المظاهر الصوفية تجتاح سوق الدراما المصرية

تبرز في الشارات والموسيقى التصويرية والمضمون

نشر في 01-09-2017
آخر تحديث 01-09-2017 | 00:00
باتت الموسيقى الصوفية وكلماتها في بعض الأغاني محطة جديدة لما يمكن تسميته «موجات» التصوّف التي سيطرت على أعمال إبداعية وأحداث فنية عدة أخيراً في مصر، ورسمت مسارها بشكل رئيس وجذبت جمهورها، حتى أصبحت الأجواء الصوفية من الرهانات الرابحة في المسلسلات لأن الأخيرة بذلك تخرج عن القالب المُعتاد.
شهد رمضان الماضي سيطرة الموسيقى الصوفية على مسلسلات عدة من بينها «طاقة النور» لهاني سلامة، حيث اعتمد الموسيقار عمرو إسماعيل على الصوفية وصاغ منها الموسيقى الخاصة بالأحداث وأضاف إليها المُخرج رؤوف عبد العزيز اختياره المُنشد علي الهلباوي لغناء شارتي البداية والنهاية بعنوان «طرقت باب الرجا».

و«طاقة نور» من بطولة: هاني سلامة، وصلاح عبد الله، وحنان مطاوع، وميس حمدان، ووليد فواز، وإيهاب فهمي، وعايدة رياض، وأشرف عبد الغفور، وصفاء جلال، وهيدي كرم، ومحمد أبو الوفا، وأحمد حلاوة، ونضال نجم، وحمزة العيلي، وجيهان خليل، ومن إخراج رؤوف عبد العزيز.

وكانت بداية سطوع هذا النوع من الموسيقى مع الموسيقار هشام نزيه الذي كرّس هذه الحالة والقالب الصوفي في أعمال عدة على رأسها «السبع وصايا» الذي أنتج عام 2014، واستعان وقتها بقصيدة صوفية لأحد المتصوفين وهو محيي الدين بن عربي، وتروي خلق سيدنا آدم وأكله من الشجرة المحرمة. ولم يكتف الموسيقار المصري بموسيقى المُقدمة والنهاية، بل أدخل في حلقات المسلسل أغاني من قصائد صوفية أخرى تناسب الأحداث، فمن قصائد مولانا جلال الدين الرومي اختار قصيدة عنوانها «فسبحان من أرسى وسبحان من أسرى».

«السبع وصايا» من بطولة: رانيا يوسف، وهنا شحية، وآيتن عامر، ومحمد شاهين، وناهد السباعي، وهيثم أحمد زكي، وصبري فواز، وسوسن بدر، ومن تأليف محمد أمين راضي، وإخراج خالد مرعي.

الاختيار نفسه جاء بشكل أكثر غموضاً في مُسلسل «العهد» الذي قدّمه مؤلفه محمد أمين راضي وأسند موسيقاه للموسيقار هشام نزيه ليأتي بلحن قبطي يعزف في الكنائس في الصلاة، تحديداً في نهاية قداسات السبت والأحد في الصوم الكبير واسمه بالقبطية «أونيشتي إمبستيريون» أي «سر عظيم».

«العهد» من تأليف محمد أمين راضي، وإخراج خالد مرعي، ويشارك في بطولته كل من آسر ياسين، وغادة عادل، وهنا شيحة، وأروى جودة، والأردنية صبا مبارك، وصبري فواز، وأيتن عامر، وكندة علوش، وشيرين رضا.

المضمون

دخل مضمون أعمال درامية عدة في عباءة التصوف، وحصدت نجاحاً كبيراً، وجاء في المقدمة «الخواجة عبد القادر» حيث أبدع يحيى الفخراني بتجسيد الخواجة عبد القادر الذي يميل إلى التصوف، وكان الفنان القدير يقرأ شعر الحلاج، أحد أعمدة الصوفية: «والله ما طلعت شمس ولا غربت، إلا وذكرك مقروناً بأنفاسي»، حتى من دون أن يفهم معاني كلماتها، لكنه ينغرس في حبه للموسيقى التي تميل إلى هذا النوع، وكان العمل دعوة إلى الحب الإلهي.

أنتج «الخواجة عبد القادر» عام 2012 وهو من تأليف عبد الرحيم كمال، وشاركت مع الفخراني في بطولته السورية سلافة معمار.

وفي عام 2015، عُرض «مولانا العاشق» لمصطفى شعبان، الذي يظهر فيه بطل العمل سلطان وهو يتردد على الموالد وأهل الذكر. وقُدمت في المسلسل تجربة الغناء الصوفي التي تمثلت في الشيخ ياسين التهامي الذي ظهر لأول مرة في أعمال درامية يؤدي أشعاراً وأناشيد ومواويل كانت تتماشى مع نسيج العمل وأحداثه.

وشارك في المسلسل إلى جانب مصطفى شعبان كل من محمد لطفي، ومحمد الشقنقيري، فيما تولى التأليف أحمد عبد الفتاح، والإخراج عثمان أبو لبن.

كذلك قدّم خالد الصاوي في «الصعلوك» فكرة الصوفية من خلال الشخصية التي تعتمد على «الرؤى» في المنام واليقظة مع «ولي» ميت يدعى «العدوي»، يخدم الصعلوك مقامه في أحد الأحياء الشعبية منذ سنوات، ويمثِّل مبدأ التصوف أيضاً في ما يخصّ الزهد في الدنيا.

«الصعلوك» من بطولة خالد الصاوي، وميريهان حسين، ونجلاء بدر ورحمة، ومن تأليف محمد الحناوي، وإخراج أحمد عبد الحميد.

رأي النقد

يقول الناقد الفني طارق الشناوي إن الموسيقى الصوفية أو الدراما الصوفية جزء فني لا يمكن تجاهله وتقديمه في الفترات الأخيرة وسطوعه استثمار لنجاحاته منذ تقديم مسلسل «الخواجة عبد القادر» الذي يمثِّل حالة خاصة جداً في هذا النوع الدرامي والفني، مُضيفاً أن استثمار النجاحات وابتكار قالب مُختلف في الدراما لتحقيق نجاح جماهيري، ثم تجاري أمر مقبول. كذلك يؤكد أن ثمة أعمالاً قدَّمت هذا النوع من الدراما بشكل سطحي للغاية مثل «مولانا العاشق»، الذي اقتصر الجانب المُضيء فيه على الاعتماد على الشيخ ياسين التهامي.

ويفيد الشناوي، أن ظهور قصائد الإنشاد الصوفي في الأعمال الدرامية ما هو إلا حالة يريد المؤلف والمخرج إبرازها.

في سياق متصل، توضح الناقدة ماجدة خير الله أن مظاهر التصوف عموماً، خصوصاً الإنشاد الديني، ليست فناً مستحدثاً، «لكن استدراج تلك الحالة في عمل درامي يأتي من قبيل «الموضة» بهدف الاختلاف عن السائد في الأعمال الدرامية سواء في الشارة أو الموسيقى التصويرية أو حتى المضمون الفني، وهو حق لأي صانع يسعى إلى تحقيق النجاح، لكن بشرط أن يخضع لمعايير تحقيق الجذب والمضمون الجيد.

وختمت: «لا يكفي الاعتماد على ظاهرة ما حققت نجاحاً أو بات لها مُستمعون لتحقيق النجاح للمُسلسل».

يحيى الفخراني أبدع في «الخواجة عبد القادر» بتجسيد الخواجة الذي يميل إلى التصوّف
back to top