مجلس التعاون الخليجي.. إنجازات كبرى في شتى المجالات تحقق تطلعات أبنائه

نشر في 04-12-2017 | 12:49
آخر تحديث 04-12-2017 | 12:49
No Image Caption
شهدت مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وعلى مدى 36 عاماً من إنشائه إنجازات كبرى في شتى المجالات والميادين انعكست على المواطن الخليجي وحققت تطلعاته على كل الأصعدة الاقتصادية والسياسية والعسكرية والأمنية وعلى الساحتين الإقليمية والدولية.

واستطاع المجلس من خلال هذه الإنجازات أن يمثل إطاراً قوياً للأمن الجماعي وسياجاً لحماية مكتسبات دوله والتصدي للأخطار التي تعترضها وأصبح يؤدي دوراً مؤثراً في إدارة الأزمات التي تشهدها المنطقة.

ففي 25 مايو عام 1981 اتفقت إرادة أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون الست في اجتماعهم الذي عقد في العاصمة الإماراتية أبوظبي إلى صيغة توافقية للتعاون بينهم وكان من أهم أهدافها تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين شعوب دول المجلس في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها.

وجاءت المنطلقات واضحة في ديباجة النظام الأساسي للمجلس التي شددت على ما يربط بين الدول الست من علاقات خاصة وسمات مشتركة وأنظمة متشابهة أساسها العقيدة الإسلامية والإيمان بالمصير المشترك ووحدة الهدف وأن التعاون فيما بينها إنما يخدم الأهداف السامية للأمة العربية والنظام الأساسي للمجلس.

وانطلاقا من هذه الأهداف النبيلة استطاعت دول المجلس تحقيق العديد من الإنجازات خلال مسيرتها الطويلة في العديد من مجالات التعاون المشترك.

سياسياً

ففي مجال السياسة الخارجية أسهم التجانس بين دول مجلس التعاون في تبني مواقف موحدة تجاه القضايا السياسية ترتكز على مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام سيادة كل دولة على أراضيها ومواردها واعتماد مبدأ الحوار السلمي وسيلة لفض المنازعات الأمر الذي أعطى مجلس التعاون قدراً كبيراً من المصداقية كمنظمة دولية فاعلة في هذه المنطقة الحيوية للعالم بأسره.

ولعل من أبرز إنجازات مجلس التعاون الخليجي في مجال السياسة الخارجية المشاركة في إنهاء الحرب العراقية الإيرانية وتحرير دولة الكويت ودعم وحدة واستقرار وسيادة العراق ومساندة قضية الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة ودعم القضية الفلسطينية ودعم وحدة واستقرار اليمن إلى جانب الاهتمام بالوضع في لبنان والأزمة السورية والشأن الصومالي ودعم الشعب الليبي وتطلعاته وإدانة اضطهاد الأقليات المسلمة في ميانمار.

وبدا هذا التجانس في المواقف القوية التي اتخذها مجلس التعاون الخليجي في الدفاع عن مصالح أعضائه وفي مواجهة المخاطر المشتركة التي تواجه دول المجلس وتجلى ذلك بوضوح في توحيد القرار الخليجي السريع بقطع العلاقات وتجميدها مع إيران في يناير 2016 رداً على الاعتداءات الإيرانية المتكررة أو الانخراط في عمليتي «عاصفة الحزم» و«إعادة الأمل» في مارس عام 2015 لردع التمدد الحوثي المدعوم من طهران وقطع الطريق أمام الأعمال التخريبية التي يقوم بها ما يسمى «حزب الله» اللبناني.

عسكرياً

وفي مجال العمل العسكري المشترك كان الاجتماع الأول لرؤساء أركان القوات المسلحة بدول مجلس التعاون الذي عقد في العاصمة السعودية الرياض عام 1981 هو بداية لبحث مجالات التعاون العسكري بين دول المجلس إذ تم خلال ثلاثة عقود إقرار العديد من الدراسات والأنظمة والاستراتيجيات التي شملت العديد من سبل العمل العسكري المشترك.

