبية الفاعلة والمعنية، ضغطاً فعلياً على القيادة الروسية، وأيضاً على الإيرانيين... أما إذا بقيت الأمور على ما هي عليه فإن وقف إطلاق النار المؤقت هذا سيفشل بالتأكيد، والمذابح ستستمر، والحلول السلمية ستصبح بعيدة جداً، وتقسيم سورية في النهاية قد يصبح الخيار الذي لا خيار غيره، ويقيناً ان هذا ما يريده بشار الأسد، والذين يقفون إلى جانبه ويدعمونه.