استراتيجية ترامب بعد الاستدارة

ثانياً، تشدد سياسة منطقة المحيط الهادئ الهندية الحرة والمنفتحة على النمو الاقتصادي إنما من خلال التجارة والاستثمار الثنائيين لا الاتفاقات التجارية المتعددة الأطراف، ولا شك أن التزام إدارة أوباما بنظام العالم الحر كان أقوى وأقل ريبة مقارنةً بإدارة ترامب. لكن اللافت للنظر مدى تركيز ترامب على تعزيز النمو الاقتصادي، فقد أُعلن عن استثمارات وصفقات تجارية كبرى في كل من المحطات الثلاث في زيارة ترامب لشمال شرق آسيا، منها سلة من الصفقات مع الصين تصل قيمتها إلى 250 مليار دولار. يسعى ترامب إلى تعميق التعاون مع الصين قدر المستطاع، علماً أنها الشريك التجاري الأميركي الأكبر في المنطقة، إلا أن الرئيس الأميركي ليس مستعداً للتخلي عن مصالح الولايات المتحدة القديمة لمجرد أن تشي جين بينغ يعتقد أن الصين يجب أن تحتل مركز المسرح العالمي نحو منتصف هذا القرن. ينصب تركيز واشنطن راهناً على ضمان احتفاظ الولايات المتحدة بقدرتها التنافسية في وجه منافسة الصين الشرسة والمتنامية، وقد شهدنا إصرار الصين الجديد بوضوح خلال مؤتمر الحزب التاسع عشر، حين اكتسب تشي صلاحية واسعة مع التركيز المتجدد على رأسمالية الدولة والتأكيد على مركزية الحزب الشيوعي والسيادة الصينية.باختصار، يقوم جوهر سياسة إدارة ترامب على صون القوة الأميركية والاستثمار في تلك القدرات التي تتيح للولايات المتحدة الاحتفاظ بتأثير استراتيجي عبر منطقة المحيط الهادئ الهندية الشاسعة والكثيرة التفاعلات، وشكّلت زيارة الرئيس الأولى إلى آسيا فرصة ممتازة لتحديد الإطار العام لهذه السياسة، وفي الأشهر والسنوات المقبلة سترسم إدارة ترامب سياسات أكثر دقة على هذا الإطار الأساسي. ورغم الميل الأكبر إلى التجارة الثنائية لا المتعددة الأطراف، تفوق الاستمرارية في موقف الولايات المتحدة في آسيا أي تغيير قد نلاحظه، ولا شك أن هذا تطور مرحّب به.* باتريك م. كرونين* «ذي ديبلومات»