سياسة دونالد ترامب الضريبية تهدد التبرعات الخيرية

قلة ثرية تهيمن على تمويل المؤسسات غير الربحية

نشر في 27-10-2017
آخر تحديث 27-10-2017 | 19:45
No Image Caption
ما بين عامي 2000 و 2015 ارتفعت نسبة الأميركيين، الذين يهبون 100 دولار أو أكثر من 57 في المئة إلى 75 في المئة من مجموع المتبرعين. وفي حقيقة الأمر، فإن أولئك الذين يحققون دخلاً يصل إلى 200 ألف دولار أو أكثر يشكلون أكثر من نصف ذلك المجموع، بحسب أحد التقارير.
خلال العقد الماضي حدث تطوران في التوجهات في عالم الإحسان وعمل الخير، بحسب تقارير «كيف تهب أميركا؟» الصادرة عن مجلة «كرونيكل أوف فيلانثروبي»، تمثل التطور الأول في أن كمية الأموال التي يهبها المواطن المؤسسات الخيرية كل سنة نمت بشكل ثابت ووصلت إلى مستويات قياسية، وزادت عام 2016 بنحو 1.4 في المئة لتصل إلى 390 مليار دولار.

وعلى الرغم من ذلك، فإن العدد الاجمالي للأميركيين الذين يساهمون في توفير ذلك المبلغ انخفض بصورة جوهرية من 31 إلى 24 في المئة خلال تلك الفترة نفسها.

هيمنة قلة ثرية على تبرعات الهيئات

أما التطور الثاني فيتمثل في هيمنة قلة من المتبرعين الأثرياء على التبرعات المتاحة لهيئات لا تهدف إلى الربح. وبغية إظهار ذلك قدمت «كرونيكل أوف فيلانثروبي» تحليلاً معمقاً للخصومات على التبرعات الخيرية من مطالبات الضرائب. فما بين عامي 2000 و2015 ارتفعت نسبة الأميركيين، الذين يهبون 100 دولار أو أكثر من 57 في المئة إلى 75 في المئة من مجموع المتبرعين. وفي حقيقة الأمر، فإن أولئك الذين يحققون دخلاً يصل إلى 200 ألف دولار أو أكثر يشكلون أكثر من نصف ذلك المجموع، بحسب أحد التقارير.

ويشكل هذا اتجاهاً خطيراً بالنسبة إلى الهيئات غير الربحية الصغيرة والمتوسطة، التي قد تعتمد على الكثير من المواطنين العاديين الذين يتبرعون بمبالغ أصغر لتعويض تمويلهم. وتقول ستاسي بالمر، وهي رئيس تحرير كرونيكل اوف فيلانثروبي «إن الحصيلة المهمة حقاً هي حقيقة أن متبرعي ذوي الدخل المتوسط يقدمون مبالغ أقل وأقل تدريجياً، ومن الواضح أن مجموع الأموال، التي تجمع في أميركا كانت تنمو لكنها ليست إشارة جيدة بالنسبة إلى الهيئات غير الربحية عندما تقتطع من الطبقة المتوسطة». ويتمثل أحد الأسباب المهمة في أن الناس، الذين يحققون رواتب مختلفة ربما يفكرون بشكل مختلف إزاء المشاكل الاجتماعية التي تتطلب الاهتمام.

وفي أغلب الأحيان يفكر متبرعو الطبقة المتوسطة في تحسين مستوى المجتمع فيما يتجاهل المتبرعون الأثرياء حقاً أين سوف يكون لأموالهم التأثير الأكبر.

وتضيف بالمر: «أنا أظن أن أحد الأشياء التي تقلق الناس هو أن من السهل بالنسبة إلى مجموعة وطنية شهيرة اجتذاب تبرعات. وليس من الأسهل بالنسبة إلى مجموعات تقوم بعمل هائل ومهم في المجتمعات أن تحصل على الموارد التي تحتاج إليها».

