مصر / الصوفيون يتمسكون بإحياء «المولد» رغم «مجزرة الروضة»

• جهات سيادية رفضت مد قبائل سيناء بسلاح ثقيل
• إثيوبيا: مصر أفشلت مفاوضات «النهضة»

نشر في 26-11-2017
آخر تحديث 26-11-2017 | 17:39
بدأت الدولة المصرية، أمس، حشد قواها لمسح أثار مجزرة «مسجد الروضة»، خلال صلاة الجمعة الماضية، في هجوم إرهابي هو الأكبر في تاريخ مصر.
ففي حين رفضت جهات سيادية فكرة تسليح قبائل سيناوية لمواجهة الدواعش، بدا أن المجلس الأعلى للطرق الصوفية يتحدى الإرهاب بالإصرار على إقامة احتفالات «المولد النبوي» نهاية الأسبوع الجاري.
بعد يومين من مجزرة «مسجد الروضة» شمال سيناء، التي أسفرت عن مقتل 305 أشخاص ونحو 150 مصاباً، وتبناها تنظيم «ولاية سيناء» فرع «داعش» المصري، مستهدفا الصوفيين، حاولت الحكومة المصرية لملمة جراحها، والعمل على تجاوز تداعيات الحادث الارهابي، في حين أعلن المجلس الأعلى للطرق الصوفية، تأكيده استمرار الاستعدادات المقررة للاحتفال بالمولد النبوي نهاية الأسبوع الجاري، والتي تشهد عادة تجمعات ضخمة للصوفية في معظم المدن والقرى المصرية.

وقال رئيس المجلس الأعلى للطرق الصوفية عبدالهادي القصبي، في بيان رسمي أمس، إن الاحتفالات بالمولد النبوي قائمة، لافتاً إلى أن الاحتفال سيقام داخل «مسجد الحسين» شرقي القاهرة، الجمعة المقبل، وداخل جميع الساحات الصوفية بجميع المحافظات، في حين أوضح المستشار الإعلامي لمشيخة الطرق الصوفية، أحمد قنديل، أنه تقرر إلغاء الموكب الصوفي الذي كان مقرراً من مسجد سيدي «صالح الجعفري» إلى مسجد الحسين، حداداً على أرواح الشهداء.

وبينما أيد عضو ائتلاف الأغلبية البرلماني «دعم مصر»، إعلان الطرق الصوفية الاحتفال بالمولد، باعتبارها رسالة مهمة ضد الإرهاب، طالب عضو لجنة الدفاع والأمن القومي، النائب محمد عقل، بضرورة إلغاء الاحتفال بالمولد، وقال في تصريحات لـ»الجريدة»: «على الجميع الالتزام بالإجراءات الأمنية التي تفرضها علينا الدولة، أصبح من الضروري إلغاء أية احتفالات هذا الأسبوع على الأقل».

السيسي

الى ذلك، اجتمع الرئيس عبدالفتاح السيسي بالقائم بأعمال رئيس مجلس الوزراء ووزير الإسكان مصطفى مدبولي في مقر الرئاسة المصرية، أمس، وصرح المتحدث باسم الرئاسة بسام راضي، بأن الرئيس تلقى تقريراً من مدبولي حول الحالة الصحية لمصابي الحادث، ووجه السيسي بمواصلة تقديم الحكومة كل أوجه الدعم لأسر الضحايا، كما وجه بالبدء في إعداد خطة تنمية شاملة لمنطقة بئر العبد.

واجتمع مدبولي مع وزراء التضامن والصحة وممثلين عن الجمعيات الأهلية والجهات المعنية لمتابعة الإجراءات العاجلة ومتوسطة المدى، فيما يتعلق بالحادث، وقالت وزيرة التضامن الاجتماعي، غادة والي، إنه تقرر إجراء مجموعة من التيسيرات على أهالي الروضة، منها تسريع استكمال الأوراق الخاصة لصرف التعويضات المالية، والمتمثلة في 200 ألف جنيه لأسرة كل شهيد، و50 ألفاً لكل مصاب.

