انتقاد الدكتاتورية الفنزويلية والتزام الصمت بشأن كوبا رياء سياسي

نشر في 06-09-2017
آخر تحديث 06-09-2017 | 00:08
 ميامي هيرالد تستحق دول أميركا اللاتينية الثناء على تنديدها أخيراً بما وصفته صراحةً «دكتاتورية فنزويلا»، لكنني أواجه صعوبة في فهم لمَ لا تقدِم هذه الدول على خطوة مماثلة مع «دكتاتورية كوبا»؟ فعندما تتعلق المسألة بكوبا، يبدو أنها كلها تغض النظر.

كنت أفكر في هذه المسألة عندما قرأتُ عن انتخابات أعضاء المجلس البلدي في كوبا في 22 أكتوبر، إذ ستشكّل هذه الانتخابات الخطوة الأولى في سلسلة خطى مضبوطة بدقة ستقود إلى انتخاب جمعية وطنية ستحدد بدورها خلف الرئيس الكوبي راؤول كاسترو (86 سنة)، الذي تعهد بالتنحي عن السلطة في شهر فبراير عام 2018.

من المتوقع الآن أن يسلّم راؤول الرئاسة إما إلى ابنه الكولونيل أليخاندرو كاسترو إسبن أو إلى نائب الرئيس الأول الحالي في كوبا ميغيل دياز كانيل، وفي كلتا الحالتين سيعود القرار إلى كاسترو، ولن يكون للشعب الكوبي أي دور فيه.

لا يُسمح إلا لمؤيدي الحكومة بالمشاركة في الانتخابات الكوبية، وبخلاف فنزويلا التي لا تزال تتقبّل حفاظاً على المظاهر أحزاباً معارِضة، مع أنها تلقي غالباً كبار قادتها في السجن، تعتمد كوبا نظام الحزب الواحد الذي يعتبر الحزب الشيوعي وحده شرعياً.

لمَ لا نشهد أي غضب عالمي حيال الدكتاتورية الكوبية؟ لا شك أن ترامب أحدث ضجة كبيرة أخيراً في ميامي، مدعياً أمام جمهور من المنفيين الكوبيين أنه «يلغي» سعي إدارة أوباما لتطبيع الروابط مع كوبا.

في المقابل، تشهد التجارة والسياحة الأميركيتان إلى كوبا ازدهاراً في عهد ترامب، فخلال الأشهر الستة الأولى من هذه السنة، سيّرت خطوط الطيران 8287 رحلة بين الولايات المتحدة وكوبا بزيادة بلغت %180 مقارنةً بالفترة عينها من السنة الماضية، وفق تقرير صدر عن «مجموعة هافانا الاستشارية»، كذلك يفوق عدد الرحلات هذا بنحو ثلاثة أضعاف ما شهده عام 2014، حين بدأ أوباما بتطبيع الروابط الأميركية مع كوبا.

بالإضافة إلى ذلك، بلغت قيمة الواردات الكوبية من السلع الزراعية الأميركية في شهر يونيو 24.6 مليون دولار، بعدما كانت 9.5 ملايين في يونيو عام 2015، حسبما يوضح جون س. كافوليتش، رئيس مجلس التجارة والاقتصاد الكوبي-الأميركي.

على نحو مماثل، وقّع الاتحاد الأوروبي، الذي صعّد أخيراً انتقاده فنزويلا، اتفاقاً مع كوبا في شهر ديسمبر بهدف تطبيع العلاقات، كذلك قلما تتفوه دول في أميركا اللاتينية، مثل المكسيك، والبرازيل، والأرجنتين، بانتقاد مبطّن للدكتاتورية الكوبية.

يعتبر معظم الدبلوماسيين الأجانب أن كوبا يجب ألا تُقارن بفنزويلا لأن هذه الجزيرة كانت طوال عقود ضحية الحصار التجاري الأميركي، مما جعل المجتمع الدولي مهيأً مسبقاً لرفض أي انتقاد لنظامها، وبخلاف فنزويلا لم توقّع كوبا الميثاق الديمقراطي لمنظمة الدول الأميركية، الذي يُلزم الدول الأعضاء باحترام حكم القانون.

في لقاء خاص مصوَّر مع أعضاء الحزب الشيوعي، صبّ نائب الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل جام غضبه على المنشقين الكوبيين، ووسائل الإعلام المستقلة، وسفارات عدد من الدول الأوروبية، متهماً إياهم بدعمهم جميعاً مشاريع تخريبية.

لكن هذه مجرد أعذار واهية، ومع أنني لا أؤيد بشدة حصار الولايات المتحدة لكوبا إلا أنني لا أعتقد أيضاً أن من الصواب التزام الصمت حيال نظام دكتاتوري عمره ستة عقود تقريباً يُعتبر مسؤولاً عن مقتل أو اختفاء أكثر من 6100 شخص، وفق مشروع الأرشيف الكوبي.

ليس صائباً بالتأكيد التزام الصمت عندما ترتفع عمليات اعتقال المنشقين التعسفية في كوبا من 2074 في عام 2010 إلى 9940 في عام 2016، وفق لجنة حقوق الإنسان والمصالحة الوطنية الكوبية المستقلة في هافانا.

ولا شك أن التنديد بفنزويلا خطوة صائبة، لكن تجاهل انتهاكات كوبا خطأ أخلاقي ورياء سياسي.

* أندريس أوبنهيمر

* «ميامي هيرالد»

back to top