وربما تتفاقم المشكلة عما قريب، لأن العديد من الهيئات غير الربحية قد تتأثر باقتراح إدارة دونالد ترامب خفض البرامج الاجتماعية وخطة إصلاح الضرائب، التي قد تقلص الحوافز بالنسبة إلى الكثيرين من المتبرعين لتقديم هبات، لأنهم لن يتمكنوا من المطالبة بالإعفاءات الضريبية ذاتها. ويمضي بالمر إلى القول: «هذه الاتجاهات، التي نشهدها يمكن أن تصبح مصدر قلق أكبر وأكثر أهمية بالنسبة إلى الهيئات غير الربحية، وقد نشهد مزيداً من الفوارق بين الأغنياء والمعدمين». وبغية معرفة أي مدن بشكل خاص قد تنهي التغير القصير بمرور الوقت قامت مجلة «كرونيكل» بفصل أماكن كل متبرع إلى أربع فئات دخل وخلقت مقياساً اضافياً يدعى «فرصة العطاء» وصفته بأنه «الدولارات التي كان يمكن جمعها لو أن معدلات المنح في كل واحدة من فئات الدخل الأربع طابقت المتوسط الوطني». (وتختلف تلك المعدلات بحسب الفئة وحجم المدينة ولكن بالنسبة الى الناس الذين يحققون أكثر من 200 ألف دولار على سبيل المثال، فإنها تصل إلى 3.3 في المئة». وتبدو 36 من أصل أكبر 100 مدينة في البلاد مستقرة في الهبات – ما يعني أنها الأماكن، التي لا يزال كل شخص يقدم تبرعاته عند المعدل الوطني عبر مستويات الدخل المتعددة. وتشمل تلك القائمة أتلانتا وكولورادو سبرينغز وويشيتا وكنساس. وبين الثلثين الآخرين يكلف ذلك النقص في المشاركة المجتمع الشيء الكثير. وفي مانشستر ونيو هامبشاير، على سبيل المثال، منح المتبرعون 150 مليون دولار بشكل إجمالي، لكن ذلك أقل بنسبة 97 في المئة في مدن من الحجم نفسه.

وإذا شعر مزيد من المانحين بحماسة، فإن المبلغ سوف يصل إلى 296 مليون دولار. وقد أعطت جينسفيل وويسكونسنيتيز 47 مليون دولار ولكن يتوقع أن تنمو قاعدتهما بنسبة 77 في المئة أخرى. وقدم سكان أتلانتك سيتي ونيو جيرسي 88 مليون دولار بدرجة أقل بنسبة 61 في المئة.

وبالنسبة إلى المجموعات غير الربحية، وضعت مجلة كرونيكل خريطة تفاعلية لمدن أميركا الحضرية تظهر المدن المقصرة وضمن أي مجموعة دخل- ويمكن أن تستخدم على شكل خريطة طريق من أجل التركيز على جهود إضافية لجمع المال.

وفي «ديترويت» حيث يتراجع أداء مانحي الدخل الأعلى بصورة طفيفة يتسم تحسن نصيبهم بقدر قليل بتأثير كبير، بحسب درو ليندسي، وهو أحد محققي «كرونيكل». وفي وورسيستر في ماساشوستس، حيث الناس من كل فئات الدخل

لا يقدمون هبات كافية، فإن إعادة الوتيرة الطبيعية إلى ذلك السلوك سوف يفضي إلى جمع أموال للعمل الخيري بصورة كبيرة. ويقول ليندسي «إذا دفعت كل تلك المجموعات إلى المستوى العادي، فإن الأموال، التي سوف تذهب إلى عمل الخير في المدينة ستتضاعف».

وتقول بالمر «إن البعض من هذا يتعلق بالقرارات، التي يتخذها الناس وخاصة بعد الركود. وهم يشعرون بقلق على وظائفهم ومساكنهم وكل تلك الأشياء التي نعرف أنها تقلق الناس، ولكن بطريقة ما هل تسعى المجموعات غير الربحية نفسها وراء الأثرياء المانحين ؟» وفي غضون ذلك، يثير التقرير سؤالاً أكثر أهمية بالنسبة إلى هذا القطاع وهو»من أين سوف يأتي الدعم إلى كل الهيئات غير الربحية في أميركا؟ ويتعين على تلك الهيئات التفكير في هذا، لأنها قد تكون جزءاً من المشكلة».

back to top