التشكيلي جورج فكري: «روح الحب» ترفرف على أعمالي

• المرأة بطلة لوحاته

نشر في 08-11-2017
آخر تحديث 08-11-2017 | 00:02
جسد الفنان التشكيلي الدكتور جورج فكري، الأستاذ في كلية التربية الفنية بجامعة حلوان، معاني الحب بمختلف صورها في معرضه «روح الحب»، الذي يستضيفه غاليري «الفن» بالقاهرة راهناً.
ومن خلال عملية بحث وقراءة تحليلية، رصد مكونات السلوك الفردي والجمعي للعلاقات الإنسانية والحياتية في لوحات فنية بالغة الجمال تعكس حالة من الدفء والنوستالجيا لأزمنة ولت.
«روح الحب» عنوان معرضك الجديد، كيف قدمت معادلاً بصرياً له؟

تناولت قيمة الحب ومعناه، إذ وجدت في هذه «الثيمة» قماشة كبيرة يمكن أن أستخرج منها نتاجاً فنياً مهماً، ومن خلال البحث في قيمة الحب وجدت أسماء كثيرة كالمحبة، والهوى، والشغف، والهيام، والعشق. أعتبر الحب أساس الحياة ولا معنى لها من دونه. ليس ضرورياً أن يكون الحب بين رجل وامرأة أو أب لابنه أو بنت لأمها أو الحب في العلاقات الإنسانية والاجتماعية. ثمة مستويات في التعبير أقف من خلالها عند مشهد واحد لكل مناسبة أو حدث. أستدعي الذاكرة والعلاقات الإنسانية ومستويات التعبير وأشكال العلاقات الإنسانية في المجتمع المصري، لأطرح السؤال هل ثمة حب حقيقي يجمع بين الأفراد؟

نوستالوجيا

يعكس المعرض حالة دفء ونوستالوجيا كونك رسمت بعض الإيقونات التي تجسد العادات القديمة كـ«لمبة الجاز» و«الطبلية» و«الحنطور» وغيرها، فهل هو نوع من التآسي على حالة افتقدناها؟

لا أعتبر أن هذه الأشياء قديمة سواء «لمبة» أو «وابور الجاز»، أو «الطبلية» أو «الحنطور» أو «الفرن البلدي». ما زالت هذه الإيقونات موجودة في الريف. جلسة الحميمية في عمل «الخبيز» فيها نوع من الحب مثلاً. كذلك استخدمت مفردات المدينة في بعض الأعمال، فجسدت مشهد الحنطور في المدينة بمشهد رأسي من منظور عين الطائر، وثمة لوحات حالمة كتلك السيدة التي تنتظر فارس أحلامها، ونجد في التفاف الناس حول القمر نوعاً من الحلم، فالاحتفال هنا ميتافيزيقي أو خيالي.

هل جاء استخدامك الألوان الدافئة ليتناسب مع طبيعة الموضوع أم هي ألوانك المعتادة؟

قيمة اللون هنا تأتي من المعنى أو الموضوع. استخدام الساخن مع البارد، أو الأحمر مع الأزرق، والبرتقالي مع الأخضر، يعطيني نوعاً من التباين. ولكن في الوقت نفسه، أحاول استلهام قيمة المشهد نفسه. أحشد مخزوناً ثقافياً بصرياً من مشهد التراث الإنساني، كذلك أستدعي أيقونات القرنين الرابع والسادس الميلادي، خصوصاً في وضع الأشخاص أو العناصر البصرية. أحب التكوين الإيقاعي واستخدام مساقط المصورين في المنمنمات الفارسية، لا سيما في مقامات الحريري، حيث التصوير لبعض معالم الحياة الاجتماعية على أشكال مسطحة لا تخضع للتجسيم، تتوزع في أركان اللوحة وفق أهمية كل مشهد، وتكون الوجوه غالباً في وضع أمامي، تحديداً في القرن الثالث عشر، وهو عصر النهضة بالنسبة إلى الفن العربي. وفي الفن الفرعوني لا أنسى أن ثمة أعياداً للحب واحتفاء به في الفن المصري القديم وهو ما تؤكده آلهة الحب إيزيس والبرديات التي كانت تحكي قصص العشاق. ذلك كله أتاح لي عمل محاولات في تكوين المشهد. طبعاً، أعود إلى بعض المحاولات الحداثية لتكوين المشهد من خلال أدواتي واستخدم الورق أو التوال أو الخشب والكولاج في الورق القديم أو الملون، كذلك استخدم الغراء الأبيض والباستيل والأكريليك. ذلك كله للتجريب على السطح التصويري، والتجريب مهم كونه يساعدني على الانطلاق في المشهد الجديد في الحب.

