هل تفجّر الشيشان روسيا؟

نشر في 13-09-2017
آخر تحديث 13-09-2017 | 00:08
تطلب تعهد فلاديمير بوتين ببسط الاستقرار في القوقاز بعد حربين داميتين عقد صفقة فاوستية مع الشيطان الشيشاني، ربما اعتقد بوتين أنه نجح في إقفال صندوق باندورا من الأصولية الإسلامية بتعاونه مع قديروف، ولكن بدلاً من ذلك، حوّل روسيا نفسها إلى مكان سريع الاشتعال.
 أميركان إنتريست دفعت عمليات قتل المسلمين الجماعية في ميانمار الرئيس الشيشاني المستبد رمضان قديروف إلى اتخاذ موقف سياسي نادر مخالف للكرملين، كاشفاً عن خلل في ميزان القوى داخل روسيا برئاسة فلاديمير بوتين. لم يثر اضطهاد ميانمار لأقلية الروهينغا استياء مواطني باكستان وإندونيسيا فحسب، بل قاد أيضاً إلى مجموعة غير مسبوقة من الاحتجاجات من مسلمي روسيا نفسها، وخصوصاً في موسكو.

تظاهر أكثر من خمسمئة مسلم أمام سفارة ميانمار في وسط موسكو يوم الأحد، وفي اليوم التالي نزل عشرات الآلاف إلى وسط العاصمة الشيشانية غروزني، حيث أدلى قديروف بخطاب مليء بالتهديدات المبطنة الموجهة إلى موسكو. وتزعم السلطات الشيشانية أن نحو مليون مواطن ساروا في الشوارع.

تحدثتُ قبل أيام إلى مواطن شيشاني سابق عاش حربَي الشيشان كلتيهما، وخسر عدداً من أطرافه، واضطر نتيجة لذلك إلى الهرب إلى روسيا بسبب معارضته نظام قديروف. صحيح أن لقديروف تاريخاً طويلاً من استغلال الكراهية الكامنة داخل المجتمع المسلم في روسيا بنجاح، إلا أنه أكّد لي أن هذه خطوة جديدة.

صحيح أن رمضان قديروف عزز سلطته على مر السنين وجعل بوتين يعتمد عليه سياسياً بفرضه النظام في الشيشان، إلا أنه لطالما اضطر هو بدوره إلى الاعتماد على بوتين، إذ بنى قديروف جيشاً خاصاً مذهلاً في الشيشان موّله في جزء منه من خلال الضرائب القاسية الإضافية التي فرضها على مواطني الشيشان، لكن هذه الأخيرة تلقت أيضاً إعانات بمليارات الروبلات من الكرملين كل سنة، وساعد هذا المال قديروف على العيش كملك والدفع لرجاله بوفرة، ومع أن كثيرين في الكرملين يتقبلون هذا الترتيب إلا أنهم ليسوا مسرورين به.

يشير واقع أن قديروف قرر الإعراب عن سلطته بهذا الوضوح إلى أنه يشعر بضرورة ذلك، ومن الاحتمالات المطروحة قلقه من ألا يترشح بوتين للرئاسة السنة المقبلة، فبقاء بوتين في السلطة ستّ سنوات إضافية يعني مواصلة الحاكم الشيشاني المستبد حياته المترفة ست سنوات أخرى لأن الإعانات من الموازنة الفدرالية الروسية ستستمر.

تشمل الاحتمالات الأخرى محاولة قديروف التأثير في قرار بوتين بشأن مَن قد يخلفه كرئيس لروسيا، سواء بعد سنة أو ست سنوات. شهدنا أخيراً بعض الإشارات إلى سعي بوتين إلى تبديل التفاعل مع الرئيس الشيشاني الذي يتمتع بحمايته. ففي شهر يوليو الماضي عيّن بوتين فيكتور زولوتوف، رئيس الحرس الوطني، لقيادة جهود محاربة الإرهاب في شمال القوقاز، علماً أن هذا القرار اعتُبر الخطوة الأولى نحو وضع جيش قديروف الخاص تحت نوع من السيطرة الفدرالية. قبل هذه الخطوة كانت الوحدة الثانية في جهاز الأمن الفدرالي الروسي (فرقة محاربة الإرهاب في هذا الجهاز) الوكالة الفدرالية الوحيدة التي تستطيع دخول الشيشان كما تشاء، بما أن كل وكالات تطبيق القانون الروسية الأخرى خطيت بصلاحيات محدودة للعمل في "مملكة" قديروف، ولكن مهما كان المنطق الأساسي وراء مناورة قديروف بشأن موسكو، فإنها تنبئ بعدم استقرار خطير بالنسبة إلى روسيا. تطلب تعهد فلاديمير بوتين السابق ببسط الاستقرار في القوقاز بعد حربين داميتين عقد صفقة فاوستية مع الشيطان الشيشاني، ربما اعتقد بوتين أنه نجح في إقفال صندوق باندورا من الأصولية الإسلامية بتعاونه مع قديروف، ولكن بدلاً من ذلك، حوّل روسيا نفسها إلى مكان سريع الاشتعال.

* كارينا أورلوفا

* «أميركان إنترست»

back to top