«شيزوفرنيا» النجوم...

بين «بلهارسيا» شيرين وتهرّب تامر وهيثم من التجنيد

نشر في 28-01-2018
آخر تحديث 28-01-2018 | 00:04
تكشف وقائع تشهدها الساحة الفنية مدى التناقض بين ما يقدمه الفنانون من أعمال أو آراء تؤكد عشقهم وطنهم، وبين تصرفاتهم الشخصية التي تأتي على العكس من ذلك تماماً، وربما هي الأصدق إذ تبين قناعتهم الشخصية.
واقعة شيرين الأخيرة وسخريتها من النيل العظيم، ربما ليست الأولى كما أنها لن تكون الأخيرة، فقد سبقها تهرب تامر حسني وهيثم شاكر من التجنيد، رغم تقديمهما أغاني وطنية كثيرة من بينها «ارمي حمولك عليا، ولو كنا بنحبها» عن حب تراب الوطن.
«الجريدة» تبحث وتسأل الخبراء في هذا الأمر.
هل يجب أن يقدم الفنان ما يتوافق مع قناعاته الشخصية وآرائه، وهل مشاركته في المناسبات الوطنية بأغان أو أعمال درامية تأتي من باب المجاملة، ولا يشترط أن تتطابق مع أفكاره؟

يرى الناقد طارق الشناوي أن كثيراً من الفنانين والمطربين غنوا أعمالاً لا تتطابق مع آرائهم وقناعاتهم الشخصية، ليس من الجيل الجديد فحسب، مستشهداً بغناء أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب للملك فاروق وللرئيس جمال عبد الناصر في آن، رغم أن الأخير أطاح بالأول في ثورة 1952".

ويضيف الشناوي: "بعض الفنانين، إن لم يكن معظمهم، يقدِّم أغنية وطنية كي يكون جزءاً من موجة تتعلق بحوادث معينة لا أكثر ولا أقل، كالهجمات الإرهابية، أو فوز منتخب كرة القدم أو غيرهما"، متمنياً أن يتسق الفنان مع ما يردده بقدر الإمكان.

من جهتها، تعتبر الناقدة ماجدة خير الله، أن بعض الفنانين لا يعي ما يقدمه، مرجعة ذلك إلى ما وصفته بـ"الجهل العام للفنانين"، وتوضح: "لو عرف النجم ما يتركه من إحساس في وجدان الجمهور من خلال أغانيه، لما شوّه المعنى بأفعاله".

وتستطرد خيرالله أن الفنانين الذين لديهم وعي بالمسؤولية يختارون كلمات تعبِّر عن معتقداتهم، وليس مجرد تقديم أغنية بصوتهم مهما كان حجم جماهيريتهم، لأن الفنان ليس آلة تؤدي الكلمات والألحان من دون إحساس، والجمهور عندما يجد تناقضاً بين مواقف الفنان وبين أعماله، فإنه سيدرك ألا مصداقية لديه سواء في أعماله السابقة أو المقبلة".

في السياق ذاته، يقول الناقد الموسيقي زين نصار، إن الفنان شخصية عامة لذا عليه أن يتحلى بقدر من المسؤولية لاعتباره قدوة لجمهوره، موضحاً أن إقدام الفنانين على إنتاج أغان وطنية يأتي لتأثرهم بالحوادث وانفعالهم بها، بغض النظر عن اقتناعهم بالمضمون".

ويدلل الناقد على قوله بأغاني حرب 1956، وتفاعل الملحنين والشعراء معها، ثم المطربين، ففي ذروة الحوادث تكون الأغنية صادقة بسبب الانفعال، وتوظَّف الموهبة بحسب الظروف التي يمرّ بها المجتمع.

تفسير آخر

في المقابل، ترى الناقدة خيرية البشلاوي، أنه يجب الفصل بين شخصية الفنان وبين مواقفه العامة، موضحة أن عليه أن يقدم فنه بإحساس ليصل إلى الجمهور، بغض النظر إن كانت قناعاته تتفق مع المنتج الفني أو لا.

وتؤكد الناقدة أن المصداقية تتعلق بأداء المطرب عند تقديمه الأغاني، مشيرة إلى أنه يؤدي ما يُطلب منه سواء من جوهر الكلام أو الألحان بإحساس، وليس من حق الجمهور محاسبته على نواياه، والحكم عليه يكون من خلال معايير فنية وليس أخلاقية.

وتنهي الناقدة حديثها لـ"الجريدة" قائلة: "الحكم على الفنان من خلال مقارنة أفكاره بأعماله يعدّ تحميلاً للأمور قدراً أكبر من طاقتها، فهو يُحاسب على أدائه فحسب".

رأي علم الاجتماع

ترى أستاذة علم الاجتماع هدى زكريا أن "تجريف" الأغاني الوطنية بعد معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل جعل الجيل الجديد من الفنانين لا يعي مضمون وأهمية الأغنية الوطنية، وتأثيرها في وجدان الناس.

وتضيف: «الجيل الذي ولد في آواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات من المطربين لم يتشبع بالحس الوطني، الذي يجعله عندما يتغنى بكلمات معينة يكون على اتساق مع أفكارها».

تستطرد أستاذة علم الاجتماع: «لو كان هؤلاء المطربون شربوا من نبع وطني وتربوا على أغان تؤثر في وجدانهم مثل أغاني سيد درويش وأم كلثوم وشادية وحليم، لتوافق ما قدموه مع قناعتهم، وحبهم للوطن».

أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب قدّما أغاني للملك فاروق وعبدالناصر في آن
back to top