تجارب سابقة

يشهد المعرض حالة من الاختزال والتلخيص عن تجاربك السابقة.

نعم، هو اختزال بمعنى أنه تبسيط السينوغرافيا أو خلفيات عناصر المشهد. لا أحاول إدراج تفاصيل دقيقة كما في المعارض السابقة، ولكن في التكوين هنا نوع من الصفاء وتلخيص تفاصيل الخلفية في معظم المشاهد، كما في لوحة الحنطور أو الرجل وزوجته خلال صيد السمك. ثمة اختزالية في سينوغرافيا المشهد كي أجعل للشخوص الأمامية حضوراً إنسانياً.

ما الذي أضافه إليك العمل الأكاديمي في تجاربك الفنية؟

يعطيني العمل الأكاديمي مداخل متعددة للولوج إلى الإطار، سواء فلسفية أو ثقافية بالنسبة إلى قراءة الاتجاهات الجديدة، كذلك قراءة تحليلية لما يشهده الفن كأساليب واتجاهات ومدارس. يتطلب المنهج الأكاديمي نوعاً من الاستمرارية في إطار متجدد، ويسمح برؤية الاتجاهات المعاصرة لتقديم الجديد.

نلحظ تأكيدك قيمة العمل من خلال بعض المهن، فما تعليقك؟

سعيت إلى تأكيد قيمة العمل في مهن مثل الخياطة وصيد السمك وغيرهما من المهن المهمة في حياتنا، فالحب هنا قيمته تتنوع بين الونس والعمل الجماعي، أي حب الحياة.

هل تنتمي إلى مدرسة أو اتجاه فني معين؟

لا أنتمي إلى أية مدرسة لأسباب عدة من بينها أني أقدِّم فكرة ما، يمكن تمثيلها بطريقة أداء مختلف قد يكون التجريد أو التعبير، وربما يميل إلى الواقعية مع تبسيط الأشكال. إن حصرت نفسي في تحديد التصنيف أحدّ من حريتي في تحديد الفكرة لأن مفهومها يأتي من خلال شكل من أشكال فلسفة ما تتطلّب أدوات معينة للتعبير. وإن حكمت نفسي في صيغة معينة بأسلوب أو طريقة الأداء في الخامة سيجعل التجريب في العمل الفني في المشهد مصطنعاً.

بين الحسي والواقعي

قبل البدء في معرضه الجديد «روح الحب»، قرأ الفنان جورج فكري وبحث موضوعات عدة تمس المتغير الاجتماعي المصري، ويقول: «حاولت أن أكون ضمن سياق هؤلاء الأفراد، وأبحث عن الموضوعات الراهنة أو التي اندثرت. هل الحب كان موجوداً قديما أكثر أم حالياً؟ هل حب المهنة بنفس قوته اليوم؟».

ويستدعي جورج فكري دوماً الانطباعات الفلسفية والتأملية المعنية بمظاهر الصورة في تعبيره عن البهجة كفعل إنساني واجتماعي وثقافي مواكب لمكونات الشخصية المصرية، ومحور ركيزي في الأداء العام لمكونات السلوك الاجتماعي، فتكون الصورة بمنزلة البحث الجديد عن رسائل تقوم بالأثر المرئي في تكوين المشهد كالرموز والعلامات، والأشياء التي لها أثر للذكريات أو مرتبطة بتفاصيل الحياة اليومية.

وأضاف فكري: «أعمالي تأخذ أشكالاً متعددة بين الحسي والواقعي والهندسي المجرد وبين الظاهري والباطني، ومن خلال الجمع بين النوستجاليا السردية والعاطفية القائمة على ذكريات الماضي، واستدعاء الحاضر بمتغيراته الجديدة مثل العلاقات الإنسانية والاجتماعية، أو الطقوس والعادات والتقاليد».

قيمة اللون واستخدامه تأتي من المعنى أو الموضوع المراد معالجته
back to top