مصر| «داعش» يتبنى «مجزرة الروضة»... وارتفاع أعداد القتلى لـ 305

• قذائف صاروخية وبنادق آلية استخدمت في الهجوم
• «قبائل سيناء» تتوعد بالثأر والبرلمان يعقد جلسة طارئة

نشر في 25-11-2017
آخر تحديث 25-11-2017 | 21:30
تبنى تنظيم "داعش" عملية استهداف مسجد "الروضة" في منطقة بئر العبد غرب مدينة العريش، في حين أعلنت النيابة العامة ارتفاع عدد القتلى في الهجوم إلى 305 قتلى، وأمرت بتخصيص 3 مقابر جماعية لهم، كما كلف الرئيس عبدالفتاح السيسي الجيش بإقامة نصب تذكاري للضحايا.
بعد نحو 24 ساعة من استهداف مسجد الروضة في منطقة بئر العبد غرب مدينة العريش، بهجوم إرهابي دموي، أثناء أداء الضحايا صلاة الجمعة، أمس الأول، تبنى تنظيم ما يعرف بـ"ولاية سيناء"، الفرع المصري لتنظيم "داعش" العملية الإرهابية، التي أسفرت عن مقتل 305 من المصلين، وإصابة نحو 150 آخرين، وفق بيان أصدرته النيابة العامة المصرية أمس.

وقال التنظيم في بيان تناقلته مواقع التواصل: "‏الموحدون هاجموا مسجد ضرار للمشركين الصوفية بقرية الروضة"، وتابع البيان: "سبق لأمير الحسبة بالولاية أن أنذرهم، وقال لهم اعلموا أنكم عندنا مشركون كفار، وأن دماءكم عندنا مهدرة، ونقول لكم إننا لن نسمح بوجود زوايا لكم في ولاية سيناء".

إلى ذلك، تبرأت جماعة "جند الإسلام" الإرهابية – تنظيم يغلب عليه اعتناق أفكار تنظيم القاعدة وأعلن عن وجوده في سيناء منذ أيام، ووصف الدواعش بخوارج البغدادي وأفتى بردة قوات الجيش والشرطة - من الواقعة، واستنكرت العملية في بيان نشرته أمس السبت على مواقع جهادية.

اللافت أن تنظيم ما يعرف بـ"حركة سواعد مصر" الإرهابي، تبرَّأ أيضاً من العملية الإرهابية، وحمل النظام الحاكم مسؤولية العملية، كما دان تنظيم "الإخوان" الإرهابي العملية، وقال إن النظام المصري فشل في حماية المصريين".

وعملية قتل المصلين في مسجد الروضة تعتبر الأعنف منذ ظهور الجماعات الإرهابية في مصر في عقد التسعينيات من القرن الماضي، فيما يعد تنظيم "داعش سيناء" من أنشط أفرع تنظيم "الدولة" وأكثرها دموية في المنطقة، إذ لم يسجل أن تنظيم داعش في العراق وسورية قام بمثل هذه النوعية من الجرائم، فقد تم استهداف مساجد السنة والشيعة على أساس طائفي، لا وفق مرتكزات فكرية لجماعة أصولية.

تكفير العوام

المثير للدهشة أن تنظيم "ولاية سيناء" انتقل إلى مرحلة تكفير عوام الناس، ولم يعد يعذرهم بالجهل، كما كان متبعاً، وبحسب المتبع في تلك الجماعات الإرهابية فإنها لن توسع من الشرائح المستهدفة إلا بعد إعداد عناصر التنظيم فقهياً لتلك المرحلة فضلاً عن أن الانتقال إلى مرحلة أكبر في الاستهداف يعتبر أمراً عاكساً لمدى التضييق على التنظيم من قبل الجيش والشرطة.

كانت مجلة (النبأ) الداعشية، نشرت في عدد سابق تصريحات على لسان رئيس شرطة الحسبة في سيناء، حذر فيها الجماعة الصوفية من الاستمرار في القيام بشعائرهم، وقام التنظيم في أعقاب تلك التصريحات بتفجير عدد من الأضرحة الصوفية في سيناء، واستهدف عدداً من شيوخهم، وعلى رأسهم الشيخ الصوفي سليمان حراز.

الباحث المتخصص في الحركات الأصولية، مصطفى أمين، قال لـ"الجريدة": "داعش وصلت إلى المرحلة الثالثة من الاستهداف وهم المدنيون من عموم المسلمين"، موضحاً أن الشريحة الأولى المستهدفة لدى الدواعش الجيش والشرطة والثانية الأقباط، والثالثة والأخيرة هي استهداف عموم المسلمين".

وكيل لجنة الفتوى السابق عبدالحميد الأطرش، أوضح لـ"الجريدة" أن تبرير الدواعش لجريمتهم بأن مسجد الروضة من مساجد الضرار فضيحة تعكس مدى زيفهم العقدي والشرعي، مشيراً إلى أن التنظيم الإرهابي يساوي بين مساجد الله الحالية ومسجد الضرار، الذي أنشئ في المدينة في عهد النبي قبل هجرته، من قبل أحد المنافقين، وأشارت إليه الآيتان (107 – 108) من سورة (التوبة)، ومع ذلك، فإن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) لم يأمر بهدم المسجد أو قتل من بناه، وأضاف الأطرش: "تلك الجماعات دأبت على لَي النصوص والاعتماد على وقائع تاريخية لها سياقها وإسقاطها على الواقع، من دون فهم أو نظر".

في غضون ذلك، وبينما قالت النيابة العامة، إن أعداد قتلى عملية مسجد الروضة الإرهابية ارتفعت إلى 305 قتلى، أوضحت، في بيان لها أمس، أن المعاينة المبدئية للحادث أظهرت استهداف المسلحين بقذائف صاروخية من طراز (RBJ)، وبنادق آلية (رشاشات)، الأمر الذي كان سبباً رئيسياً في ارتفاع حالات الوفيات.

