رياح وأوتاد: مغامرة التأخر في مواجهة الاختلال

نشر في 08-01-2018
آخر تحديث 08-01-2018 | 00:08
على الحكومة أن تكون قدوة حسنة في الحفاظ على المال العام، ومحاسبة المقصرين، وتطبيق تقارير ديوان المحاسبة وطرح المشروعات الجديدة، ولا يجوز أن ينحصر دورها في الوقوف ضد المشروعات الشعبوية فقط والتي إذا تم إقرارها فستكون كلفة إصلاحها مستقبلاً أكثر بكثير من الانزعاج والتبرم الذي نسمعه اليوم.
 أحمد يعقوب باقر إن تأخر مواجهة أي اختلال لن يؤدي إلى العلاج تلقائيا كما يحلم بعض من ابتليت بهم البلاد، لكنه سيزيد كلفة الحل وصعوبته في المستقبل، مثل الإجراءات التي تمت في أكثر من بلد خليجي بشأن زيادة أسعار المحروقات والرسوم وتأشيرات إقامة الوافدين وعلاجهم، حيث سببت تبرما وانزعاجا لدى كل من المواطن والمقيم لأنها مست جيبه، وقد يكون لها أثر انكماشي أيضا على بعض القطاعات الاقتصادية أو زيادة في أسعار بعض السلع والخدمات.

ولا شك أن هذا الانزعاج وهذا الانكماش سببه هو الاختلال الكبير في الاقتصاد والمالية العامة الذي ترك دون علاج لفترة طويلة؛ حتى أصبحت بعض الإجراءات المطلوبة لتقليص العجز وزيادة الإيرادات غير النفطية ووقف الهدر في الخدمات أمراً تواجهه صعوبات شعبية، وأيضا انكماشية في بعض القطاعات.

لذلك فإن أي تأخير في الإصلاح الاقتصادي في بلادنا مع تراكم الهدر والفساد من شأنه الانطواء على قنبلة موقوتة من الغضب ستنفجر حتماً معبرة عن استياء شعبي كبير عند بدء الإصلاحات؛ لأن كلفة الإصلاحات عندها ستكون صعبة وكبيرة أيضا.

ولتلافي هذه النتيجة لا بد من عمل السلطتين التنفيذية والتشريعية من الآن لمكافحة الفساد على أسس علمية ووقف الهدر، وهذا يشمل وقف الاقتراحات الشعبوية المطروحة في مجلس الأمة فوراً؛ مثل تخفيض سن التقاعد والتي كان لمثلها من السوابق ما ساهم في تشويه واختلال الاقتصاد وسوق العمل الكويتي، كما يجب على الفور توجيه الاقتراحات في مجلس الأمة والحكومة لإصلاح التعليم لكي يستجيب لمتطلبات سوق العمل وتحقيق التنافسية والاهتمام بالتدريب والعمل الحرفي والمهني، وتوفير الأراضي للشباب الراغبين في العمل الحر، وتوفيرها أيضا للشركات والصناعات المتوسطة والكبيرة والنفطية، وتوفيرها كذلك للمؤسسات التعليمية والطبية الخاصة، وضبط العمل في الحكومة لكي لا يكون العمل الحكومي ملجأً للترهل والغياب وعدم الإنتاج.

وأهم من هذا كله يجب أن تكون الحكومة قدوة حسنة في الحفاظ على المال العام، ومحاسبة المقصرين، وتطبيق تقارير ديوان المحاسبة وطرح المشروعات الجديدة، بحيث تقود المجلس، فلا يجوز أن ينحصر دورها في الوقوف ضد المشروعات الشعبوية فقط والتي إذا تم إقرارها فستكون كلفة إصلاحها مستقبلاً أكثر بكثير من الانزعاج والتبرم الذي نسمعه في خليجنا الواحد اليوم.

آخر الكلام:

فقدت عائلتنا قبل ثلاثة أيّام أخي الكبير "بدر"، رحمه الله، الذي كان نعم الأخ داعما ومعينا ومحبوبا من أهله وأصدقائه ورواد ديوانيته منذ أيام فريج الزهاميل في منطقة شرق في الأربعينيات والخمسينيات.

نسأل الله أن يرحمه ويغفر له ويسكنه الفردوس الأعلى ويلهم أبناءه الصبر والاحتساب.

back to top