ففي نوفمبر 1982، وخلال الدورة الثالثة للمجلس الأعلى لدول مجلس التعاون تمت الموافقة على إنشاء قوة درع الجزيرة بحجم خمسة آلاف رجل من دول المجلس وفي ديسمبر 2005 جرى توسيع حجم القوة ونوعية تسليحه لتشمل فرقة مشاة آلية بكامل عتادها ومدفعيتها وعناصر الدعم القتالي.

ولعل إقرار دول مجلس التعاون اتفاقية الدفاع الخليجي المشترك خلال قمة المنامة في ديسمبر عام 2000 يعد خطوة استراتيجية في مسيرة التعاون العسكري الخليجي إذ مهدت هذه الاتفاقية لظهور هياكل التعاون العسكري الكبرى كوضع الرؤية الدفاعية الموحدة والقيادة العسكرية الموحدة والدرع الصاروخي الخليجي وردم الفجوة القائمة على مستوى القدرات بين دول المجلس بإنشاء قوة مشتركة خليجية للتدخل السريع.

وتدعو الاتفاقية إلى تعزيز التعاون الأمني بين دول المجلس وإلى ترسيخ الثقة بقوات دفاع درع الجزيرة واستكمالها لتصبح في مقدمة القوى التي تدافع عن أمن دول الخليج وتلزم الدول الأعضاء بالدفاع عن أي دولة منها تتعرض لتهديد أو خطر خارجي.

ومثلت هذه الاتفاقية ضرورة حيوية لتفعيل أمن الخليج واعتماده على الذات فقد دعت إلى تعزيز التعاون الأمني بين دول المجلس وترسيخ الثقة بقوات دفاع «درع الجزيرة» واستكمالها لتصبح في مقدمة القوى التي تدافع عن أمن دول المجلس.

وتقدمت الكويت في بداية شهر فبراير 2003 بطلب إلى وزراء دفاع دول مجلس التعاون الخليجي لنشر وحدات من قوات «درع الجزيرة» على أراضيها تحسبا لأي تداعيات قد تترتب على توجيه الولايات المتحدة ضربة محتملة ضد العراق.

وترددت أنباء آنذاك عن نشر حوالي ثمانية آلاف مقاتل من قوات «درع الجزيرة» المجهزة بجميع أنواع الأسلحة من دبابات ومدفعية وحاملات جنود متطورة شاركت المملكة العربية السعودية بحوالي 3300 جندي من حجمها قبل بدء الحرب في الأراضي الكويتية بخلاف نشر طائرات مقاتلة في أراضي باقي دول المجلس جاهزة للمشاركة الفورية في حال طلبها من القيادة العسكرية الكويتية.

كما أكدت دول المجلس دعمها الكامل لمملكة البحرين سياسياً واقتصادياً وأمنياً ودفاعياً جراء الأحداث التي مرت بها خلال شهري فبراير ومارس عام 2011 من منطلق المحافظة على الأمن الجماعي المتكامل.

وبسبب الأحداث المؤسفة التي شهدتها مملكة البحرين فقد طلبت المملكة كدولة عضو في مجلس التعاون تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك واستجابت دول المجلس لذلك بإرسال قوات «درع الجزيرة» في شهر مارس 2011 والتي كان لها دور كبير في التصدي لمحاولات الفوضى والتخريب وعودة أجواء الأمن والاستقرار.

وجاءت «عاصفة الحزم» في مارس 2015 لتشكل تحولاً في التعامل الخليجي مع التهديدات الخارجية يقوم على التدخل الحاسم لمواجهتها إذ إن تقاعس دول المجلس عن خروقات الحوثيين وعدم التزامهم بتنفيذ المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني كان ينذر بتداعيات خطرة على أمن دول المجلس.

ثم جاءت عملية «إعادة الأمل» بعد ذلك لتخفيف معاناة الشعب اليمني والمساهمة في إعادة الأمن والاستقرار الشامل إلى الدولة اليمنية والبدء في إعادة البناء والإعمار.