إلى ذلك، وجه الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي قرر إرجاء رحلته إلى سلطنة عمان، التي كان مقرراً لها اليوم الأحد ـ بإنشاء نصب تذكاري للضحايا، فيما لفتت مصادر أهلية إلى أن قبيلة السواركة – إحدى القبائل السيناوية التي تدعم عمليات الجيش ضد العناصر الإرهابية وتتمركز في منطقة الروضة - هي أكبر المتضررين من الحادث، وقالت المصادر: "نحو 70 في المئة من أفراد القبيلة لقوا حتفهم".

في الأثناء، أصدر ائتلاف "اتحاد قبائل سيناء" – تكتل يضم عدداً من القبائل السيناوية – بياناً مساء أمس الأول الجمعة، دان الحادث بأشد العبارات قوة، وتوعد بالثأر للقتلى المدنيين، وقال: "لا عزاء إلا بعد الثأر من التكفيريين، ولن تنام أعين الرجال، حتى تطهير كامل أرضنا من آخر تكفيري يمشي بأقدامه على أرض سيناء الطاهرة، سنقتلكم ولن تأخذنا بكم رأفة وأنتم جربتم ذلك وشاهدتموه بأعينكم".

أمنياً، بدأت القوات المسلحة استهداف بؤر إرهابية في شمال سيناء من المتورطين في العملية، إذ قامت مقاتلات من الجيش بتنفيذ ضربات على مدار الليلة الماضية بناء على معلومات استخبارية بالتعاون مع عدد من أبناء سيناء، وقال الناطق العسكري، العقيد تامر الرفاعي: "مستمرون في ملاحقة المتورطين في العملية".

وكان الرئيس السيسي تقدم بالعزاء إلى الشعب المصري بضحايا الحادث، وتمنى الشفاء للمصابين، وقال في كلمة متلفزة له، أمس الأول:"الحادث الأليم الغادر الخسيس الجبان، كان يهدف إلى تحطيم معنوياتنا وتدمير صلابتنا والتشكيك في قدرتنا"، مؤكداً أن العمل الإرهابي سيزيدنا صلابة وقوة وإرادة في أن نقف ونتصدى ونحارب.

إلى ذلك، قرر رئيس مجلس النواب علي عبدالعال دعوة المجلس للانعقاد في جلسة عامة طارئة غداً لمناقشة تداعيات أحداث المجزرة، وقال وكيل مجلس النواب محمود الشريف: "الجلسة الطارئة ستشهد إعلان تأييد البرلمان للدولة وأجهزتها الأمنية في خطواتها نحو القضاء على الإرهاب والتأكيد على أن أمن مصر يسبق كل شيء".

شهود عيان يروون لـ الجريدة• تفاصيل العملية الإرهابية

أجمع شهود العيان الناجون من مذبحة "مسجد الروضة"، أن العملية الإرهابية استمرت نحو 30 دقيقة، مؤكدين أنهم فوجئوا بإطلاق أعيرة نارية داخل المسجد بكثافة، فتدافع المصلون وقال ناج يُدعى محمد سلمي: "سمعتُ أصوات انفجارات خارج المسجد، لكن لا أستطيع أن أجزم كيف حدثت".

ناج آخر يُدعى سلامة زايد، قال لـ"الجريدة": "نحو 10 مسلحين بعضهم ملثم دخلوا المسجد، وكانوا يقتلون بلا تمييز، ويرتدون زياً مموهاً يشبه الملابس العسكرية، وبعضهم كان يحمل الراية السوداء الخاصة بتنظيم ولاية سيناء".

شهود آخرون تابعوا المجزرة من خارج المسجد، قالوا إن مسلحين عددهم نحو 30 عنصراً وصلوا إلى محيط المسجد بسيارات نصف نقل ودراجات نارية، وألقى بعضهم قنابل يدوية خارج المسجد، لمنع المصلين من الفرار، فيما دخل مسلحون ببنادق كلاشينكوف وأطلقوا النار.

وفيما يعزز فرضية استهداف المسجد على أساس ديني، في ضوء أن المسجد يرتاده متصوفة ينتمون إلى الطريقة "الجريرية"، قال أحد سكان القرية يُدعى محمد أبوسلمان، إن بعض المسلحين كانوا يرددون: "لن نترك غير الموحدين في المنطقة"، وقال آخر: "هذا جزاء إهانة المجاهدين".

شهود آخرون قالوا إن عملية إطلاق الرصاص تكرَّرت داخل المسجد، حيث كان الإرهابيون يخرجون ويعودون للإجهاز على من كانت تصدر عنه حركة، كما لاحق المسلحون من نجح في الفرار من المسجد، وأضرموا النيران في بعض السيارات.

وقال أحمد زيتون إن الإرهابيين فتشوا ملابس الشهداء لأخذ أي أموال بحوزتهم، وكان بينهم شخص قوي البنية وغير ملثم وشعره طويل ولحيته كثة، وكانت مهمته توجيه العناصر المسلحة لقتل جميع المصلين.

وفي مشهد مؤثر، توافدت نساء القرية على "مسجد الروضة" بعد انتهاء المذبحة، للبحث بين الجثث عن ذويهن من الرجال والأطفال، بينما انتقلت "الجريدة" إلى محافظة الإسماعيلية وفي مشفى الإسماعيلية العام التقينا سيدة تدعى عنايات، قضى نجلها في الحادث ونجا طفلها الصغير (9 سنوات)، بينما تتواجد في المشفى برفقة زوجها المصاب بخمس رصاصات، حيث قالت: "مات ابني الكبير وزوجي حالته خطيرة".

back to top