خاص

التشكيلية شيرين البارودي: الحكاية «بطل» لوحاتي

• «طريق الحرير» قدّم تجربتها الفنية إلى الآخر

نشر في 03-11-2017
آخر تحديث 03-11-2017 | 00:00
شاركت الفنانة التشكيلية د. شيرين البارودي في بينالي الصين الدولي الذي أقيم أول أكتوبر الفائت من خلال عمل فني من «وحي طريق الحرير». كان البحث والتجريب دعامتيها الأساسيتين في هذه المشاركة إذ تؤكد أنهما أساس فنون ما بعد الحداثة. كذلك قدّمت أخيراً معرضاً بعنوان «حكايات» حوّلت خلاله جغرافيا الحكايات إلى نصوص بصرية مرئية. «الجريدة» التقتها في الحوار التالي على هامش مشاركتها الدولية ومعرضها الآخير.
شاركت أخيراً في بينالي الصين بعمل فني من «وحي طريق الحرير». حدثينا عن هذه المشاركة.

بحثت عن «طريق الحرير» وتاريخه ليكون العمل محملاً بمرجعية بحثية، وقرأت عن دور هذا الطريق في النقل التجاري من الصين إلى البلدان الأخرى، من ثم نقل الثقافة والرموز الحضارية، إذ كان لطريق الحرير التأثير الكبير في ازدهار حضارات قديمة كثيرة كالصينية والمصرية والهندية والرومانية، وهي بدورها أرست القواعد للعصر الحديث. من هنا، جاءت فكرة عملي المشارك بالبينالي من وحي طريق الحرير (الماضي والآن).

العمل عبارة عن جزأين بمساحة 140×140 سم، يشتمل على امرأتين يمتلئ جسداهما برموز ذات دلالة عن ثيمة البينالي، تحكي لنا تاريخ هذا الطريق لتعرف الأجيال به.

يعكس هذا العمل عملية بحث قمت بها، فإلى أي مدى تؤمنين بضرورة البحث والتجريب في الفنون المعاصرة؟

البحث والتجريب أحد أهم العوامل التي اعتمدت عليها فنون ما بعد الحداثة (الفن المعاصر) لاكتشاف ما وراء المعرفة من مفاهيم وكسر المألوف والابتعاد عنه، فأصبح الفن خليطاً من الفنون والفلسفة والعلوم.

شاركت في فعاليات فنية بالنمسا وألمانيا. ما وجه استفادتك كفنانة شابة من المشاركات الدولية؟

شاركت في فعاليات دولية عدة بالنمسا وبلجيكا وفنلندا وفرنسا وإيطاليا وأوروبا الشرقية وسلوفاكيا وقبرص وتركيا وهولندا، وتجلت الاستفادة في عرض تجربتي الفنية للآخر، والتعرف إلى ثفافات مختلفة، وزيارة المتاحف العالمية وتأمل الأعمال الفنية المؤثرة في تاريخ الفن الحديث والمعاصر، وتبادل الخبرات مع فنانين آخرين. ذلك كله يوسع مدارك الفنان من خلال المناقشات الفنية الجادة.

من خلال عرضك داخل مصر وخارجها أنت وزميلات لك، هل ترين أن الفنانة التشكيلية وجدت ملمحاً فنياً إبداعياً خاصاً بها يميزها عن الرجل؟

أستبعد فكرة التمييز النوعي، فالفنان إنسان رجلاً كان أو امرأة، كوني أراهما وجهي الوجود الإنساني، ويشكل تشابه أنماطهما حقلاً دلالياً، ويكشف رغبة مشتركة تستند إلى وعي الذات والآخر من خلال التقبل والاعتراف بينهما، ونرى غالباً أعمالاً فنية لا نستطيع تحديد فنانيها، إلا بالبصمة الفنية أو قراءة اسم الفنان، ذلك أن قوة الانفعال والتعبير لا تقتصر على الفنانين الرجال، كذلك الطابع الزخرفي ليس للفنانات فحسب. عموماً، الفن رسالة محملة بعواطف وانفعالات يعبِّر بها صاحبها عن ذاته والمجتمع بهدف التواصل الإنساني والثقافي.

حكايات

استضاف غاليري «العاصمة» في القاهرة معرضك الأخير «حكايات». ما هي أبرز ملامح هذه الحكايات؟

معرض «حكايات» مستمد من جغرافيا الحكايات، وتدوين الأخيرة، وتحويلها إلى نص وقراءة بصرية في إطار مرجعية جغرافية مرتبطة بأسلوبي الذي يعتمد على الاحتفاظ بأجزاء من السطح التصويري (التوال) بدرجة الأبيض كجزء أساسي من التكوين، وتوثيق حكايات لأبطال من نسج خيالي، ومحاولة البحث في العلاقات الإنسانية المتشابكة بين البشر وعالمهم الجغرافي برؤية إبداعية مبتكرة.

