صورة لها تاريخ : «العقيلي» محمد الأحمد الروّاف... وُلد ببريدة عام 1849 و«إنكليزيته» بلكنة أميركية وتوفي عام 1931

نشر في 15-09-2017
آخر تحديث 15-09-2017 | 00:05
قافلة من قوافل العقيلات تعبر جسر بغداد عام 1346هـ
قافلة من قوافل العقيلات تعبر جسر بغداد عام 1346هـ
تحدثنا في المقال السابق عن قصيدة الخلوج، ودورها في توحيد العقيلات، وتوجههم إلى القصيم، لمواجهة اتباع بن رشيد.

واليوم نبدأ حديثنا عن بعض وجهاء "عقيل" ومشاهيرهم، ونبدأ بالعقيلي محمد بن أحمد الرواف. يقول عنه أ. عبداللطيف الوهيبي في الجزء الثالث من كتابه "العقيلات مآثر الآباء والأجداد على ظهور الإبل والجياد"، إنه من أمراء العقيلات، الذين اتصفوا بالحنكة وقوة الشخصية والكرم والعقل الواسع والرؤية البعيدة والحزم في العمل، وكانت قبائل الجزيرة العربية والعراق والشام يسمونه "أمير عقيل".

وُلد رحمه الله في مدينة بريدة عام 1265هـ/1849م، وشارك في معركة المليداء، التي وقعت عام 1308هـ / 1891م بين أهالي القصيم، بقيادة آل سليم وآل حسن المهنا، وبين الأمير محمد بن عبدالله بن رشيد، وتوفي في بريدة عام 1350هـ / 1931م. وكانت قافلته كبيرة، إذ يسير معه ما بين 500 و1000 رأس من الإبل في الرحلة الواحدة، ويقوم على الحراسة فيها وخدمتها ما بين 100 و250 رجلاً. وقد عُرف بحياديته ونزاهته في القضاء بين المتخاصمين أثناء الرحلة، وحدث مرة أن أحد المتخاصمين لم يعجبه حُكم محمد الرواف، فاشتكى عند قاضي بريدة بعد العودة، وعندما علم القاضي أن محمد الرواف قضى بحكم في هذه القضية أثبت نفس الحكم، وقال: "هو تاجر معروف بأمانته، ورضيتم أن يحكم بينكم في المسائل التجارية، وهو أعلم مني بها".

وورد في أكثر من مصدر، أن محمد الرواف سافر إلى أميركا، وعاش في شيكاغو، وتزوج من أميركية، وأنجب منها، وذلك قبل عقود طويلة من الزمان.

يقول وليم شكسبير، ثاني معتمد بريطاني في الكويت (توفي عام 1915)، في كتابه (حديث الصحراء)، إنه التقى محمد الرواف وهو في طريقه من بريدة إلى الجوف، ووصفه بأنه "رجل متقدم في السن يتحدث الإنكليزية بلكنة أميركية، وعمل سائساً للجمال في إسطبل (أو مزرعة) في شيكاغو قبل ذلك بخمسة عشر عاماً".

أما الكولونيل لجمن، الذي كتب عن رحلاته ومهماته في الجزيرة العربية عام 1909-1910، فأشار في كتابه إلى أنه قابل في العراق أحد تجار العقيلات، وعلم منه أنه سافر إلى فرنسا وإنكلترا وأميركا، ورغم أنه لم يذكر اسمه، لكن من المتوقع أن يكون العقيلي محمد الرواف، الذي يمكن القول إنه أول عربي من الجزيرة يصل إلى أوروبا وأميركا، بغرض تجارة الإبل.

وقد سعيت للحصول على معلومات أكثر عنه وعن ذريته فلم استطع، وربما تتاح لي فرصة في المستقبل لتوثيق رحلته إلى أميركا وحياته فيها.

هذا شيء بسيط من تاريخ العقيلات، الذين كان لهم أثر بالغ وواضح في تاريخ الجزيرة العربية والعراق والشام، خصوصا ما يتعلق بالتجارة والانفتاح على العالم. وإن شاء الله في المقال المقبل نتحدث عن شخصيات أخرى من مشاهير العقيلات.

back to top