أمنياً

وعلى صعيد التعاون الأمني فقد شكل اجتماع وزراء الداخلية لدول المجلس في الرياض فبراير 1982 بداية انطلاق التنسيق والتعاون الأمني بين دول المجلس الذي تمثل في الاستراتيجية الأمنية الشاملة والاتفاقية الأمنية والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب.

وشكل فضلاً عن ذلك أيضاً التعاون في مجال الدفاع المدني وفي مواجهة المخاطر النووية والإشعاعية وإنشاء مركز مجلس التعاون لإدارة حالات الطوارئ والتعاون في مكافحة المخدرات والتعاون في مجال التحقيقات والمباحث الجنائية والشرطة الخليجية وفي مجال المرور وحرس الحدود وخفر السواحل وفي مجال المؤسسات العقابية والإصلاحية والعديد من مجالات التعاون الأمني المختلفة الأخرى.

وفي عام 2003 تم اعتماد استراتيجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لمكافحة التطرف المصحوب بالإرهاب.

وفي عام 2004 وقعت الدول الأعضاء اتفاقية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لمكافحة الإرهاب كما تم اعتماد تحديث وتطوير الاستراتيجية الأمنية الشاملة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية 2008.

وعلاوة على ذلك تم اعتماد خطة التدريب المشتركة للعاملين في مجال مكافحة الإرهاب وتوقيع الاتفاقية الأمنية المعدلة في نوفمبر 2012 واتفاقية إنشاء مقر جهاز الشرطة الخليجية في عام 2015 «مقره دولة الإمارات العربية المتحدة».

إعلامياً

أما في مجال التعاون الإعلامي بين دول مجلس التعاون فقد استطاع هذا المجال خلال الأعوام الماضية تحقيق العديد من أهدافه كإنجاز ميثاق الشرف الإعلامي ووضع الاستراتيجية الإعلامية والتعاون في مجال الإعلام الخارجي والتعاون التلفزيوني والإذاعي والصحفي وفي مجال وكالات الأنباء.

وفي مجال التعاون الاقتصادي فيمثل النظام الأساسي لإنشاء مجلس التعاون المرجعية الأولى نحو تحقيق تكامل اقتصادي بين دول الخليج الست بدءاً من الاتفاقية الاقتصادية الموحدة التي وقعت عام 1981 ومروراً بالاتفاقية الاقتصادية لعام 2001 والاتحاد النقدي والعملة الموحدة والتعاون التجاري والاتحاد الجمركي وجهود إنشاء السوق الخليجية المشتركة وتعزيز المواطنة الاقتصادية.

واهتم المجلس أيضاً بالتعاون في مجال المحاسبة والرقابة المالية كأحد مجالات التعاون الاقتصادي المهمة لاسيما في إطار تنسيق مواقف دول المجلس إمام المنظمات الدولية التي تشترك دواوين المحاسبة بعضويتها كالمنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة «الانتوساي» والمنظمة الاسيوية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة «اسوساي» والمجموعة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة «اربوساي».

ويعتبر التعاون في مجال الزكاة من أبرز الأمثلة على جهود دول المجلس نحو تحقيق التكامل الاقتصادي فيما بينها حيث أقرت لجنة التعاون المالي والاقتصادي في مجلس التعاون خلال اجتماعها السابع والأربعين الذي عقد في 16 مايو 1998 تكوين لجنة من الجهات المختصة بالزكاة والضرائب بدول المجلس الست للبحث في كل ما من شانه تدعيم العمل المشترك في هذا المجال.

وقد خلص فريق العمل المختص إلى عدة توصيات رسمت خارطة طريق للعمل في مجال الزكاة والضرائب لدول المجلس من خلال استعراض تجارب أجهزة الزكاة وتشجيع الدورات التدريبية بين دول المجلس في هذا المجال وطرح برنامج دبلوم الزكاة وجائزة الإبداع للعاملين في أجهزة الزكاة بدول المجلس وإنشاء الموقع الالكتروني للأجهزة المسؤولة عن الزكاة وغيرها من الإنجازات في هذا المجال.