يبدو واضحاً شغفك البصري بالحكاية. ما السبب؟

تعتمد بداية الحكاية أو «الحدوتة» على التشويق والإثارة والحبكة الدرامية، إذ تتكّون عناصر الحكاية من شخصيات رئيسة وثانوية وأحداث تعتمد على الفكرة المراد طرحها والزمان والمكان. وتسهم الحكاية كمفهوم في تشكيل روح مبتكرة، وتزيد من الثروة المعرفية في العقل البشري وأحد الوسائل المهمة لإيصال فكرة معينة بطريقة غير مباشرة. من ذلك كله كانت الاستفادة لتكوين حكايات مفاهيمية تصويرية.

في غالبية اللوحات البطل امرأة تعتمد على مشاركة المتلقّي في استقبال الحكاية، وتحميلها جزءاً من مخزونه البصري والثقافي والمعرفي، وصياغة الحكاية برؤية فنية تحتكم إلى كشف دلالات تعبيرية تحتويها إشارات رمزية ومفردات وأشكال آدمية وحيوانية ونباتية.

لماذا تعمّدت أخفاء بعض ملامح شخصيات حكاياتك؟

إخفاء ملامح الشخوص أو إظهارها ليس الهدف الذي أسعى إليه في مجمل أعمالي، إذ يغلب الطابع التجريدي التعبيري عليها. الرسوم محملة بالتحريف، وتصبح الألوان والخطوط وبناء الأشكال أدوات لتحقيق الأثر الانفعالي المراد التعبير عنه، فضلاً عن الاهتمام أكثر بالجانب التعبيري وتبسيط الأسلوب الأدائي، وإعادة قراءة الواقع من دون محاكاته. أشير هنا إلى أن العمل الفني وسيط يعبر الفنان من خلاله عن نفسه ومشاعره وأفكاره، فتنتقل الشحنة الداخلية لديه إلى الخارج كي يتأثر الآخر ويشاركه فيها.

ألوان دافئة

هل سيطرة الألوان الدافئة على لوحات المعرض ترتبط بجوهر الحكاية؟

تغلب على أعمالي الألوان الصريحة المباشرة، ويرجع ذلك إلى مدى استفادتي من المذهب الوحشي الذي دعا إلى أن يكون الفن أكثر بساطة وأقل تعقيداً، والتعبير بأقل ما يمكن من وسائل الأداء واستخدام الألوان الأولية والثانوية الذاهبة والتحديدات الخارجية القوية، وحرارة الألوان المعبرة وقوتها، فضلاً عن أن استخدام الألوان بشكل مخالف للواقع برؤية ميتافيزيقية يزيد من التأمل والتشويق لدى المتلقّي.

ما الفرق بين معرض «حكايات» وبين تجاربك الفنية الفردية أو الجماعية؟

تندرج أعمالي السابقة تحت مسمى التجريد وعدم الاهتمام بتوضيح الجانب الإنساني والاكتفاء بالإيماءات والإشارات الرمزيه له، أما الآن فبدأ التعبير عن العنصر الإنساني في قالب بنائي تعبيري، وتلخيص وتبسيط في الأداء برؤية مفاهيمية معاصرة.

رؤية شبابية

ترى شيرين البارودي أن المشهد التشكيلي الراهن يحمل فرصاً واعدة لأصحاب التجربة الجادة والموهبة الحقيقية، وتقول إن وسائل التكنولوجيا المتنوعة أتاحت للشباب التعرف إلى أهم الفعاليات الدولية والمحلية وسهولة التواصل وتبادل الخبرات. تتابع: «جيل الشباب حاضر في الساحة التشكيلية لنشاطه وإيمانه بأهمية ما يقدمه، فضلاً عن توافر قاعات العرض الخاصة أو التابعة لوزارة الثقافة».

شاركت البارودي في الحركة التشكيلية المصرية منذ تخرجها، وحصلت على جوائز عدة من صالون الشباب وصالون الجنوب وبينالي بورسعيد، واختيرت مرات عدة لتمثيل مصر في المهرجانات والمحافل الدولية كنموذج لجيل الشباب، وشاركت أخيراً في بينالي الصين بعمل من «وحي طريق الحرير»، وفي الاحتفال باليوم العالمي للمرأة في مقر منظمة «اليونسكو» بباريس 2016، بالنمسا وفنلندا وإيرلندا وإيطاليا والهند وسلوفاكيا وبلجيكا وقبرص وتركيا وشيكاغو، وقدّمت معارض كثيرة من بينها «خرائط سهلة»، و{ذاتي والعالم»، و{فيما بين».

بينالي الصين أتاح لي التعرف إلى تجارب تشكيلية مختلفة

يغريني البحث في العلاقات الإنسانية المتشابكة
back to top