إجراءات أمنية

من جهتها، وبينما قررت وزارة الداخلية رفع حالة الطوارئ إلى الدرجة «ج»، في جميع المحافظات، وتعزيز الخدمات الأمنية، قال مصدر رفيع المستوى لـ «الجريدة»، إن وفداً من الهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة بدأ زيارة قرية الروضة لإعادة تأهيلها، وترميم المسجد، وأشار إلى أن قوات الأمن بدأت إجراءات تأمين القرية عبر نصب عدة ارتكازات أمنية وإنشاء أكمنة ثابتة لقوات الجيش والشرطة.

وغداة إعلان قبائل سيناء نيتها الثأر المسلح من الإرهابيين، قال مصدر أمني مسؤول لـ «الجريدة»، إن جهات سيادية رفضت بشكل قاطع تسليح القبائل السيناوية تسليحاً ثقيلاً، وأضاف: «تم رفض طلب القبائل، لمنع حدوث حرب أهلية مستقبلاً»، مشدداً على أن القاهرة تقبل بمشاركة أبناء القبائل لقوات الجيش والشرطة في الحرب على الإرهاب، خصوصاً في الشق المعلوماتي.

برلمانياً، وفي حين دعا رئيس مجلس النواب، علي عبدالعال، الأعضاء إلى جلسة عامة طارئة اليوم الاثنين، لمناقشة تداعيات الحادث، قال مصدر برلماني لـ«الجريدة»، إن القرار يأتي استجابة لمذكرات نواب بعقد جلسة طارئة، بما يعني عودتهم من الإجازة التي تنتهي مطلع ديسمبر المقبل، لمناقشة سبل مواجهة الإرهاب تشريعياً.

تراشق «النهضة»

في سياق منفصل، واصلت الحكومة الإثيوبية أمس، تصريحاتها المستفزة ضد مصر، التي أعلنت قبل أسبوعين فشل المفاوضات حول سد النهضة الإثيوبي، الذي يهدد حقوق مصر التاريخية في مياه النيل.

فقد نشرت صحف إثيوبية عدة تصريحات لوزير الري الإثيوبي، سيليشي بقلي، الذي حمَّل في مؤتمر صحافي مصر سبب فشل المفاوضات بشأن التقرير الاستشاري حول السد، نتيجة ما وصفه بمطالبة القاهرة بإضافة موضوعات خارج مرجعية التفاوض المتعلقة بالسد، مشدداً على أن بناء السد مستمر ولن يتعطل لدقيقة واحدة، وأن موقف بلاده من هذا الأمر ثابت باعتباره حقاً أساسياً لها في الاستفادة من مواردها المائية، وأشار إلى أن ما تروج له القاهرة بأن أديس أبابا تحجب عنها معلومات كثيرة حول السد غير صحيح، وأن بلاده أطلعت القاهرة بكل شفافية وصراحة على خطة التخزين الاستراتيجية بحضور لجنة الخبراء الدولية.

وفيما قال مصدر مصري مسؤول لـ «الجريدة» إن الجانب الإثيوبي يكذب، لأن أديس أبابا رفضت توصيات المكتب الاستشاري الفرنسي، بل ورفضت التوقيع على أية وثائق تضمن حقوق مصر في مياه النيل، رفض المتحدث الرسمي باسم وزارة الموارد المائية والري، حسام الإمام، تصريحات وزير الري الإثيوبي، قائلاً لـ «الجريدة»: «مصر لن تقبل المساس بمواردها المائية، وترفض إجراء تعديل على تقرير المكتب الاستشاري بما يضر مصالحها المائية».

في السياق، جدد وزير الري والموارد المائية المصري، محمد عبد العاطي، خلال مشاركته في «المنتدى العربي الرابع للمياه» المنعقد في القاهرة أمس، اتهام أديس أبابا بالتعنت والمماطلة في ملف السد، لافتاً إلى أن التفاوض على «التقرير الاستهلالي» استغرق 8 أشهر، من دون التوصل إلى نتيجة.

بدوره، أعرب الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، عن قلق الجامعة الشديد من مسار المحادثات بين دولتي مصب نهر النيل العربيتين (مصر والسودان) وإثيوبيا، مشدداً على أن الأمن المائي لأكبر دولة عربية من حيث عدد السكان هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، وتابع: «لا نلمس ميلاً إثيوبياً كافياً للتعاون والتنسيق، وما زالت الخطط الإثيوبية لتشغيل السد واستخدام مياهه في الري غامضة ومثيرة للقلق».

back to top