اقتصادياً

وفي مجال التعاون الإقليمي والعلاقات الاقتصادية مع الدول والتجمعات الإقليمية الأخرى فقد أدى مجلس التعاون دوراً فاعلاً في إثراء هذا المجال سواء مع الدول العربية أو الأجنبية إضافة إلى المجموعات والكتل الإقليمية.

وكان من أبرز ذلك التعاون مع اليمن والأردن والمغرب وإثراء الشراكة مع الاتحاد الأوروبي والصين وباكستان والهند وتركيا ودول «الميركسور» ودول رابطة التجارة الحرة الأوروبية «افتا» واليابان وكوريا وسنغافورة وأستراليا ونيوزلندا ورابطة دول جنوب شرق آسيا «أسيان».

وبرز كذلك التعاون القانوني والقضائي إذ عملت دول المجلس على التقريب بين أنظمتها وقوانينها وصولاً إلى توحيدها كما عملت على تحقيق المزيد من التقارب والصلات بينها في المجالات التشريعية والقضائية وإعداد مشروعات الأنظمة «القوانين» الموحدة وتعزيز التنسيق فيما بين الأجهزة العدلية والقضائية وتوحيد أنواعها ودرجاتها وإجراءاتها.

ومن أهم الإنجازات المتحققة خلال الفترة الماضية من العمل الخليجي المشترك في الجانب القانوني والقضائي إبرام العديد من الاتفاقيات القضائية والوثائق القانونية وعمل ندوات متخصصة في المجالات العدلية والقضائية كما كان هناك زيارات لوفود قضائية متبادلة والتعاون في مجال حقوق الإنسان كذلك السعي لحماية النزاهة ومكافحة الفساد.

واشتملت مجالات التعاون والتنسيق بين دول مجلس التعاون الخليجي جوانب عديدة من أبرزها التعاون في مجال الطاقة والتعاون في مجال الكهرباء والماء والتعاون في المجال الصناعي والتعاون في مجال النقل والمواصلات والتعاون في مجال الاتصالات وفي مجال الزراعة وفي مجال التخطيط والإحصاء والتنمية.

كما أن هناك تعاوناً فعالاً ومثمراً بين دول المجلس في مجالات التعليم والتعاون العلمي والتقني وفي مجال العمل والخدمات الاجتماعية إلى جانب التعاون في مجالات الصحة والبيئة والعمل البلدي المشترك والإسكان والشباب والرياضة.

ويبقى الإنسان محور العملية التكاملية الخليجية وهدفها لذلك أقر قادة دول المجلس في قمة الدوحة التي عقدت في ديسمبر 2014 إعلان حقوق الإنسان لمجلس التعاون لدول الخليج العربية انطلاقاً من إيمان عميق بكرامة الإنسان وتأكيداً لاحترام دول المجلس لحقوق الإنسان المكفولة بموجب أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة والقوانين الوطنية المعمول بها والتشريعات والصكوك الدولية.

وتبرز شمولية الأهداف والإنجازات كإحدى سمات العمل الخليجي المشترك التي جعلت من مجلس التعاون كيانا لامس شتى جوانب الحياة في الدول الأعضاء السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والبيئية وغير ذلك وكما أنه لا حدود أفقية للعمل المشترك فإنه لا قيود تحول دون الدفع بالتعاون والتكامل في أي مجال نحو مراحل أكثر تقدماً وعمقاً.

ومع الروابط الكثيرة التي تجمع أبناءه فقد أصبح مطلب الاتحاد الخليجي ملحاً وسط التحديات والأخطار التي تحيط بالمنطقة إذ إن المجلس يعتبر نموذجاً للتجمعات الإقليمية الهادفة إلى تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز أمن ورخاء الأوطان وتقدم ورفاه الشعوب.

back to top