طهران تهدد وتتوعد... وواشنطن لا تتوقع حرباً شاملة

ترامب مصمم على سحب الثقة من الاتفاق النووي وتصنيف «الحرس الثوري» إرهابياً

نشر في 10-10-2017
آخر تحديث 10-10-2017 | 21:55
مناورات لقوات أمن إيرانية للتدرب على مواجهة انتحاريين في طهران أمس     (ارنا)
مناورات لقوات أمن إيرانية للتدرب على مواجهة انتحاريين في طهران أمس (ارنا)
لم ينتظر الحرس الإيراني قراراً مرتقباً للبيت الأبيض يتوقع أن يعاقبه، وهدد بتلقين الولايات المتحدة «درساً جديداً»، في حين أجمعت التسريبات والأخبار على أن الرئيس دونالد ترامب يستعد لسحب الثقة من الاتفاق النووي مع طهران وتفويض «الكونغرس» صياغة اتفاق جديد لضمان التعامل مع سلوك إيران بشأن التسلح والمنطقة.
بعد تهديدات "الحرس الثوري"، والحكومة الإيرانية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتحذيره من تصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية، هددت القوات المسلحة الإيرانية، أمس، الولايات المتحدة بتلقينها "دروساً جديدة".

وقال المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية مسعود جزائري: "يبدو أن إدارة ترامب لا تفهم سوى كلمات الوعيد، وتحتاج إلى بعض الصدمات لتفهم المعنى الجديد للقوة في العالم"، مضيفاً أن الوقت حان لتلقين الأميركيين دروساً جديدة.

جاء ذلك، فيما جدد وزير الخارجية محمد جواد ظريف تأكيد بلاده أنها سترد على واشنطن إذا ارتكبت ما وصفه بـ"الخطأ الاستراتيجي"، وقال ظريف إن ادراج الفصيل الإيراني على قوائم الإرهاب الأميركية سيجعلها "أكثر عزلة" وسيزيد كراهية الإيرانيين لها.

بدوره، شدد المتحدث باسم الحكومة الإيرانية محمد باقر نوبخت، على أن "حرس الثورة يدافع عن الشعب الإيراني ويقضي على الإرهاب"، مطالباً العالم أن "يدرك بواقعية قدر الحرس في محاربة الإرهاب". وتابع: "لا شك في أن واشنطن قد وضعت نفسها في خانة الإرهاب إذا اعتبرت حرس إيران تنظيماً ارهابياً".

ولايتي

في موازاة ذلك، أكد مستشار المرشد الإيراني علي أكبر ولايتي، أن الحرس "ركيزة المقاومة في إيران والمنطقة".

ووصف ولايتي، عقب استقباله السفير السوري في طهران، الحرس الثوري بـ"ممثل الشعب الإيراني في محور المقاومة بوجه أطماع الأميركان والصهاينة في المنطقة".

وجاءت تلك التطورات في وقت تشير معظم التسريبات، كذلك التحليلات، التي تحفل بها وسائل الاعلام الأميركية، إلى أن الأسبوع الحالي قد يشهد تطوراً سياسياً بارزاً يتعلق بمستقبل، ليس ملف إيران النووي وحده، بل وملفها السياسي والعسكري في المنطقة بمجمله.

وتربط تلك التسريبات ما بين التوتر، الذي بلغ مستوى غير مسبوق في علاقة ترامب بالعديد من قيادات الحزب الجمهوري، والخيارات السياسية التي سيتخذها غداً بالنسبة إلى ملف طهران.

فالمواجهة المندلعة بين ترامب ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتور الجمهوري بوب كوركر، تشير إلى أن التسوية، التي أدت إلى احتفاظ وزير الخارجية ريكس تيلرسون بمنصبه، تخللها نقاش عسير وانتقادات بقي أغلبها سرياً فيما تولى كوركر نفسه كشف بعضها، حين تحدث علناً عن الجهود التي يبذلها الثلاثي وزير الدفاع جيم ماتيس، وكبير موظفي البيت الأبيض جون كيلي، وتيلرسون، لضمان استمرار سير عربة إدارة الرئيس.

