القوة والغرور يقودان للدكتاتورية

نشر في 26-11-2017
آخر تحديث 26-11-2017 | 00:15
الدكتاتور لا يرى الفشل ولا يتوقع المخاطر الطبيعية أو المخططة التي تستفيد من اندفاعه، ويصم أذنيه عن أصوات الناصحين، بل إنه يتهمهم بالجبن، وقد يتهمهم بالخيانة، فهم في رأيه لا يرون ما يراه، ولا يملكون شجاعته.
 علي البداح لو تتبعنا كيف تحول قادة وزعماء من الطيبة وتحقيق آمال شعوبهم إلى الدكتاتورية فإننا سنرى تشابها في هذا التطور.

يبدأ هؤلاء بقوة شعبية ومحبة وإيمان بحق الشعب في حياة حرة كريمة؛ ويستطيعون بقدرة عجيبة جمع الناس لتحقيق أهداف كبيرة في تنمية البلد أو في تقوية عزيمة الناس في صد الأعداء عن البلد.

يبدأ القائد في رفع مستوى الاستعداد عند الناس ويركز على بناء القوة العسكرية، وتقوم أبواب النفاق والذين يسعون إلى الاستفادة من هذه القيادة بتفخيم ذاته، ويقوم هو في تطوير إعلامه الذي يساهم بدوره في تفخيم الذات حتى يصدق في النهاية أنه البطل الأسطوري الذي تتمناه البلاد وتتطلع إليه شعوب المنطقة.

ولا نغفل هنا عن دور القوى المعادية التي ترى ما يحدث فتساهم في عملية النفخ، وفي استنباط الوسائل لزيادة جرعة الشجاعة والبطولة لدفعه للوقوع وهدم كل ما بناه.

يتحول البطل إلى دكتاتور لا يرى إلا نفسه، ولا يستمع لنصيحة ولا يقدر المخاطر، فيقدم على اتخاذ خطوات خطيرة تزداد وتتعاظم لو نجح فيها في بداية مشواره. القوة العسكرية والإعلامية وتوهم أن الناس كلها معه، والانتصارات التي حققها كلها تزيد من سطوته وخطواته غير المحسوبة.

الدكتاتور لا يرى الفشل ولا يتوقع المخاطر الطبيعية أو المخططة التي تستفيد من اندفاعه، ويصم أذنيه عن أصوات الناصحين، بل إنه يتهمهم بالجبن، وقد يتهمهم بالخيانة، فهم في رأيه لا يرون ما يراه، ولا يملكون شجاعته، ويزيد من رفع مستوى تسليحه وحشد القوات وتحويل معظم ميزانية بلده للسلاح ولحاملي السلاح تحت رايته. ومع هذا فإنه خوفا من ضياع هذه السلطة التي نماها يخشى من غدر من حوله، فيخلق أجهزة أمنية لمراقبة الناس وأجهزة لمراقبة الأجهزة التي تراقب الناس وأجهزة للحماية الشخصية.

القوى المعادية خصوصا تلك الدول التي همها تمزيق المجتمات تزين له عمليات التوسع، وربما احتلال بلاد مجاورة، كما حدث مع صدام حسين، لكنها في كل الأوقات تنتظر اللحظة المناسبة للتخلص منه، مستغلة هذه الروح الدكتاتورية.

القوة المفرطة وأساليب الرقابة تحول محبة الشعب إلى خوف وترقب ويزداد دعاء الناس في قلبهم عليه وتمني سقوطه. وتأتي اللحظة التي ينتظرها الجميع حين يندفع الدكتاتور في عمليات يطن أنه أحسن تقديرها، فإذا هو يقع في شر أعماله وإذا هو خاسر لكل شيء دون أن يجد أي تعاطف من شعبه.

القوة لعنة بيد أي حاكم، وأبواق المنافقين وتطبيلهم تزيده سوءا حتى إذا سقط، فإذا هو وحيد ينتظر القصاص من شعبه وكل من وصله أذاه. فهل نتعظ؟

للأسف إن كل دكتاتور يظن أنه أذكى ممن سبقه من الطغاة، وأنه لن يقع مثلهم، لكنه لا يدري أنه قد وصل إلى مرحلة مرفوضة ليس عند شعبه فقط، ولكن من كل جيرانه. كل دكتاتور سلك الطريق نفسه ولم يستفد من التاريخ.

back to top