تشكيل الرواد والشباب... ثنائية الأصالة والمعاصرة في القاهرة

منحوتات طارق الكومي تستلهم تفاصيل الحياة بين الجوهر والتجريب

نشر في 11-08-2017
آخر تحديث 11-08-2017 | 00:00
شهدت القاهرة أخيراً فعاليات تشكيلية عدة للرواد والشباب. وأقيم في مركز «محمود مختار الثقافي» معرض للفنانين محمد المنياوي وعادل الليثي ومصطفى خضير، واستضاف غاليري «ضي» معرض الحياة» للنحات د. طارق الكومي، وآخر استعادياً للفنان الراحل محمود أبو المجد، بحضور عدد كبير من زملائه وتلامذته وأفراد أسرته.
في إطار دعم المواهب الواعدة وتشجيعها، افتتح رئيس قطاع الفنون التشكيلية المصري د. خالد سرور، معرضاً لأعمال ثلاثة فنانين شباب، هم عادل الليثي، ومحمد المنياوي، ومصطفى خضير، في قاعة إيزيس بمركز محمود مختار الثقافي، بحضور لفيف من النقاد والفنانين ومحبي الفنون الجميلة.

ضمّ المعرض مجموعة من اللوحات في فن «البورتريه»، لوجوه مشاهير الفن والرياضة، تشي بميلاد مواهب واعدة قادرة على استكمال مسيرتها في الحركة التشكيلية المصرية، حيث تميّزت الأعمال المعروضة بتنوع التقنيات والأساليب والخامات الفنية بين الباستيل والحبر الجاف والرصاص.

وقال د. خالد سرور إن المعرض يأتي في سياق اهتمام قطاع الفنون التشكيلية المصري، بإتاحة الفرص أمام الفنانين الشباب والمواهب للعرض، وتقديم أنفسهم للجمهور، كدور محفِّز لطاقاتهم الإبداعية ولإشعارهم باهتمام المؤسسة الرسمية بقدراتهم الفنية وتشجيعها لهم، ودفعهم إلى مواصلة ممارسة الفن، واكتساب الخبرات من خلال المزج بين الأصالة والتجريب.

الكتلة والفراغ

من جهة أخرى، استضاف غاليري «ضي» معرض «الحياة» للفنان د. طارق الكومي، وضمّ مجموعة من أحدث أعماله النحتية، وجسدت مضمون الإخاء الإنساني، وتناغمت بين الأصالة والمعاصرة، والبحث عن معالجات تجريبية للأطر الكلاسيكية للكتلة، والإيحاء بحركيتها من خلال تموجات السطح، وانثناءات الأجساد، وصهرها في كيانات أحادية، لتؤكد حضورها في الفراغ.

وعن معرضه، قال الفنان د. طارق الكومي: «الطاقة إحدى مترادفات الحياة، وفي رحلتها تتحدّد مظاهر البحث، وتتّحد في جوهرها بحثاً عن سرها وطاقتها المتعددة، وأحاول في أعمالي طرح تجربتي في احتواء هذه الطاقة الكامنة، والتعبير عنها من خلال الكتلة وجدليتها مع الفراغ».

ولفت الناقد د. ياسر منجي إلى أن الكومي في معرضه «الحياة» يعالج أطروحات نحتية مألوفة لدى الذاكرة البصرية، الأمر الذي يدفعه بالضرورة إلى معالجة جديدة للتكوين والفكرة، فضلاً عن اشتراطات المعاصرة والتجديد، ليصنع تناصاً وليس اجتراراً في استلهامه أصداء أعمال محمود مختار، مثل «الفلاحة» و«كاتمة الأسرار» وبالقدر ذاته من البراعة والحنكة.

وألمح منجي إلى أن طارق الكومي في أعماله السابقة، قدّم معالجة للمنحوتة، وفق اشتراطات المحاكاة التشخيصية، وظهر ذلك خصوصاً في عمله الميداني الشهير «أم كلثوم وعبد الوهاب»، وبعدها لم يركن على اجترار رصيده المهاري، بل نراه يداوم المرة تلو الأخرى على الانسلاخ من ملامح كل تجربة، بإيقاع مغاير من دون هاجس التطوير المتعسف.

يذكر أن الفنان د. طارق الكومي أحد أبرز النحاتين في العالم العربي، وحصل على بكالوريوس كلية الفنون الجميلة في القاهرة عام 1985، ويعمل راهناً مديراً لمركز محمود مختار الثقافي، وشارك في معارض محلية ودولية عدة، من بينها «بينالي فينيسيا الدولي 2007»، وفي العام نفسه سمبوزيوم مطروح الدولي، وسمبوزيوم أسوان، وحصل على جوائز عدة، أبرزها جائزة ملتقى مسقط عمان 2000، وجائزة الدولة للإبداع، وجائزة الدولة التشجيعية، وجائزة تجميل دار الأوبرا المصرية، وله مقتنيات في متحف الفن الحديث، وداخل مصر وخارجها.

الإبداع والأسطورة

أقام غاليري «ضي» معرضاً استعادياً للراحل محمود أبو المجد (1930-2004)، ضمّ مجموعة من أهم لوحاته ومنحوتاته، وصدر عن الغاليري مجلد تذكاري عن أعمال الفنان و«اسكتشات» تنشر لأول مرة، ودراسة نقدية بعنوان «محمود أبو المجد وملاحمه الأسطورية» للفنان د. عز الدين نجيب، و«حكاية أديب مع فنان» للكاتب الراحل إحسان عبد القدوس، وأشرف على الإصدار أعضاء اللجنة المنظمة التي ضمت الفنانين هشام قنديل (مدير الغاليري)، ومحمد هشام فنديل، وشروق قنديل ومحمد شعبان.

في دراسته المطولة، لفت د. عز الدين نجيب إلى أن أعمال أبو المجد جديرة بأن توضع ضمن أعمال كبار المبدعين في جيل الستينيات، لكنه لم يذق إلا التجاهل والنسيان، وكانت مشاركاته القليلة في معارض سابقة جذبت انتباه زوار المعرض العام بمتحف الفن الحديث، إلى غرابة رؤاه الميتافيزيقية، وأسلوبه الملحمي. أخيراً، نظّم غاليري ضيّ معرضاً استعادياً للفنان، بعد تجميع أعماله من أسرته.

وانتهى نجيب إلى أن أعمال أبو المجد تميّزت بفرادتها، والحس البنائي الراسخ في التشكيل بوسيطي التصوير والنحت البارز، مستلهماً الأسطورة، ورسالة الغفران لأبي العلاء المعري، وسرديات الفنون الحضارية القديمة، بدءاً من الفرعونية إلى الآشورية واليونانية، فضلاً عن استلهامه تراث النحت الهندي في المعابد البوذية، وكلها مؤثرات نلمسها في معالجاته التكوين والكتلة، وفي تحليلاته الأشكال والرموز الفلسفية.

يذكر أن محمود أبو المجد، تخرج في كلية الفنون الجميلة بالقاهرة عام 1959، وعمل في المركز القومي للفنون والآداب، وشارك في فعاليات المعرض العام بالقاهرة خلال الأعوام 1981، و1985، و1988، وله مقتنيات رسمية في متحف الفن الحديث بالقاهرة، ومجموعات خاصة في أوروبا وكندا.

ثلاث مواهب واعدة في رسم «البورتريه» بخامات الحبر والباستيل
back to top