وتجمع معظم التسريبات على أن الثلاثي قد انهى صياغة الوجهة السياسية، التي ستعتمدها إدارة ترامب بالنسبة إلى ملف إيران النووي، عبر "سحب الثقة" منه من دون إلغائه والطلب من "الكونغرس" أن يتولى خلال 60 يوماً صياغة مقترحات جديدة ليست مرتبطة بالملف النووي نفسه، إنما تتعلق بسياسات طهران في المنطقة وبرنامجها الصاروخي، تمهيداً لافتتاح مسار سياسي يدعو المجتمع الدولي إلى بدء نقاش اتفاق جديد معها يغطي المرحلة، التي ستلي انتهاء مفاعيل الاتفاق الحالي عام 2025.

ضغط طهران

في هذا الإطار، قالت أوساط سياسية أميركية، إن المسار المقترح سيفتتح بإدراج "الحرس الثوري" على لائحة الارهاب، مما سيشكل أولى الخطوات العملية في مسار الضغوط، التي ستتعرض لها إيران في المرحلة المقبلة.

أهمية الخطوة تكمن في أن الدور الذي يلعبه الحرس الإيراني في التركيبة العسكرية والسياسية والاقتصادية، هائل جداً بالنظر إلى تشابك مؤسساته الأمنية والعسكرية وخصوصا الاقتصادية مع معظم المشاريع الضخمة والاستثمارات العاملة في إيران.

تقول تلك الأوساط، أن النيل من "الحرس الثوري" وتعريضه لحصار مالي وتجاري، يعكس التسوية، التي شارك في صياغتها العديد من مسؤولي الإدارة الحالية، الموحدين حول ضرورة معاقبة إيران، والمتوافقين مع القيادات العسكرية في "البنتاغون"، الذين يرفضون اعتماد خيار عسكري لإجبارها على تقديم تنازلات من طرف واحد بالنسبة إلى ملف تدخلتها بدول المنطقة.

وبحسب أوساط عسكرية، فإن خطوة تصنيف الحرس منظمة إرهابية سيكون لها تداعيات في المنطقة. لكن التعامل معها متاح ويمكن تحمل كلفتها، من دون الحاجة إلى مواجهة عسكرية شاملة مع طهران.

كما أن تداعيات القرار ستضع القوى الدولية والإقليمية أمام خيار المفاضلة بين إجبار إيران على الدخول في مسار سياسي يؤدي في نهاية المطاف إلى اتفاق جديد معها، أو مواجهة الولايات المتحدة وخياراتها في هذا المجال.

وتقول تلك الأوساط إن الاتفاق النووي مع إيران احتاج إلى 13 عاماً كي ينجز، لكن الاتفاق الجديد قد لا يأخذ بالضرورة عقداً إضافياً، في ظل المتغيرات التي يشهدها العالم.

فلا أحد يرغب في مقاطعة اقتصاد أميركي يتجاوز ناتجه السنوي 19 تريليون دولار، واستبداله باقتصاد إيراني لا يتجاوز ناتجه 400 مليار دولار.

حرب عالمية جديدة

وترى الأوساط أن تحذيرات السيناتور كوركر من أن سياسات ترامب قد تقود الولايات المتحدة إلى حرب عالمية جديدة فيما لو استمر على نهجه، تعكس في الواقع الضغوط التي تمارسها كل من المؤسستين السياسية والعسكرية الأميركية للقبول بمسار أقل كلفة، رغم اتفاقهم جميعاً على أن سياسات إيران لا يمكن القبول باستمرارها على هذا الشكل.

ويتمحور جوهر التسوية، التي أبقت تيلرسون في منصبه، في خيارات، يرجح أن تنسحب على ملف كوريا الشمالية، إذ يتحدث بعض "صقور" الجمهوريين عن فرصة سانحة لفتح مسار مبكر من الآن مع إيران، ومواصلة الضغوط عليها، وعدم تكرار تجربة الاتفاق النووي الذي وقع مع بيونغ يانغ في تسعينيات القرن الماضي، الذي سرعان ما نقضته الدولة الشيوعية قبيل انتهاء مفاعيله في بداية الألفية الثانية.

من ناحيتها، اعتبرت ​وزارة الخارجية الروسية​، أن "خطط ​واشنطن​ لإعلان الحرس الثوري تنظيماً إرهابياً تعتبر "خطوة نحو إلغاء الاتفاق النووي"، مؤكدة أن "​موسكو​ لا تعتبر ​الحرس الثوري الإيراني​ منظمة إرهابية".

إدراج الحرس الثوري على قوائم الإرهاب سيجعل أميركا «أكثر عزلة» وسيزيد كراهية الإيرانيين لها ظريف
back to top